مجلس عسكري جديد لفصائل إدلب بعيداً عن هيمنة الجولاني

31 أكتوبر 2020
المجلس خطوة لتفكيك هيئة تحرير الشام (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل تحركات الفصائل العسكرية في منطقة إدلب ومحيطها في شمال غربي سورية، حيث تجري استعدادات لتوحيد الجهود العسكرية لمواجهة أي تصعيد محتمل من جانب النظام السوري وروسيا من جهة، ولإعادة ترتيب وهيكلة الوضع العسكري باتجاه التخلص من أعباء وصم إدلب بالإرهاب من جهة ثانية، وهي الذريعة التي ترفعها روسيا لمواصلة استهداف المنطقة. ويبدو أنّ الفصائل تستشعر ضرورة القيام بهذه الخطوات في ظلّ التعثر المستمر في تطبيق التفاهمات الروسية التركية، والشكوك والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، وآخر ذلك استهداف الطيران الروسي لـ"فيلق الشام" المقرب من تركيا، ما أدى إلى مقتل العشرات من عناصره.
وعلى الأرض، دارت اشتباكات أمس الجمعة بين الفصائل المسلحة وقوات النظام السوري على محور حرش بينين في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد محاولة قوات الأسد التقدم على المحور. وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد "، أنّ الفصائل تمكنت من صدّ المتسللين وقتل اثنين منهم وإصابة عدد آخر بجروح، فيما أصيب 4 مقاتلين من الفصائل، خلال الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وتزامنت مع تحليق طائرات الاستطلاع الروسية.

أخلت القوات التركية نقطة المراقبة العسكرية التابعة لها في قرية شير مغار في جبل شحشبو بريف حماة الشمالي الغربي

وميدانياً أيضاً، أخلت القوات التركية نقطة المراقبة العسكرية التابعة لها في قرية شير مغار في جبل شحشبو بريف حماة الشمالي الغربي، وهي النقطة الثانية التي يتم إخلاؤها في المنطقة بعد نقطة مورك في شمال حماة التي أخلتها في وقت سابق، تنفيذاً لاتفاق مع روسيا بشأن سحب النقاط الموجودة في مناطق سيطرة النظام. ونقل الجيش التركي الجنود والأسلحة والآليات الموجودة في نقطة شير مغار، إلى القاعدة العسكرية الجديدة التي أقامها على تلة استراتيجية قرب قرية قوقفين جنوب إدلب.
في غضون ذلك، تتزايد وتيرة الحديث عن اعتزام الفصائل العسكرية في محافظة إدلب الإعلان قريباً عن تشكيل مجلس عسكري يضم أبرز الفصائل في المنطقة. وحسب الناشط الإعلامي طاهر العمر، المقرب من "هيئة تحرير الشام"، عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّه تمّ بالفعل تشكيل مجلس وغرفة عمليات عسكرية مشتركة في إدلب وريف حلب تحت قيادة فصائل "هيئة تحرير الشام" و"فيلق الشام" و"أحرار الشام".
ووفق العمر، فإنّ المجلس سيضم فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير" و"هيئة تحرير الشام"، و"أحرار الشام"، وسينقسم إلى مجموعات عسكرية يصل عديد كل منها إلى 500 مقاتل. ومن الأسماء المرشحة لقيادة المجلس، القائد العسكري لحركة "أحرار الشام" النقيب عناد درويش الملقب بـ"أبو المنذر"، (المشارك في حركة التمرد داخل الحركة)، وعن "هيئة تحرير الشام" القيادي الملقب بأبو الحسن الحموي.

وكانت خلافات داخلية اندلعت داخل فصيل "أحرار الشام" قبل أيام، انتهت بسيطرة الجناح العسكري في الحركة على مقرات الأحرار بمدن أريحا وبنش وكفريا بمساندة من "هيئة تحرير الشام" ضدّ التيار الثاني في الحركة والذي يقوده قائدها العام جابر علي باشا. وعلى الأثر عزلت الحركة أبو المنذر من منصبه.
وبحسب المعلومات، فإنّ تأخر إعلان المجلس العسكري يعود إلى الخلافات داخل حركة "أحرار الشام"، وهو ما أدى إلى تدخل تركيا وقيامها بالضغط على الأطراف المختلفة لحل الخلافات، من خلال ترشيح ستة أشخاص لتولي قيادة الحركة، يمثلون طرفي النزاع داخل الحركة مناصفة.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال القيادي في "لواء المعتصم" ضمن "الجيش الوطني السوري"، مصطفى سيجري، إنّ المجلس العسكري الجديد هو "محاولة لتوحيد كل القوى العسكرية في إدلب بهدف ترتيب البيت الداخلي، وإبعاد الشخصيات المدرجة على لوائح الإرهاب الدولية، وقطع الطريق أمام الذرائع الروسية بأن المنطقة حاضنة لهيئة تحرير الشام المدرجة على قوائم الإرهاب".

تأخر إعلان المجلس العسكري يعود إلى الخلافات داخل حركة "أحرار الشام"

وأضاف سيجري: "أبو محمد الجولاني (قائد هيئة تحرير الشام) يحاول السيطرة على المجلس العسكري عبر مجموعة من الشخصيات الموالية له، وقد تدخل في التمرد داخل أحرار الشام والسيطرة على مقرات وتسليمها للمجموعة المتمردة وعلى رأسها حسن صوفان (القائد السابق لأحرار الشام) والنقيب أبو المنذر، إضافة إلى قطع التواصل بين منطقتي سيطرة الهيئة والجيش الوطني بهدف منع انتقال القيادات بين المنطقتين".
وحول الدور التركي في ما يجري، قال القيادي المقرب من تركيا إنّ "الأخيرة داعمة للمجلس العسكري لقطع الطريق على الروس وتحجيم دور القيادات المصنفة ضمن قوائم الإرهاب، وكخطوة لتفكيك هيئة تحرير الشام". وأكد سيجري أنّ "القوى الثورية لن تقبل بخضوع المجلس لهيئة تحرير الشام، ولن يكون مظلة لإعادة انتاج الهيئة التي قضت على أكثر من 20 فصيلاً من الجيش الحر، وسلمت مناطق كثيرة للنظام السوري، ولا يمكن السماح للجولاني بامتطاء المجلس العسكري المزمع إقامته".
وكانت "هيئة تحرير الشام" أنهت في أواخر يوليو/تموز الماضي غرفة عمليات "فاثبتوا" التي شكلها تنظيم "حراس الدين" عقب اشتباكات استمرت لأيام انتهت بسيطرة الهيئة على أهم معاقل "الحراس" في قرية عرب سعيد، واعتقال العديد من قادة التنظيم.
إلى ذلك، ذكرت مصادر في "الجبهة الوطنية للتحرير"، لـ"العربي الجديد"، وجود جهود لترتيب غرفة عمليات "الفتح المبين"، التي تضم "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير" و"جيش العزة"، وإعادة هيكلتها باتجاه تشكيل بعض الألوية والكتل العسكرية من جميع الفصائل، وذلك بهدف زيادة قدرة الفصائل على التصدي لأي عملية عسكرية قد تقدم عليها قوات النظام وروسيا في المنطقة.
وفي سياق متصل، اجتمع رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، نصر الحريري، أول من أمس الخميس، مع مجموعة من ضباط "الجيش الوطني" بريف حلب، وبحث معهم التصعيد الأخير في إدلب واستهداف الطيران الروسي معسكراً لـ"الجبهة الوطنية للتحرير" في جبل الدويلة. وقال بيان للائتلاف إنّ الاجتماع تناول الآثار المترتبة على استهداف المعسكر، واحتمالية أن يؤدي ذلك إلى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في مارس/آذار الماضي بين روسيا وتركيا، في ظلّ التهديدات بشنّ عملية عسكرية جديدة من قبل قوات النظام. وقال الحريري إنّ الائتلاف "سيقوم بالتنسيق مع شركائه في تركيا والولايات المتحدة لمنع تكرار مثل تلك الحوادث"، معتبراً أنّ "روسيا تعمل على إيجاد الذرائع لشن عملية عسكرية جديدة في المنطقة".

المساهمون