قرر مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، بعد ستة أشهر من منحها الثقة لممارسة مهامها، فيما رفض المجلس الأعلى للدولة إجراءات سحب الثقة من الحكومة، واعتبر هذا الإجراء باطلاً لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، كما اعتبر كل ما يترتب عليها باطلًا.
يرفضُ المجلس الأعلى للدولة إجراءات سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنيّة، ويعتبرها باطلةً لمخالفتها الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، ويعتبر كل ما يترتب عنها باطلًا.
— محمد عبدالناصر Mohammed Nasser (@MohamedNasserbn) September 21, 2021
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أن النواب صوتوا بالأغلبية على قرار سحب الثقة من الحكومة، خلال جلسة اليوم الثلاثاء، التي شارك فيها 113 نائباً.
واستأنف مجلس النواب جلسته اليوم الثلاثاء، بعد أن قرر أمس تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع الحكومة "في الاتفاقيات والتكليفات والقرارات التي اتخذتها في عدد من الملفات على أن تنجز اللجنة أعمالها في غضون أسبوعين"، بحسب بليحق في بيان مصور، مضيفا أن المجلس قرر أيضا تعليق جلسته إلى اليوم لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية.
وفيما يبدو ردّ على الجدل الحاصل حول حقيقة توفر نصاب سحب الثقة من الحكومة، قال بليحق، لوسائل إعلام ليبية، إن عملية التصويت تمت برفع أيدي النواب المشاركين في الجلسة وبلغ عددهم 89 نائبا، مؤكداً أنه النصاب الذي تنص عليه لوائح المجلس الداخلية لسحب الثقة من الحكومة.
وعلى الرغم من قرار تشكيل لجنة للتحقيق مع الحكومة وتكليفها بإنجاز التحقيق في غضون أسبوعين، إلا أن رئاسة المجلس لم تنتظر نتائج التحقيق وأدرجت بند التصويت على سحب الثقة من الحكومة في جدول أعمال جلسة اليوم مرة أخرى، بعد أن فشلت بالأمس في طرحه للتصويت لغياب النصاب القانوني.
وتحفظ المتحدث الرسمي باسم حكومة الوحدة الوطنية، محمد حمودة، في حديث لــ"العربي الجديد"، على التعليق على قرار مجلس النواب، مشيراً إلى أنه من السابق لأوانه التعليق على القرار.
ونالت حكومة الوحدة الوطنية، المكونة من 29 وزيرا وستة وزراء للدولة وبرئاسة عبد الحميد الدبيبة، ثقة مجلس النواب في 10 من مارس/آذار الماضي، قبل أن تؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، بمقره في طبرق شرق البلاد، منتصف ذات الشهر.
واختار ملتقى الحوار السياسي، في فبراير/شباط الماضي، الدبيبة ضمن قائمة القائمة الفائزة في انتخابات السلطة التنفيذية، والتي تضم محمد المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي، وموسى الكوني وعبد الله اللافي نائبين للمجلس.
وخلال المدة الماضية، طفت خلافات متصاعدة على سطح العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب، بدأت بامتناع مجلس النواب عن المصادقة على مقترح الميزانية المقدم من الحكومة لأكثر من مرة، قبل أن ترتفع الخلافات لدرجة اتهام الدبيبة للمجلس بـ"عرقلة الحكومة بشكل مستمر ومتعمد لأسباب واهية وغير صحيحة"، على خلفية مطالبته بالمثول أمامه للاستجواب حول تقصير حكومته في أعمالها، وسط وعيد من رئيس المجلس عقيلة صالح بسحب الثقة منها.
وإثر استجابة الحكومة لطلب المثول لمساءلة الحكومة، أصدر مجلس النواب عدة قرارات متلاحقة بشأن الحكومة، منها عقد جلسة لتقييم ردود الدبيبة وفريقه الوزاري على أسئلة النواب، وأخرى بشأن النظر في طلب تقدم به 45 نائبا لسحب الثقة من الحكومة.
ووسط جدل وخلافات بين النواب حيال حسب الثقة من الحكومة وتداعياته، أعلنت رئاسة المجلس عن تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع الحكومة، قبل أن تعلن اليوم بشكل مفاجئ عن سحب الثقة منها دون انتظار نتائج تحقيق اللجنة البرلمانية.
المجلس الأعلى للدولة يرفض سحب الثقة من الحكومة
أعلن المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للدولة محمد بن عبد الناصر عن رفض المجلس الأعلى لقرار مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، مؤكداً أن المجلس يعتبر أن القرار باطل لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي "وكل ما يترتب عليه باطل".
وحول ملابسات صدور قرار سحب الثقة، أوضح عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة بأن قضية الحكومة وضرورة الفصل في وضعها لم يغادر جدول أعمال جلسات مجلس النواب، مؤكداً أن مناقشتها مجددا اليوم جاء بطلب من أغلبية أعضاء المجلس.
وحول ما سيحدث بعد هذا القرار، قال أوحيدة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن رئاسة المجلس ستطرح خلال ما تبقى من جلسة اليوم أو في جلسة أخرى تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال بناء على المادة 194 في اللائحة الداخلية لمجلس النواب. وتنص المادة 194 من لائحة مجلس النواب الداخلية، والخاصة بتنظيم صدور القرارات على أنه "إذا قرر البرلمان سحب الثقة بأغلبية أعضائه عدت مستقيلة وتستمر في تسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة".
30 نائبا ليبيا لإصدار بيان حول امتناعهم عن التصويت في جلسة سحب الثقة
يستعد ثلاثون عضواً من أعضاء مجلس النواب لإصدار بيان للتأكيد على امتناعهم عن التصويت على سحب الثقة من الحكومة، وفقا لتصريح عضو المجلس عمار الأبلق.
واتهم الأبلق، في تصريح لــ"العربي الجديد"، رئاسة المجلس بقيادة عقيلة صالح بتزوير عملية التصويت، موضحاً أن "سجل الحضور يؤكد توقيع 113 نائباً، وثلاثين من أعضاء المجلس لم يصوتوا لقرار سحب الثقة". وتساءل "من أين جاء 89 صوتاً الذين قرر على أساسهم عقيلة صالح سحب الثقة من الحكومة.
وشدد على أن "عقيلة صالح لا يزال مصراً على تجاوز الاتفاق السياسي الذي تم تضمينه في الإعلان الدستوري ويطالب بنصاب 120 صوتاً لسحب الثقة من الحكومة ويعمل وفق لوائح داخلية للمجلس تفرض ضرورة توفر 86 صوتا"، مشيراً إلى أن لوائح المجلس الداخلية تم التلاعب بها من خلال تعديلها أكثر من مرة دون توفر نصابها القانوني هي الأخرى.