رغم التوتر الأمني الذي تشهده محافظة السويداء عقب مقتل أول متظاهر برصاص الأمن السوري، توافد مئات المتظاهرين والمتظاهرات، اليوم الجمعة، على ساحة الكرامة، وهتفوا للحرية والعدالة، محمّلين النظام السوري مسؤولية دماء جميع السوريين، مؤكدين تمسكهم بسلمية الحراك ومواصلته.
يأتي ذلك وسط اتهامات للنظام وأذرعه الأمنية بمساع لتحويل الاحتجاجات السلمية إلى معارك دموية بين مكونات المجتمع، في المحافظة ذات الأكثرية الدرزية.
ورصد "العربي الجديد" تجمعات المحتجين عند دوار المشنقة، وسيراً على الأقدام قبل وصولهم إلى ساحة الكرامة، حاملين الورود وصور جواد الباروكي الذي أسموه "شهيد الواجب". وهتفوا بإسقاط النظام السوري والبدء بتطبيق القرارات الدولية وتحقيق العدالة للشعب السوري.
وأعاد مقتل أول متظاهر في السويداء على يد الأمن السوري المظاهرات المستمرة منذ ستة أشهر ونصف شهر إلى الواجهة مجدداً.
وفي منشور لها عبر معرفاتها الرسمية، قالت السفارة الأميركية في دمشق: "نشعر بقلق بالغ إزاء استخدام النظام للقوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين في السويداء. نأسف للخسائر في أرواح المدنيين، ونقدم تعازينا لجميع المتضررين ولعائلاتهم. يستحق السوريون في السويداء وفي كل مكان السلام والكرامة والأمن والعدالة".
متظاهرو السويداء: لا تغيير في المسار السلمي
يقول الناشط المدني معن العفلق لـ"العربي الجديد"، إنه بالرغم من "أن الثمن كان غالياً وقتل أحد المتظاهرين، وجرح آخر، في مواجهة ليست متكافئة بين عناصر مدججين بالسلاح وشعب أعزل، أدّت المواجهة إلى تثبيت مسلّمتين. أولاهما إغلاق ما يسمى بمركز التسويات هذا الذي يجب أن يُفتح لعصابات الأسد وأتباعها وإفراغ المراكز الحزبية نهائياً. والثانية أن الحراك أثبت سلميّته في مواجهة بنادق السلطة، ولم ينجرّ إلى العسكرة والنزاع المسلح الذي سعت إليه السلطات منذ اليوم الأول للحراك".
وأضاف "أكاد أجزم أن دماء الباروكي وحّدت صفوف المتظاهرين، ونبذت التجاذبات السياسية، بعدما اشتغلت الأجهزة الأمنية على تفكيك الموقف وتحييد ساحة الكرامة وإفشالها".
أما الناشطة المدنية شهيرة عزام، فأكدت لـ"العربي الجديد"، أن ساحة الكرامة "تشهد اليوم حداداً عاماً وتأبين آخر على روح "شهيد الواجب" جواد الباروكي. "فنحن عائلته الكبرى التي لم يفارقها طوال ستة أشهر، ويحق لنا أن نقف حداداً على روحه ونتقبل التعازي".
وأردفت: "لقد كانت دماؤه رسالة للعالم تثبت أن هذا النظام لم يتعامل مع شعبه الأعزل إلا بالعنف والقتل والإجرام، ولا يمكنه أن يستوعب الحقوق الطبيعية للمواطنين التي نص عليها الدستور السوري، وفي مقدمتها حق التظاهر السلمي والتعبير".
وختمت "يجب على هذا النظام أن يُدرك أننا مستمرون في انتفاضتنا الشعبية، وأن محاولات إرهابه لنا لن تغير من مسارنا السلمي، وعلى العالم أجمع أن يتخذ موقفاً أكثر جدية تجاه قضية الشعب السوري".
وأطلقت قوات الأمن التابعة للنظام السوري النيران، الأربعاء الماضي، في الهواء منعاً لدخول المتظاهرين والمتظاهرات إلى مقر التسويات الأمنية في صالة 7 نيسان، وسط مدينة السويداء، جنوب سورية، فيما أصاب الرصاص المرتد متظاهرين اثنين، ما أدى إلى مقتل المواطن جواد الباروكي، فيما اقتحم المتظاهرون شعبة حزب البعث الغربية وأتلفوا محتوياتها.
ودعا الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، إلى تشييع المدني جواد الباروكي "شهيداً للواجب"، ووصف قاتليه بـ"أيادي الغدر"، مؤكداً "ضرورة الحفاظ على المسار السلمي للحراك".