شهدت الأسابيع الماضية ظهوراً إعلامياً غير مسبوق للمجموعات القبلية، المساندة لقوات الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، وهي تابعة لاتحاد قبلي أسّسه إبراهيم العرجاني، رجل الأعمال المقرب من دوائر الاستخبارات المصرية، بالتزامن مع بدء عودة الأهالي المهجرين إلى قراهم المدمرة في نطاق مدينة الشيخ زويد. ورافق هذا الظهور، عمليات قتل متعمدة لمدنيين خارج إطار القانون.
نشر اتحاد قبائل سيناء مشاهد لمدنيين تم قتلهم على يد عناصره
وبدأ ظهور المجموعات المساندة للجيش، في إبريل/نيسان 2017، حين وقعت المواجهة الأولى بينها وبين تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، في نطاق منطقة البرث جنوب رفح. وأدت في بداياتها إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف هذه المجموعات.
إلا أن وجود هذه المجموعات تعاظم مع مرور الوقت، حتى أصبحت تقدر بالمئات، وينتشر عناصرها في مناطق واسعة، امتداداً من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، مروراً بمدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، وصولاً إلى القنطرة حيث قناة السويس، وباتجاه الجنوب، حيث مناطق وسط سيناء، كالمغارة وجبل الحلال والحسنة وغيرها.
قتل بحجة الإرهاب
وأخيراً، نشر اتحاد قبائل سيناء، وهو "تجمّع من أبناء القبائل المتعاونة مع السلطات المصرية في العمليات الأمنية بشمال سيناء"، عبر صفحته على "فيسبوك" وموقعه الإلكتروني، وكذلك حسابات العاملين فيه والمقربين منهم، مشاهد لمدنيين قُتلوا على يد عناصر الاتحاد، بزعم أنهم إرهابيون، ويعملون في تنظيم "داعش"
وظهرت في المشاهد عمليات التنكيل بجثث القتلى، والتجول بهم بواسطة سيارات الجيب، التي منحتهم إياها قوات الجيش، في ظل منع المدنيين من ركوب جيبات الدفع الرباعي في شمال سيناء، عدا المتعاونين مع الجيش.
كذلك ظهرت مشاهد قتل مسن مصري كان في "عشة" بمنطقة العجراء جنوب رفح، بالإضافة إلى قتل شابين جنوب مدينة الشيخ زويد، بالتزامن مع عودة الأهالي إلى قراهم.
ورصد عدد من المهجرين العائدين إلى القرى، تكرار حدوث هذه العمليات، بحضور الجيش المصري وأمام ناظريه، ما يشير، وفقاً لتقدير هؤلاء، إلى أن هذه المجموعات القبلية، التي قوامها شباب مدنيون من سكان المحافظة، "حملوا السلاح تقرباً من قوات الجيش، وطمعاً في الاستفادة من العلاقة بالضباط، ولديهم صلاحيات واسعة بالقتل والإصابة والاعتداء على المدنيين بلا أي رادع".
تنكيل وقتل تحت مرأى الجيش المصري
وفي التعقيب على ذلك، قال أحد مشايخ شمال سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن "تغول المجموعات المدعومة من قوات الجيش على المدنيين، والوصول إلى مرحلة القتل العلني، والتنكيل بالقتلى على مرأى ومسمع الجيش وضباطه، بل على مسمع مصر كلها في ظل نشر فيديوهات القتل على مواقع التواصل الاجتماعي، يعني أننا دخلنا مرحلة غير مسبوقة من إعطاء الصلاحيات".
وأضاف: "اعتدنا من هؤلاء المتعاونين مع الجيش البلطجة والنهب والسرقة، والوشاية الكاذبة عن المواطنين، تمهيداً لاختطافهم، وكذلك إجبار بعض المواطنين على دفع المبالغ المالية مقابل حمايتهم، أو الاتجار بالحبوب المخدرة والممنوعات، أما أن يصل بهم الحد إلى قتل المواطن المصري بشكل همجي، ومن دون أي مراعاة للحقوق والقانون، يعني أن سيناء باتت غابة، الناس فيها فرائس للجيش والمتعاونين معه".
شيخ قبلي: حالة من الرعب تدب في نفوس المواطنين في سيناء
وأضاف الشيخ القبلي، الذي رفض الكشف عن اسمه لوجوده في سيناء، أن "حالة من الرعب تدبّ في نفوس المواطنين في سيناء، بعد المشاهد الأخيرة التي عرضها ما يسمى اتحاد قبائل سيناء، وإمكانية تعرّض أي مواطن للقتل على يد هذه المليشيات تحت أي سبب كان. والتهمة جاهزة والكاميرات مصوبة نحو الجثث، كما الرصاص".
واعتبر أن هذا "يستدعي موقفاً وطنياً جامعاً لكبح جماح هذه المليشيات غير القانونية، التي فيها تعدٍّ على حق المواطن في الحياة والعيش بكرامة. ففي الوقت الذي هدأت فيه قوات الجيش عن الإضرار بالمواطن في سيناء، وإيذائه بشكل متعمد، ظهرت المليشيات لتقوم بالدور نفسه، وتعريض حياة المئات من المواطنين لخطر القتل، أو الاختطاف، من دون أي ذنب".
وأشار إلى أن "المشاركين في هذه المجموعات منبوذون وسط المواطنين، ولا يجدون قبولاً لهم، بينما يضطر البعض إلى مجاملتهم والهتاف لهم، درءاً للأذى".
تبني اتحاد قبائل سيناء لعمليات قتل واعتقال
وعلى مدار الأسابيع الماضية، نشر الاتحاد بيانات عدة عبر صفحته على "فيسبوك"، لتبني عمليات قتل واعتقال. منها ما قال فيه، مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي، إن "مجموعة من نخبة مقاتلي اتحاد قبائل سيناء، بغطاء جوي وميداني من تشكيلات القوات المسلحة المصرية... تم بحمد الله إيقاع قياديَّين تكفيريَّين في كمين محكم، وإلقاء القبض عليهما حيَّين، بكامل معداتهما وعتادهما".
وفي بيان ثانٍ، قال الاتحاد إنه تمّ "القضاء على مهندسي زرع العبوات الناسفة على طرق الحملات والإمدادات الخاصة بمقاتلي القبائل والجيش"، وأنه عُثِر على عشرات العبوات المعدة للتفجير، وحمولة مواد متفجرة قاربت الطن، وسلاح وعتاد وأجهزة اتصال لاسلكي. ونشر الاتحاد عدة صور للقتلى.
وبعد أيام، أعلن الاتحاد تمكُن عناصره من "اصطياد تكفيريين خطيرين، كانوا قد أُعدّوا لتفجير أنفسهم بمهاجمة كمائن الجيش والشرطة، إذ جرى الاشتباك مع الإرهابيين من النقطة الصفر، وتكللت المهمة بنجاح". ونشر صورة قتيلين، بينهما مسنّ.