مباحثات حفتر في روما: تكتم بشأن اشتباكات السودان والانتخابات الليبية

06 مايو 2023
اكتفى إعلام حفتر بالإشارة إلى لقائه بميلوني من دون تفاصيل (فيسبوك)
+ الخط -

أنهى اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، مساء أمس الجمعة، زيارة إلى العاصمة الإيطالية روما استغرقت ثلاثة أيام، التقى خلالها مسؤولين بارزين في الحكومة الإيطالية، وسط تحاشي إعلام حفتر الحديث عن تفاصيل مباحثاته مع الجانب الإيطالي بشأن الاشتباكات في السودان والانتخابات الليبية. 

وفيما أشارت وسائل إعلام إيطالية إلى أنّ لقاءات المسؤولين الإيطاليين بحفتر تمحورت حول ملفات: الأزمة السودانية، والعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة  الرامية لإجراء الانتخابات في ليبيا خلال العام الجاري، والهجرة غير الشرعية المتدفقة عبر ليبيا إلى الشواطئ الأوروبية، خصص مكتب إعلام حفتر مساحات واسعة للحديث عن تفاصيل مباحثاته مع وزيري الداخلية والدفاع الإيطاليين، فيما اكتفى بالإشارة إلى لقائه برئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ووزير الخارجية أنطونيو تاياني، من دون أي تفاصيل أخرى. 

وإثر وصوله إلى روما الأربعاء الماضي، برفقة وفد من قيادته، التقى حفتر تاياني، قبل أن يلتقي مع ميلوني صباح الخميس، ولاحقاً وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، ووزير الدفاع غويدو كروسيتو. 

وفيما أوضح مكتب حفتر الإعلامي أنّ حفتر ناقش مع بيانتيدوزي، أمس الجمعة، "آليات توطيد التعاون في المجالات الأمنية ومكافحة الهجرة غير الشرعية"، قال إنه ناقش مع كروسيتو، أمس الجمعة، "أهمية تشكيل لجان مُشتركة لمراقبة وتأمين الحدود الليبية الجنوبية لتعزيز الأمن القومي للبلدين". 

موقف
التحديثات الحية

تقليل من شأن الزيارة

ويقلل الباحث في العلاقات الدولية مصطفى البرق من شأن الزيارة، معتبراً أنها محاولة من حفتر لاستثمار التطورات التي أحدثتها أزمة السودان في المنطقة، لــ"تقديم نفسه الشخصية التي يجب أن يتعامل معها الجميع لدرء خطر الجنوب الليبي المهدد بفوضى الصراع المسلح في السودان، ومنها زيادة تدفق المهاجرين، وهو الملف الذي دخل من بابه إلى روما". 

ويلفت البرق، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ مكتب حفتر وصف الزيارة بـ"الرسمية"، في الوقت الذي لم يعلن فيه الجانب الإيطالي عن الزيارة، أو تفاصيل ما ذكره مكتب إعلام حفتر، مضيفاً "من الواضح أنّ الزيارة جاءت برغبة من حفتر، ولم تكن رسمية بدعوة من الحكومة الإيطالية، التي لن تتورط في التعامل مع رجل لا يملك صفة شرعية، فضلاً عن أنّ الحكومة المعترف بها هي الموجودة في طرابلس التي يناصبها حفتر العداء، فروما ستكون حريصة على استمرار علاقتها مع تلك الحكومة التي تمتلك معها مصالح كبيرة، من بينها صفقات الغاز التي ستعوضها عن الغاز الروسي". 

ويلفت البرق إلى أنّ مكتب إعلام حفتر تحاشى الحديث عن تفاصيل ما دار بينه وبين ميلوني وتاياني في ملفي الأزمة السودانية والانتخابات الليبية، "بل ركز فقط على لقاءاته بوزيري الداخلية والدفاع، وتحديداً في شأن ملف الهجرة غير الشرعية وتأمين الحدود، وكل ما يتصل بتداعيات أزمة السودان". 

ويتساءل البرق: "ماذا طلب حفتر من الإيطاليين مقابل المساعدة في ضبط الحدود ووقف سيل الهجرة غير الشرعية باتجاه إيطاليا؟"، مستدركاً: "لكن يتضح من تحاشي حديث مكتب حفتر عن ملف الانتخابات والرأي الإيطالي فيه أنه لم يجنِ شيئاً من هذه الزيارة". 

وأشار إلى أنّ روما محكومة بمواقف حلفائها، خصوصاً واشنطن، "ولهذا أثارت ميلوني معه (حفتر) ملف الانتخابات، وشددت على موقف حكومتها الداعم لخطة البعثة الأممية بشأن إجراء الانتخابات خلال العام الجاري، وهو ما لا يبحث عنه حفتر لديها". 

وتابع البرق بقوله: "لا أعتقد أنّ مكتب إعلام حفتر قال كل شيء عن تفاصيل الزيارة، فوزير الدفاع الإيطالي لا يمكنه أن يتفق مع حفتر على تشكيل لجان مشتركة للعمل على حدود ليبيا الجنوبية، وهو الذي اتهم قبل مدة وجيزة فاغنر الروسية بالعمل على زيادة تدفق المهاجرين عبر الأراضي الليبية، داعياً حفتر تحديداً للحد من تلك التدفقات دون أي طرف ليبي آخر، ما يفيد ضمناً بأنّ روما تتهم حفتر بالتواطؤ مع فاغنر".

وأعرب البرق عن اعتقاده في أنّ "هذا الأمر هو السبب في عدم حديث حفتر عن أي تفاصيل تتعلق بمناقشة الجانب الإيطالي أزمة السودان معه"، مشيراً إلى أنّ "فاغنر هاجس تشترك فيه عواصم أوروبا، ومنها روما، مع واشنطن". 

واعتبر البرق أنّ زيارة حفتر إلى روما "تركت آثاراً سيئة، فبسببها تفجرت أزمة دبلوماسية مع باريس على خلفية اتهام وزير الداخلية الفرنسي (جيرالد دارمانان) تاياني بالعجز عن معالجة أزمة المهاجرين، وكان يقصد أنها عاجزة إلى حد تنازلها لاستقبال حفتر ومناقشة ملف المهاجرين معه". 

وطالبت إيطاليا فرنسا بالاعتذار بعدما سببت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان حول عدم قدرة ميلوني على إدارة ملف الهجرة أزمة بين باريس وروما. 

وعلى أثر تلك التصريحات، ألغى تاياني زيارة إلى باريس كان من المقرر أن تجرى يوم الخميس الماضي، فيما دعت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، أمس الجمعة، إلى "حوار هادئ" بين فرنسا وإيطاليا. 

وبحسب قراءته، يرى البرق أنّ باريس غيّرت تعاملها مع الملف الليبي "وتسعى لإيجاد مساحة لها في الملف الليبي أوسع من شراكتها السابقة مع حفتر، ولهذا، فهي تعد للقاء رفيع يجمع كل القادة العسكريين لمواصلة تكوين جيش موحد يمكنه تأمين الجنوب الليبي والحدود، ويمكنه تأمين الانتخابات أيضاً، فلم تعد تكتفي باريس بحفتر بعد انكماشه وتراجع سيطرته". 

وفيما أفاد موقع "أفريكا إنتلجنس" الفرنسي عن عزم باريس تنظيم قمة أمنية ليبية بمشاركة قادة عسكريين وأمنيين من شرق وغرب ليبيا، للدفع بجهود تشكيل قوة عسكرية مشتركة، زار الملحق العسكري بالسفارة الفرنسية لدى ليبيا، أثناء وجود حفتر في روما، رئيس الأركان التابع لقيادته عبد الرزاق الناظوري، للتباحث حول توحيد المؤسسة العسكرية، بعد أن التقى عدداً من ضباط رئاسة الأركان في طرابلس. 

وتزامنت زيارة الملحق العسكري الفرنسي مع لقاءات أجراها الملحق العسكري بالسفارة الأميركية مارك إمبلوم مع رئيس أركان الجيش التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، الفريق أول محمد الحداد، في طرابلس. 

ويعتبر البرق أنّ السياق الذي تسير فيه الجهود الإيطالية والفرنسية متطابق مع الرؤية الأميركية الداعمة لخطة المبعوث الأممي لإجراء الانتخابات في ليبيا خلال العام الجاري، موضحاً أنّ "مسار توحيد المؤسسة العسكرية هو أهم مسارات خطة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي لتأمين إجراء الانتخابات ولضمان قبول العسكريين بنتائجها، وأيضاً إنشاء قوة مشتركة لتأمين الجنوب وحدوده، ولذا، فسعي حفتر لدى روما ومحاولة تصدير نفسه كرجل المرحلة القوي وضرورة التعامل معه، لن يجني منه شيء". 

استثمار المستجدات

وفي مقابل ذلك، يرى الناشط السياسي سلامة الغراري أنّ تفجر الأزمة في السودان جعل الجميع يسعى لترتيب أوراقه واستثمار المستجدات، وقال في حديث لـ"العربي الجديد": "كل العواصم المعنية بالملف الليبي، بما فيها روما وباريس وواشنطن، في إطار إعادة ترتيب أوراقها والبحث عن شركاء لها تفادياً لأي آثار لأحداث السودان على مصالحها، وروما استدعت حفتر لتفتح آفاقاً معه، فمصالحها في شرق وجنوب البلاد تستدعي التعامل المباشر معه". 

ويضيف الغراري أنّ "هذا ما فهمه القادة الليبيون أيضاً، فليس حفتر من يسعى لدى العواصم الخارجية فقط، فهناك خالد المشري (رئيس المجلس الأعلى للدولة) الذي بدأ يوطد علاقته مع القاهرة، وعبد الحميد الدبيبة (رئيس حكومة الوحدة الوطنية) الذي عقد الصفقات مع تركيا وإيطاليا لشراء دعمهما، وأرسل أمس وزيرة خارجيته (نجلاء المنقوش) إلى الجزائر وتونس لتأكيد دعمهما له". 

وأنهت وزير الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، زيارة إلى كل من الجزائر وتونس لبحث العلاقات المشتركة، كما ناقشت تداعيات الأزمة في السودان.

المساهمون