عبّرت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان عن قلقها العميق من أن يؤدي الجمود السياسي الحالي إلى تفاقم تآكل مؤسسات الدولة، وتقويض قدرة لبنان على مواجهة التحديات الاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية، والإنسانية الملحّة التي يجابهها، وذلك بعد مرور 8 أشهر من دون رئيس، ومن دون حكومة كاملة الصلاحيات.
وإذ أسفت مجموعة الدعم الدولية لعدم انتخاب رئيس للبنان بعد 12 جلسة انتخابية غير حاسمة، حثّت القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمّل مسؤولياتهم، وإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية، من خلال انتخاب رئيس جديد من دون مزيدٍ من التأخير.
وأشارت في بيان اليوم الجمعة إلى أن أي استمرار للوضع الراهن غير المستدام لن يؤدي إلا إلى إطالة وتعقيد مسيرة تعافي لبنان، فضلاً عن تفاقم المصاعب التي يواجهها الشعب.
إن مجموعة الدعم الدولية من أجل #لبنان إذ تأخذ علماً بالتصويت الذي جرى يوم 14 حزيران في البرلمان، فإنها تأسف لعدم انتخاب رئيس للبنان بعد اثنتي عشرة جلسة انتخابية غير حاسمة.
— UNSCOL (@UNSCOL) June 16, 2023
لقراءة البيان الكامل 👇https://t.co/4m7yVpCFcH
كذلك، حثّت مجموعة الدعم الدولية السلطات اللبنانية على المسارعة إلى اعتماد وتنفيذ خطة إصلاحية شاملة، لوضع البلاد على مسار التعافي والتنمية المستدامة، مؤكدة استمرارها بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه.
وتضم مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان؛ الأمم المتحدة، وحكومات الصين، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الروسي، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وقد أُطلقت في سبتمبر/ أيلول 2013 من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، من أجل حشد الدعم والمساعدة لاستقرار لبنان وسيادته ومؤسسات دولته.
وعجز البرلمان اللبناني أول من أمس الأربعاء، في الجلسة رقم 12، عن انتخاب رئيس للبلاد، بينما يتريّث رئيسه نبيه بري في تحديد موعدٍ جديدٍ بانتظار تبلور الحراك الإقليمي والدولي، واستنباط ردود فعل القوى السياسية من الحوار الوطني الذي يرى بري وحليفه "حزب الله" أنه أساسٌ لوضع حدٍّ للشغور الرئاسي المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويتمسّك بري و"حزب الله" بدعم ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي حاز في الجلسة الأخيرة على 51 صوتاً، ويقطعان الطريق على انعقاد الدورة الثانية، من خلال تعطيلهما نصاب الـ86 نائباً، وسط مخاوف من حيازة مرشح القوى المعارضة لفرنجية، وزير المال السابق جهاد أزعور، على 65 صوتاً المطلوبة لفوزه في الدورة الثانية.
في المقابل، رغم خروج بعض نواب "قوى المعارضة" عن قرارهم بالتصويت لأزعور أثناء الجلسة، ما خفّض عدد الأصوات التي حصل عليها إلى 59 (من دون احتساب أخطاء التصويت التي تجاهلها بري)، بينما كان يضمن أكثر من 62 صوتاً، إلا أن هذا الفريق لا يزال يؤكد دعمه لمرشحه، علماً أن التباينات لا تزال موجودة، ولا سيما على ضفتي المستقلّين والتغييريين، الذين كان أكد بعضهم أن أزعور هو مرشحهم لمرة واحدة، ولا يتناسب مع تطلعاتهم، كونه ابن المنظومة السياسية، في مشهدية يستغلّها "حزب الله" و"حركة أمل" (يرأسها بري) للقول إن مرشحهما هو الوحيد الجدي للرئاسة، بينما أزعور ليس إلّا أداة لإلغاء فرنجية.
اقتراح إجراء انتخابات نيابية مبكرة
وفي سياق متصل بالأزمة الرئاسية، اقترح نائب رئيس مجلس النواب، الياس بو صعب، على رئيس البرلمان نبيه بري، البدء بالتفكير بانتخابات نيابية مبكرة، طالما أن المجلس الحالي عاجز عن انتخاب رئيس.
وأتى اقتراح بو صعب خلال لقائه رئيس البرلمان في مقرّه، عين التينة – بيروت، اليوم الجمعة، وقال أيضاً إن "بري لم يعترض على هذا الكلام، وأجاب لنرى ما سيحصل في الفترة المقبلة".
كذلك، أشار بو صعب إلى أن ما عرفه من بري أن الحوار هو الباب الأفضل، ولكن إذا كان الفرقاء لا يريدون الحوار، فهو مستعدٌ للدعوة إلى جلسة انتخاب جديدة.
العين على لقاء ماكرون - بن سلمان
وعلى المقلب الخارجي، تتجه الأنظار إلى لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اليوم الجمعة، في باريس، خصوصاً أن الملف الرئاسي اللبناني سيكون على طاولته، ومن المتوقع أن يحمل نتائجه إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان.
وقال مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد" إن "باريس قلقة إزاء الوضع اللبناني، خصوصاً بعد الجلسة رقم 12، والتعطيل المستمرّ لانتخاب الرئيس، ما يحتّم على القادة السياسيين في البلاد الجلوس معاً ووضع خلافاتهم جانباً لمصلحة لبنان والشعب اللبناني".
وأشار المصدر إلى أن "لا اسم تحمله فرنسا لرئاسة لبنان، بل هي تبادر لأجل إيجاد حلٍّ أو خرق، ما يقرّب بين المسؤولين السياسيين في البلاد، وذلك بالتعاون مع الدول المعنية في الملف اللبناني، والتي سبق أن أكدت هي الأخرى عدم التدخل في ما هو شأنٌ لبنانيٌّ، بينما توقّفت عند مواصفات طبيعية يفترض أن تتوفر في الرئيس، خصوصاً لناحية علاقاته مع الخارج، وقدرته على وضع خطة إنقاذية إصلاحية، إلى جانب الحكومة الجديدة التي ستشكل بعد انتخابه".
ولفت المصدر إلى أن "الموفد الفرنسي سيلتقي جميع القادة السياسيين في البلاد، وستكون له رسالة واضحة وصريحة من خطورة استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، ولا سيما اقتصادياً، ومن خطورة التعطيل المتعمّد الممارس من قبلهم، والذي يقطع الطريق أمام الدعم الخارجي المالي لنهضة الاقتصاد اللبناني".
وحول ما إذا كان هناك اتجاه لفرض عقوبات على المسؤولين عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، قال المصدر "العقوبات أداة يمكن اللجوء إليها في أي وقتٍ، وسبق أن أطلقت تنبيهات بهذا الإطار وهي جدّية".
وسُلِّط الضوء على فرنسا في الأوساط الإعلامية والسياسية بدعمها ترشيح فرنجية للرئاسة، ضمن مبادرة تأتي أيضاً بالدبلوماسي نواف سلام لرئاسة الحكومة، لكنها قوبلت بالرفض من قبل معارضي "حزب الله"، وأكبر تكتلين برلمانيين مسيحيين، الأمر الذي أسقطها، من هنا يُتوقع أن تحمل باريس مبادرة رئاسية جديدة، علماً أن الإليزيه أكّد في أكثر من مناسبة أنه لم يدخل في لعبة الأسماء، نافياً هذا السيناريو.