رحبت الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع بالبيان الختامي لقمة دول جوار السودان، التي عُقدت اليوم الخميس في العاصمة المصرية القاهرة.
وكانت قمة دول الجوار قد عُقدت بمشاركة كل من مصر وأفريقيا الوسطى وتشاد وإريتريا وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية، لبحث كيفية معالجة الأزمة السودانية.
وذكر البيان الختامي أن المشاركين "توافقوا على الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة وقف التصعيد والتزام الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات، وتأكيد الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة، بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها".
وحذر البيان من "تفكك الدولة السودانية أو تشرذمها، وانتشار عوامل الفوضى، بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، وهو الأمر الذي ستكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل".
وشدد كذلك على "أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل، يأخذ بالاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عنه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطاً إضافياً على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمّل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسؤوليتهما في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي أُعلنَت في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، الذي عقد يوم 19 يونيو/حزيران الماضي بحضور دول الجوار".
وفي أحدث ردود الأفعال على القمة ونتائجها، أصدر مجلس السيادة بياناً ذكر فيه أن حكومة السودان ترحب بالمخرجات التي وصفتها بـ"الهامة"، والتي "ترمي إلى استعادة الاستقرار والأمن في ربوع البلاد"، وأشادت بدول الجوار "التي أبدت مواقف داعمة لأمن واستقرار السودان والحفاظ على وحدته وسلامته وسيادته، ودعمها لشعب السودان لتجاوز هذه المحنة".
وشكر البيان "السعودية لمسعاها المتواصل من خلال منبر جدة، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية، من أجل دعم وقف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين".
وأكد البيان حرص حكومة السودان على "العمل مع كل الأطراف الساعية لوقف الحرب وعودة الأمن والطمأنينة للسودان"، كذلك أكد أن "القوات المسلحة السودانية مستعدة لوقف العمليات العسكرية فوراً إذا التزمت المليشيا المتمردة التوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء والأعيان المدنية والمرافق الحكومية وقطع الطرق وأعمال النهب".
كذلك، أعلن مجلس السيادة "التزامه ابتدار (المبادرة) حوار سياسي فور توقف الحرب، يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد خلال فترة انتقالية تنتهي بانتخابات يشارك فيها جميع السودانيين".
من جهته، قال مستشار قوات الدعم السريع، أحمد عابدين، لـ"العربي الجديد"، إن مخرجات قمة دول الجوار "تجد الترحيب من جانبنا"، وإنهم "مستعدون لأي حوار وتفاوض في أي زمان ومكان"، مشيراً إلى أن "البيان الختامي حاول إيجاد صيغة توافقية بين الدول المجاورة والمحيط الإقليمي ككل، الذي تتباين رؤاه حول التعامل مع الموقف في السودان، وحاول البيان عدم إغفال المبادرات الأخرى، سواء السعودية الأميركية، أو مبادرة (إيغاد)، وكلها تحاول إيجاد صيغة لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين وحماية المدنيين".
وأبدى عابدين تحفظه على بندين في البيان الختامي: الأول يتعلق باقتراح حوار شامل بين أفرقاء الأزمة السودانية، مشيراً إلى أن ذلك البند "سيستغله فلول النظام السابق لإيجاد موطئ قدم لهم في أي حوار، رغم أن الثورة السودانية رفضتهم واستثنتهم من أي مشاركة سياسية". أما البند الثاني، فهو المتعلق بعدم التدخل الأجنبي في الشأن السوداني، معتبراً أن "الفقرة ستفسر من قبل المجموعة نفسها بوجود دعم خارجي للدعم السريع، وهذا ليس صحيحاً"، مؤكداً أن "قوات الدعم السريع نفسها ضد أي تدخل في الشأن السوداني، ولا ترحب إلا بالمساعي الحميدة لتقريب وجهات النظر".
إلى ذلك، رحب "تحالف الحرية والتغيير/ الكتلة الديمقراطية" بمخرجات قمة دول الجوار، خصوصاً ما يتعلق بـ"تأكيد الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شأنه الداخلي".
وذكر التحالف أنه "يسعى جاهداً مع بقية القوى السياسية، خصوصاً الحليفة، للمشاركة في تنفيذ تلك المخرجات، والعمل مع الحلفاء لإشراك القوى السياسية والمدنية والشبابية والنسوية كافة ولجان المقاومة والمكونات السودانية المختلفة لضمان الوصول إلى مشاركة شاملة لا تقصي أحداً".
من جانبه، يرى رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي"، الطاهر ساتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قمة دول جوار السودان حققت نجاحاً كبيراً؛ أولاً لأنها عقدت في مناخ توافقي بين دول الجوار، بعكس قمة اللجنة الرباعية التابعة لـ(إيغاد)، والتي قاطعها السودان بسبب موقف الخرطوم من كينيا، كما أن قمة الجوار السوداني في القاهرة سحبت البساط من (إيغاد) ورئيس كينيا وليام روتو المتحيز، ومن أجندات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ورفضت التدخل الأجنبي في الأزمة السودانية، وحرصت على إظهار دعمها لوحدة السودان وسلامة أراضيه".