استمع إلى الملخص
- أكد وزير الخارجية إنريكي مانالو على أهمية سيادة القانون والنظام المتعدد الأطراف، مشدداً على حق الدول في تحديد مصيرها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ورفض السرديات التنافسية في بحر الصين الجنوبي.
- رغم أن انضمام الفيليبين قد يعزز مكانتها، إلا أن تأثيره قد يكون محدوداً بسبب حق النقض الصيني، مما يعكس رغبتها في تدويل نزاعاتها البحرية وتعزيز دورها الدولي.
تستعد الفيليبين لخوض حملة للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو المسعى الذي يُنظر إليه بأنه قد يعزز نفوذها الدبلوماسي في معالجة التوترات المستمرة في بحر الصين الجنوبي؛ وسط تحذيرات من أن حق النقض الذي تتمتع به بكين قد يعوق هذه الجهود. وسلطت وسائل إعلام فيليبينية خلال الأيام الماضية الضوء على مساهمات مانيلا في مختلف مبادرات الأمم المتحدة، لافتة إلى أنها دأبت خلال السنوات الأخيرة على تقديم حلول بناءة في جميع مجالات عمل الأمم المتحدة. وأضافت أن الفيليبين دولة شريكة جديرة بالثقة، وصانعة سلام تتمتع بالخبرة والعمق والثبات في العمل مع المجتمع الدولي لمعالجة التحديات العالمية المشتركة.
وكان وزير الخارجية الفيليبيني إنريكي مانالو، قد أعلن في وقت سابق من الشهر الماضي، عزم بلاده السعي لحشد الدعم اللازم للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2027-2028. وقال مانالو أثناء عرض قضية بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأحد الماضي، إن الفيليبين "تحقق تقدماً إيجابياً في حملتها للحصول على مقعد في مجلس الأمن، وهي واثقة بسجلها الحافل بكونها شريكاً موثوقاً به ورائداً وصانع سلام في الشؤون العالمية، مع ثمانية عقود من الخبرة في الدبلوماسية المتعددة الأطراف عضواً مؤسساً للأمم المتحدة، وقد جلست سابقاً في مجلس الأمن أربع مرات".
وأضاف أن بلاده شددت على أن سيادة القانون وسلامة النظام المتعدد الأطراف يجب أن يسودا وسط التحديات العالمية الحالية، وأشار إلى أن الرئيس فرديناند ماركوس الابن، أكد أن التعددية تظل المنصة الوحيدة القابلة للتطبيق للعمل الجماعي ضد التحديات العالمية المتزايدة. وتابع: "على الرغم من الإجراءات غير المسؤولة والخطيرة ضد أنشطتنا المشروعة داخل مياهنا ومنطقتنا الاقتصادية الخالصة، تظل الفيليبين ملتزمة بالدبلوماسية وغيرها من الوسائل السلمية". ولم يذكر مانالو الصين صراحة، لكنه ألمح إلى التوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي.
تأمين مقعد في مجلس الأمن قد يمنح مانيلا منصة للدفاع عن مصالحها
أيضاً رفض وزير الخارجية الفيليبيني السرديات التي تصور بحر الصين الجنوبي باعتباره مسرحاً لـ"حرب بالوكالة" بين الصين والولايات المتحدة. وقال "نحن لا نقبل الروايات التي تصور بحر الصين الجنوبي مسرحاً للتنافس بين القوى الكبرى لأنها جميعاً تتجاهل حقيقة أساسية: كل الدول في هذه المنطقة لها الحق في تحديد مصيرها وتأمين مستقبلها". وشدد على أن بلاده ستلتزم بميثاق الأمم المتحدة وإعلان مانيلا بشأن الحل السلمي للنزاعات.
من جهتها، قالت وسائل إعلام صينية اليوم الأحد، إن تأمين مقعد في مجلس الأمن قد يمنح مانيلا منصة للدفاع عن مصالحها، وإن هذا المسعى يتوافق مع هدف سياسات الفيليبين الخارجية المتمثل في تدويل نزاعاتها البحرية مع بكين، مما يسلط الضوء على دورها المزعوم عضواً مسؤولاً في النظام الدولي، وملتزماً بالقانون والأعراف والمبادئ الدولية.
هذا ويتم انتخاب الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من قبل الجمعية العامة لمدة عامين، مع إجراء انتخابات على خمسة مقاعد كل عام. وللفوز بمقعد، يجب على الدولة المرشحة تأمين أغلبية الثلثين من أصوات الدول الأعضاء. ومن المقرر أن يتم إجراء التصويت للفترة 2027-2028 في منتصف عام 2026.
فرص مانيلا وأوراق بكين
في غضون ذلك، قلل المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث، جينغ وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، من تأثير انضمام الفيليبين إلى مجلس الأمن، في ظل وجود الصين عضواً دائماً يملك حق النقض "فيتو". وقال جينغ وي: "في حال استطاعت مانيلا اجتياز جميع متطلبات العضوية غير الدائمة في المجلس، سوف تصطدم في نهاية المطاف بنفوذ بكين القادر على إجهاض أي قرار يمسّ مصالحها الاستراتيجية، خاصة ما يتصل بالنزاعات البحرية في منطقة بحر الصين الجنوبي. ومن ثم سيكون تأثير الانضمام غير الدائم إلى مجلس الأمن محدوداً جداً، ولن يساعد مانيلا في تسجيل أي اختراق في ملف النزاع مع بكين"، بحسب قوله.
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في معهد وان تشاي للأبحاث والدراسات في هونغ كونغ، ليو مينغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لا شك في أن انضمام الفيليبين إلى مجلس الأمن، عضواً غير دائم، خطوة مهمة تعزز من مكانتها على الساحة الدولية، وتعطي طابعاً دولياً لنزاعاتها البحرية مع الصين". واستدرك تشاي القول: "ولكن في الوقت نفسه يجب ألا نغفل حقيقة أن مجلس الأمن القائم على نفوذ دول محددة هي الدول الخمس دائمة العضوية، يفتقر إلى القدرة على إلزام هذه الدول بالامتثال للإجماع الدولي في المسائل والقضايا الخلافية والملحة، لأن كل دولة منهم تتمتع بحق استخدام ما يعرف بـ الفيتو". ومضى قائلاً: "ما يعني إجهاض أي قرار ذي قيمة، كما حدث سابقاً في الأزمة السورية، والحرب على غزة وأوكرانيا. لأن كل دولة تستخدم هذا الحق بما يعزز نفوذها ويحمي حقوقها ومصالحها. والأمر سوف ينسحب على الفيليبين في حال نجحت بالانضمام إلى مجلس الأمن، ببساطة سيكون الفيتو الصيني بانتظارها".
هذا وتزعم الصين ملكيتها لمعظم بحر الصين الجنوبي، استناداً إلى "خط العشر نقاط"، الذي يتداخل كثيراً مع المنطقة الاقتصادية الخالصة للفيليبين، وقد حكمت محكمة دولية لصالح مانيلا في عام 2016، رافضة مطالبات الصين باعتبارها غير متسقة مع القانون الدولي. ورفضت بكين الحكم في حينه، وتواصل تأكيد سيطرتها على المنطقة، ما أدى إلى مواجهات بحرية متكررة بين البلدين.