تبنى مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء، قراراً مقدماً من مالطا يدعو إلى تطبيق هدن (وقفات) إنسانية عاجلة في قطاع غزة، بموافقة 12 دولة وامتناع كل من بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.
وهذه هي المرة الخامسة التي يحاول فيها المجلس اتخاذ إجراء منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وجاء في نص القرار أن مجلس الأمن الدولي "يطالب بأن تمتثل جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، لا سيما في ما يتعلق بحماية المدنيين، وخاصة الأطفال".
كما يدعو إلى "إقامة هُدن إنسانية وممرات إنسانية عاجلة لفترات أطول في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كاف من الأيام، من أجل تمكين الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها المنفذين، وكذا لجنة الصليب الأحمر الدولية، وغيرها من المنظمات الإنسانية المحايدة، بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، من الوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق لتقديم المساعدة الإنسانية، وتيسير توفير السلع والخدمات الأساسية المهمة لرفاه المدنيين، لا سيما الأطفال، في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك المياه والكهرباء والوقود والغذاء والإمدادات الطبية، فضلاً عن إجراء الإصلاحات العاجلة في البنية التحتية الأساسية، وتمكين جهود الإنقاذ والإنعاش العاجلة، بما في ذلك للأطفال المفقودين في المباني المتضررة والمدمرة، بما يشمل الإجلاء الطبي للأطفال المرضى أو الجرحى ومقدمي الرعاية لهم".
إضافة إلى ذلك، فإن القرار "يدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس وغيرها من الجماعات، ولا سيما الأطفال، فضلاً عن ضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية"، وينص القرار كذلك على أن مجلس الأمن "يهيب بجميع الأطراف أن تمتنع عن حرمان السكان المدنيين في قطاع غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، الأمر الذي له أثر غير متناسب على الأطفال".
ورحب نص القرار بـ"العملية الأولية لتوفير الإمدادات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة، وإن كانت محدودة"، ودعا إلى "زيادة توفير هذه الإمدادات لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين، وخاصة الأطفال"، كما "يشدد على أهمية آليات التنسيق والإخطار الإنساني وتفادي التضارب، لحماية جميع العاملين الطبيين والمركبات العاملة في هذا المجال، بما في ذلك سيارات الإسعاف، والمواقع الإنسانية والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك مرافق الأمم المتحدة، والمساعدة في تسهيل تنقل قوافل المساعدة والمرضى، ولا سيما الأطفال المرضى والجرحى ومقدمي الرعاية لهم".
ويطلب القرار من الأمين العام أن "يقدم تقريراً شفوياً إلى مجلس الأمن عن تنفيذ هذا القرار في الاجتماع المقبل الذي يعقده مجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط، ويطلب كذلك من الأمين العام أن يحدد الخيارات المتاحة لرصد التنفيذ الفعال للقرار، باعتباره مسألة ذات أهمية قصوى".
وطالب مندوب الاتحاد الروسي للأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، في كلمة له قبل بدء التصويت، بإضافة فقرة إلى مشروع القرار مفادها أن القرار "يدعو كذلك إلى هدنة إنسانية مستدامة تؤدي إلى وقف للأعمال العدائية".
قال إن ما تقترحه روسيا يكرر ما جاء في قرار الجمعية العامة الذي تم تبنيه من قبل أغلبية دول العالم، حيث حصل القرار في الجمعية العامة على تأييد 121 دولة، لكن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة كما قرارات مجلس الأمن.
وقال نيبينزيا إنّ "عدم إدخال التعديل سيوحي بأن مجلس الأمن سيكتفي بما تقدمه إسرائيل من وقفات إنسانية"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة منعت الإشارة إلى وقف الأعمال العدائية أو هدنة إنسانية مستدامة في المفاوضات حول نص مشروع القرار قبل التصويت".
وأضاف أن "هذا الحد الأدنى الذي يمكن أن نتفق عليه، وخاصة حين تصلنا تقارير عن دخول القوات الإسرائيلية إلى مستشفى الشفاء".
وصوت المجلس على اقتراح التعديل الروسي، الذي حصل على تأييد خمسة دول ومعارضة أميركية وامتناع تسعة دول، وبالتالي لم يتم اعتماده بسبب عدم حصوله على الأصوات اللازمة لذلك.
فيما أشارت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد، إلى أن بلادها امتنعت عن التصويت لأن القرار لا يدين حركة حماس، والعملية التي قامت بها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وحاول مجلس الأمن أربع مرات على مدى أسبوعين في أكتوبر/ تشرين الأول اتخاذ إجراء، إذ فشلت روسيا مرتين في الحصول على الحد الأدنى من الأصوات اللازمة لتبني مشروع قرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض لإفشال مسودة قرار صاغته البرازيل واستخدمت روسيا والصين حق النقض ضد قرار صاغته الولايات المتحدة.
وانصبت الأزمة إلى حد كبير على ما إذا كانت تنبغي الدعوة إلى هدنة إنسانية أم وقف لإطلاق النار. وتعد الهدنة بشكل عام أقل رسمية وأقصر مدة من وقف إطلاق النار الذي يجب أن يوافق عليه الطرفان المتحاربان.
وفي أعقاب الأزمة في مجلس الأمن الشهر الماضي، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تتألف من 193 عضواً في 28 أكتوبر/ تشرين الأول قراراً صاغته دول عربية، ويدعو إلى هدنة إنسانية فورية ويطالب بوصول المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر وحماية المدنيين. وأيد القرار 121 دولة.
ولليوم الـ40، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفاً و320 قتيلاً فلسطينياً، بينهم 4650 طفلاً و3145 امرأة، فضلا عن 29 ألفاً و200 مصاب، 70 بالمائة منهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية فلسطينية، مساء الثلاثاء.
إسرائيل تعلق على القرار
وبعد إعلان مجلس الأمن تبنيه القرار، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنّ "إسرائيل تدعو مجلس الأمن والمجتمع الدولي للإصرار على تحرير جميع المخطوفين الإسرائيليين بسرعة كما ينص عليه القرار".
وشددت الخارجية الإسرائيلية على أن "إسرائيل تتوقع من مجلس الأمن إدانة حركة حماس بشكل واضح، وأن يأخذ بعين الاعتبار الحاجة لخلق واقع أمني آخر في غزة".
وأضافت: "لا مكان لهدن إنسانية متواصلة طالما أن هناك 239 مخطوفاً عند حركة حماس".
من جهته، قال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، إنّ "قرار مجلس الأمن ليس واقعياً. لن يكون للقرار أي معنى من الناحية العملية بحسب القانون الدولي، وحتى أن عناصر حركة حماس لن يقرأوا القرار ولن يعملوا بموجبه".
وأضاف أردان: "من المؤسف أن مجلس الأمن يواصل التجاهل ولا يستنكر أو حتى يذكر المذبحة التي ارتكبتها حركة حماس، والتي أدت إلى الحرب في غزة (...) إسرائيل ستواصل العمل حتى إبادة حماس وإعادة المخطوفين"، على حد تعبيره.