أطلق أبناء محافظة السويداء، جنوبي سورية، مبادرات أهلية لملاحقة عصابات المخدرات واللصوص لحماية مصالح مواطنيها والخدمات العامة في ظل الغياب شبه التام للقوى الشرطية والأمنية التابعة للنظام السوري.
ويخوض أهالي المحافظة منذ سنوات مواجهة يومية مع عصابات السطو والسرقة وترويج المخدرات التي يزداد انتشارها كلما تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي واتسعت دائرة العوز والفقر لتطاول عوائل جديدة.
وفي غياب أي دور إيجابي للقوى الشرطية والأمنية التابعة للنظام السوري، سارع أهالي المحافظة خلال الأيام القليلة الماضية لتشكيل وحدات مدنية منظمة لحماية الموارد الخدمية والأرزاق بدءاً من منطقة ظهر الجبل التي تضم كروم عنب وبساتين تفاح تشكل المورد المعيشي لعدد كبير من عائلات المحافظة.
واجتمع ممثلون عن عائلات المحافظة وفلاحين، الجمعة الماضي، وقرروا تثبيت نقاط حراسة من أبناء هذه العائلات، لتشمل كافة مناطق ظهر الجبل بالاتفاق مع البلدات المحيطة، إضافة لتسيير دوريات ليلاً ونهاراً للمؤازرة وملاحقة هذه العصابات.
ووضع المجتمعون بنوداً للاتفاق الذي جرى بين عائلات الجبل، كان أبرزها الاقتصاص الفوري من عصابات "التحطيب" (تقطيع البساتين والأشجار لأخذ الحطب) وتحمل المسؤولية عن ذلك من جميع العائلات.
واتفقت العائلات على تمويل الحراس الشبان كي يستمروا في الحماية الأرزاق.
وعلى صعيد متصل، بدأت بعض الفصائل المحلية ملاحقة لصوص كابلات الهواتف خلال الأيام القليلة الماضية واشتبكت معهم ليلاً في أكثر من مكان ضمن أحياء المدينة.
ورصد "العربي الجديد" ملاحقة إحدى الفصائل في حي "الخريج"، شرقي المدينة، مسلحين حاولوا سحب الكابلات من الأرض بعدما قطعوا الكابل، ما أدى لقطع الاتصالات في ساعة متأخرة من الليل.
وكان مصدر في مديرية الاتصالات قد أكد لـ"العربي الجديد"، أن عدداً من أحياء مدينة السويداء أصبحت خارج الخدمة، ما يعني خروج أكثر من 6000 خط هاتف وإنترنت للمشتركين من الخدمة نتيجة سرقة الكابلات خلال الأيام القليلة الماضية، في وقت تعجز فيه المديرية عن إعادة التأهيل بسرعة نتيجة نقص الإمدادات وتعثر ورشات الصيانة في إصلاح كل هذا الخراب في زمن قصير.
وقال الشيخ عميد جريرة، وهو قائد إحدى الفصائل المحلية، لـ"العربي الجديد": "لن أساوم أي لص بعدما أتأكد من فعله ولن أسلمه لأي جهة بل سأعلقه مع أدوات الجريمة وأجعل منه عبرة"، مضيفاً: "منذ سنوات طويلة ونحن نفتقر في هذه المحافظة لوجود ضوابط أمنية أو أي حماية للمرافق العامة والخاصة، وغالباً ما نضع اللوم على السلطات الشرطية والأمنية وجميعنا يعلم بأنها ليست موجودة".
ومضى قائلاً: "لقد استنفدنا كل الفرص في إصلاح أفراد العصابات وآن الأوان للتصدي لها. لأن معظم أفرادها حللوا لأنفسهم كل أنواع الحرام، ولم يعد العوز والفقر مبرراً لأي منهم فجميعنا فقراء محتاجون".
وتشهد المحافظة التي يثور سكانها ضد النظام منذ شهور، أعمال سطو ممنهج على المدارس، إذ ينهب اللصوص وقود التدفئة المخصص للطلاب وأجهزة الحاسوب والهاتف وبعض التجهيزات المدرسية التي يسهل حملها ونقلها.
ويقول الناشط عماد العشعوش لـ"العربي الجديد"، إن نشاط هذه العصابات ازداد مع استمرار الحراك الشعبي ضد النظام، بتغطية وحماية من الأجهزة الأمنية، بهدف ضرب انتفاضة السويداء "بعدما عجزت السلطات عن وقفها".
وأضاف: "أصبحت هذه العصابات تكمل عمل الفاسدين في مؤسسات الدولة وتحرف بشكل أو بآخر الحراك الشعبي عن طريق ملاحقة السرقات في مؤسسات المياه والمحروقات ومقرات الحزب الحاكم وغيرها، مستغلة سلمية الحراك الشعبي وتطلعه للتغيير السلمي عبر حصار بؤر الفساد وإسقاطها دون إفشال العمل المؤسساتي".
وأشار الناشط إلى أن جميع الأحداث الأمنية المتلاحقة على امتداد المحافظة بدءاً من أعمال تهريب المخدرات والسرقات للمرافق العامة تصب في هدف إدخال أبناء المحافظة بنزاعات محلية وحرفها عن مطالبها التي انطلقت بها منذ شهور وفي مقدمتها تطبيق القرارات الدولية والتغيير السياسي.
وفي السياق، أعلن عدد من شبان قرية ذيبين الواقعة على الحدود الأردنية السورية، أمس الأحد، تشكيل فصيل مسلح لحماية حدود القرية من مهربي المخدرات والتصدي لهم.