محتجون يطالبون بحكومة لبنانية مستقلة.. وتحرك على خط "أممي" في "انفجار بيروت"
انطلقت مسيرة احتجاجية، اليوم الثلاثاء، من منطقة المتحف في بيروت إلى ساحة الشهداء وسط المدينة، رفعت فيها شعارات تدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية مستقلّة من خارج المنظومة السياسية.
الآن من أمام المتحف في #بيروت #أخبار_الساحة pic.twitter.com/sTwVp3xd3M
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) June 15, 2021
وأطلق المحتجون هتافات تدعو إلى استعادة زخم انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول والنزول إلى الشارع بكثافة، للوقوف بوجه الطبقة الحاكمة المسؤولة عن انهيار البلاد وإفلاسها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ولا تزال تتمسك بالسلطة والمناصب على حساب معاناة الشعب اللبناني.
عضو الهيئة التأسيسية في مجموعة "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"، هادي منلا، قال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "التركيز في تحرك اليوم هو على خطورة ما وصل إليه لبنان من أزمات كارثية، ولا سيما على صعيد الأمن الاجتماعي والغذائي والدوائي، إضافة إلى طوابير الذلّ اليومية أمام محطات المحروقات ومعاناة الناس لدى بحثهم عن علبة دواءٍ أو حليب للأطفال، وغيرها من المشاهد التي تؤكد عمق الانهيار".
وتابع منلا "العناوين الأساسية لتحركاتنا تأتي من بوابة تشكيل حكومة انتقالية إنقاذية من خارج المنظومة السياسية، وإجراء تدقيق جنائي يطاول حسابات مصرف لبنان المركزي ومؤسسات الدولة ومختلف قطاعاتها".
ودعا إلى ربط ذلك "بقضاءٍ مستقلٍ يُكرِّس مبدأ شفافية التحقيقات والمحاسبة والمساءلة، منها طبعاً انفجار مرفأ بيروت، على أن تضع الحكومة المشار إليها خطة واضحة المعالم للنهوض بالبلاد اقتصادياً والتحضير للانتخابات النيابية التي ستجرى العام المقبل كطريق أساسي لإعادة إنتاج السلطة".
وشدد على أن "السلطة الحالية التي تتولى الملف الحكومي لا يمكنها إلا أن تنتجَ الأزمات وطوابير الذل"، مضيفا "كل ما نعيشه اليوم من أزمات هو بفضل ممارسات هذه الطبقة السياسية، وبالتالي فإن من يتسبّب بالانهيار لا يمكنه أن يتولى عملية الإنقاذ واتخاذ إجراءات إصلاحية، يفترض أن تدينهم وتسائلهم، فهم جميعاً في دائرة الاتهام سواء على صعيد التدقيق الجنائي أو حتى انفجار المرفأ".
وبرأي منلا فإن "السلطة المتحالفة مع المحتكرين والمتاجرين بغذاء ودواء الناس لا تسعى إلى إيجاد أي حلّ جدي للأزمة، بل وتفتعل كل هذا الحراك السياسي والتجييش الطائفي والحدية المرافقة لعملية تشكيل الحكومة بهدف إلهاء الناس وكسب الوقت لا أكثر".
من جهته، قال أدهم الحسنية، من مجلس الشؤون الإعلامية في تنظيم "لِحَقّي"، إن "المنظومة الحاكمة برئاساتها الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) وأحزابها وتجارها تتعمد الفشل وتتعمد الإفقار، ولا يمكن أن نتوقع منها أي حل مستدام وجذري".
وأضاف الحسنية "نحن نرى أن البدائل هي بالانتظام السياسي وتكتل الناس بوجه هذه الطغمة الحاكمة وخوض المواجهة السياسية في كل الساحات، النقابية والطالبية والانتخابية والاحتجاج والتظاهر، والتأسيس لتغيير سياسي مجتمعي جذري قوامه العدالة الاجتماعية والمساواة والسعي لبناء دولة عادلة، علمانية، لامركزية".
على صعيد الملف الحكومي، برز اليوم تصعيد قوي من جانب الرئيس اللبناني ميشال عون بوجه ما اعتبره "تدخلات" في عملية تأليف الحكومة واعتداء على صلاحيات رئاسة الجمهورية والدستور اللبناني، مصوباً بشكل خاص وغير مباشر على المبادرات الحكومية، ومنها مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري الثالثة من نوعها، والتي يتمسك بها "حزب الله" ويدعمها لأجلٍ غير مسمّى.
وأكدت الرئاسة اللبنانية في بيان صادر عن مكتبها الإعلامي أن "الزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة لا أفق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عنه في المادة 53 من الدستور"، أي أن مرسوم تشكيل الحكومة يصدر بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري.
في غضون ذلك، نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، تقريراً، أشارت فيه إلى إن 53 من المنظمات الحقوقية اللبنانية والدولية والأفراد و62 من الناجين وعائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت قالوا، في رسالة مشتركة، إن على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنشاء بعثة تحقيق دولية ومستقلّة ومحايدة على غرار بعثة لعام واحد لتقصي الحقائق في الانفجار الذي وقع في المرفأ في 4 أغسطس/آب 2020.
في #لبنان، في أكبر تحرك من نوعه حتى الآن، وجه ائتلاف يضم منظمات لبنانية ودولية، وناجين، وأسر ضحايا رسالة إلى "مجلس حقوق الإنسان" الأممي لإنشاء بعثة لتقصي الحقائق بشأن #انفجار_المرفأ
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) June 15, 2021
تفاصيل: https://t.co/5VMfKcc8lL pic.twitter.com/u33nytJq3a
وقالت باحثة لبنان في "هيومن رايتس ووتش" آية مجذوب: "كان لدى السلطات اللبنانية أكثر من عشرة أشهر لإظهار رغبتها وقدرتها على إجراء تحقيق ذي مصداقية في انفجار بيروت الكارثي، لكنها فشلت على كافة الأصعدة"، داعية "أعضاء مجلس حقوق الإنسان إلى فتح تحقيق دولي ومستقل في أسباب الانفجار ومن مسؤول عنه، استجابة لطلبات عائلات الضحايا والشعب اللبناني بالمحاسبة".
وأضافت مجذوب "لم يكن انفجار بيروت حدثاً منعزلاً أو غريباً، بل كان مثالاً مأساوياً للغاية عن تأثير عقود من الفساد وعدم الكفاءة والإفلات من العقاب وسوء الإدارة من قِبل النخبة الحاكمة اللبنانية، على حقوق الإنسان"، مشددة على إنه "من دون محاسبة عن هذا الانفجار، لا يوجد ما يحول دون وقوع كارثة أخرى".