محاولة جديدة لحل أزمة محافظ كركوك العراقية: هل ينجح حراك السوداني؟

03 يونيو 2024
السوداني يترأس اجتماع القوى السياسية في كركوك، 29 مايو 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- كركوك العراقية تشهد ترقباً لمفاوضات جديدة بقيادة السوداني لحل أزمة منصب المحافظ، معقدة بالتنافس بين القوى العربية والكردية بعد انتخابات أظهرت تقارباً في المقاعد.
- الحلول المقترحة تشمل تقاسم منصب المحافظ أو تعويض الكرد بمناصب أخرى، مع غموض في إمكانية التوصل لاتفاق واحتمال تعيين محافظ من خارج القوى المتنافسة كحل أخير.
- التعقيدات تبرز في تمسك كل مكون بالمنصب وصعوبة التوصل لحل، مع محدودية التفاؤل بتقدم أو تنازلات لإنهاء الأزمة، مؤكدة على البعد القومي وتأثيره على التعايش السلمي.

تترقب الأوساط السياسية في العراق هذا الأسبوع جولة مفاوضات جديدة لحسم أزمة محافظ كركوك المحلية، شمالي البلاد، إذ ما زالت المحافظة المتنوعة قومياً ودينياً منذ سبعة أشهر تشهد خلافات حادة بشأن منصب المحافظ الذي تتنافس عليه القوى السياسية العربية والكردية. وشهد العراق في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أول انتخابات محلية منذ عام 2013، وجرى اختيار الحكومات المحلية لثلاث عشرة محافظة، بينما تتواصل الأزمة السياسية في محافظاتي كركوك وديالى، شمال وشرقي البلاد، بسبب الخلافات بين القوى الفائزة بالانتخابات حول منصب المحافظ الذي يتيح له الدستور العراقي صلاحيات إدارية وأمنية واسعة ضمن نطاق المحافظة.

سيناريوهات لحل أزمة محافظ كركوك

والأحد، عبّرت مصادر سياسية في محافظة كركوك، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن أملها بأن يُنظّم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني جولة مفاوضات جديدة لقوى محافظة كركوك السياسية، لبحث الأزمة والسعي للتوصل إلى اتفاق، فيما قال عضو في مجلس المحافظة لـ"العربي الجديد"، إن سيناريوهات عديدة مطروحة لحل الأزمة، منها أن يكون المحافظ من المكون العربي لمدة عامين، وعامين من المكون الكردي، وسيناريو آخر يذهب إلى منح المنصب للقوى العربية مقابل مناصب مهمة أخرى للقوى الكردية، معتبراً أن أي مؤشرات بشأن قرب الحسم غير متوفرة، لكن محاولة السوداني الجديدة تندرج ضمن "مساعي بغداد لحل قضية كركوك، والاتجاه إلى حسم أزمة ديالى المماثلة".

وبشأن المخاوف من فشل الجولة الجديدة من الحوار، قال إن "الحكومة العراقية بصفتها سلطة أعلى يمكن أن تتخذ قراراً بتسمية محافظ كركوك لتسيير الأعمال من خارج القوى المتنافسة حالياً، لكن هذا خيار أخير بطبيعة الحال". وبسبب التقارب في عدد المقاعد التي حصل عليها المكونان العربي والكردي في مجلس المحافظة الجديد، تفاقمت الأزمة، إذ لا يمتلك أي منهما الأغلبية التي تؤهله للفوز بمنصب المحافظ، فالقسمة الانتخابية بمجلس المحافظة الجديد يجعلهما أمام خريطة قومية، تتضمن سبعة مقاعد للأكراد (من الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، و6 للعرب، واثنين للتركمان، مقابل مقعد للمسيحيين حصلت عليه حركة بابليون المسيحية.

وينحاز المكون التركماني للأحزاب العربية في الأزمة الحالية، لكن حتى مع التصويت فإن الأغلبية المريحة التي تنص على اختيار المحافظ غير متوفرة بسبب ذهاب المكون المسيحي باتجاه القوى الكردية. والأربعاء الماضي، تَرأس السوداني اجتماعاً ثالثاً للقوى السياسية الممثلة لمكونات المحافظة. ووفقاً لبيان لمكتبه، فإن "الاجتماع شهد استعراض الجهود والمشاورات المبذولة لتشكيل الحكومة المحلية، من أجل الحفاظ على التعايش السلمي والتآخي بين أطياف كركوك، دون إقصاء أو تهميش".

وفي وقت سابق، أقرّ عضو تحالف "عزم" العربي في كركوك عزام الحمداني بصعوبة التوصل إلى حل لأزمة تشكيل حكومة كركوك، وقال في تصريح متلفز إن "مكونات المحافظة متمسكة بمنصب المحافظ، وهذا ما يُعقد الأزمة"، مشيراً إلى "وجود معادلتين في المحافظة، معادلة الشارع ومعادلة القوى السياسية.. معادلة الشارع تمتلك صوتاً أقوى من صوت القوى والأحزاب السياسية، فالشارع العربي يريد حصول العرب على منصب المحافظ، والشارع الكردي كذلك يريد إعادة المنصب للكرد، كما أن الشارع التركماني يريد من جهته دوراً بإدارة المحافظة".

وشدد على صعوبة التوصل إلى حل  أمام هذه المعادلة، على اعتبار أن "أي تنازل من أي مكون سيتهم من قبل شارعه بالخيانة، لذلك التجأت القوى إلى السوداني لتكون بمنأى عن تلك الاتهامات"، مشيراً إلى أنه "لا يصلح الحل إلا من قبل بغداد". ووفقاً لعضو الجبهة التركمانية خضر الأغا، فإن "عقد مجلس المحافظة الجديد جلسة رسمية له متوقع بعد التوافق حول انتخاب محافظ جديد، وهو ما لم يتم لغاية الآن"، معرباً عن عدم تفاؤله في وجود أي تقدم أو إمكانية تقديم أي طرف من الأطراف تنازلات حقيقية لإنهاء الأزمة، التي وصفها بأنها ذات بعد قومي.

وأفرزت الانتخابات الخاصة بمجلس محافظة كركوك مجلساً مكوناً من 16 عضواً موزعين على ستة للعرب وسبعة للأكراد، واثنين للتركمان، ومقعد واحد للمكون المسيحي، ويفرض القانون انتخاب المحافظ الجديد بأغلبية مريحة بواقع النصف زائداً واحداً، وهو ما لا يمكن توفيره حالياً بخريطة توزيع مقاعد كركوك، أي أن الفائز يجب أن يحصل على تسعة أصوات من أعضاء مجلس محافظة كركوك.

يذكر أن محافظة كركوك أجرت أول انتخابات عام 2005، وفي 18 يناير/كانون الثاني 2023، شهدت إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ونال الكرد فيها سبعة مقاعد، وانضمت إليهم كتلة بابليون التي فازت بمقعد الكوتا، ليصبح مجموع المقاعد ثمانية، وفي المقابل نال العرب ستة مقاعد، فيما حصل التركمان على مقعدين.

وكان محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد الجبوري قد دعا في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، الفائزين بعضوية مجلس المحافظة لعقد أول اجتماع للمجلس في الأول من فبراير/شباط الماضي لاختيار رئيس مجلس المحافظة ونائبيه، وانتخاب المحافظ ونائبيه، إلا أن الخلافات حالت دون حسم انتخاب المحافظ.