- الإجراءات الجديدة تتضمن إنهاء الخدمة للضباط الاحتياطيين والأفراد بعد ست سنوات من الخدمة، وخيار دفع بدل نقدي لمن بلغوا الأربعين دون الالتحاق بالخدمة، في محاولة لإعادة تأهيل صورة النظام وتلبية المطالب العربية بإصلاح المؤسسة العسكرية.
- المحللون يرون أن هذه الإجراءات ترسل رسائل للخارج بتحسن الأوضاع في سوريا، لكن تأثيرها على انتشار قوات النظام محدود بسبب دعم الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، مع توجيه رسالة غير مباشرة للمكلفين بالخدمة حول إمكانية مغادرة البلاد بشكل نظامي.
أنهى النظام السوري الاستدعاء والاحتياط لفئات من العسكريين في قواته اعتباراً من مطلع يوليو/حزيران المقبل، بعد نحو 13 عاماً من زجها في مواجهة الثورة السورية التي طالبت بالتغيير، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من أفرادها وهو ما شكل عبئاً على الحوامل الاجتماعية لهذا النظام.
وأصدر رأس النظام بشار الأسد، أمس السبت، أمراً إدارياً "ينهى استدعاء الضباط الاحتياطيين، المدعوين الملتحقين، اعتباراً من 1 حزيران 2024، لكل من يتم سنة وأكثر خدمة احتياطية فعلية، حتى تاريخ 31 من أيار المقبل، ضمناً"، كما أنهى الأسد الاستدعاء والاحتياط لـ "صف الضباط والأفراد الاحتياطيين، المحتفظ بهم والمدعوين الملتحقين، اعتباراً من 1 حزيران، لكل من يتم ست سنوات وأكثر، خدمة احتياطية فعلية حتى 31 من أيار، ضمناً".
وجاء هذا الإجراء ضمن سلسلة مشابهة صدرت في العام الفائت واعتمدت نفس المعايير لإنهاء الاستدعاء والاحتياط لفئات محددة في قوات النظام، التي تعتمد مبدأ الخدمة الإلزامية لكل الشبان القادرين وفق معايير مختلفة بين العناصر العاديين وبين حاملي الشهادات المتوسطة والجامعية. وكان الأسد أصدر مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2023 مرسوماً تشريعياً يجيز لمن يرغب من المكلفين المدعوين إلى الخدمة الاحتياطية، الذين بلغوا سن الأربعين ولم يلتحقوا بعد، دفعَ بدل نقدي كبديل عن خدمة الاحتياط قيمته 4800 دولار أميركي.
وتعليقاً على الأمر الإداري الأخير رأى المحلل العسكري، العميد أسعد الزعبي، في حديث مع "العربي الجديد" أن "هذه الإجراءات تحمل رسائل للخارج بأن الأوضاع في سورية تتجه إلى الهدوء" مضيفاً أنه من "المعلوم للعسكريين في سورية أن هناك قرارات تعديلية يتم تداولها داخل المؤسسة العسكرية تعقب هذه الأوامر تفقدها أي قيمة".
ومن جانبه، رأى المحلل العسكري في مركز "جسور" للدراسات، رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد" أن "النظام يصدر بين الآونة والأخرى قرارات ومراسيم تتعلق بالمؤسسة العسكرية والعاملين فيها سواء المتطوعين أو المجندين لأسباب متعددة: منها محاولة تأهيله بمساعدة روسية في الوقت الحالي من البوابة العربية" مشيراً إلى أن هذه القرارات وإنهاء الاستدعاء والاحتياط "تأتي لتقدم صورة عن النظام بأنه يتماهى مع المطالب العربية التي يقضي بعضها بإصلاح المؤسستين العسكرية والأمنية.
وبيّن حوراني أن "القرار الجديد أنهى الخدمات الاحتياطية لمن مضى على خدمته ست سنوات" مضيفاً "عددهم قليل جداً ولا يصرح النظام بعدد هذه الفئة التي هي عملياً غير مؤثرة" موضحاً أن "القرار شمل شريحتين: الأولى من أتمت سنة في الخدمة الاحتياطية وهؤلاء معظمهم من الأطباء والصيادلة، أما الشريحة الأخرى فهي من أتم خدمة احتياطية لمدة ست سنوات"، وأشار حوراني إلى أنه "بهذا التحديد للمدة يكون النظام وجه رسالة غير مباشرة للمكلفين بالخدمة مفادها أن الالتحاق يعفيه من الملاحقة القانونية ويفتح له باب مغادرة البلاد بشكل نظامي".
ويرى القيادي في الجيش الوطني السوري المعارض، الرائد يوسف حمود، في حديث مع "العربي الجديد" أن القرار "لا يؤثر على انتشار قوات النظام"، مضيفاً "أعتقد أن هذا الأمر يتم بالتنسيق مع الروس والإيرانيين" مشيراً إلى أن "الميليشيات الإيرانية تسد أي نقص في قوات النظام وهذا ما نلاحظه في الجبهات وخطوط التماس مع هذه القوات وخاصة بريف إدلب".
وزج الأسد بقواته في مواجهة المطالبين بالتغيير السياسي مع اندلاع الثورة في ربيع عام 2011، وهو ما فتح الباب أمام عسكرة الثورة وظهور الجيش السوري الحر لحماية المتظاهرين. ومارست قوات النظام كل صنوف الانتهاكات واستخدمت كل الأسلحة لديها بما فيها الطيران والصواريخ البالستية بعيدة المدى لوأد الثورة، ما أدى الى تدمير مدن وبلدات وتهجير ملايين السوريين.
وبعد مرور نحو 13 سنة من الصراع تحولت قوات النظام إلى لاعب عسكري ضمن العديد من اللاعبين في الجغرافيا السورية التي تحولت إلى مناطق نفوذ لقوى دولية وأخرى اقليمية، وتعتمد هذه القوات على الداعمين الروس والإيرانيين في مناطق سيطرتها، ما أدى الى فقدانها قراري السلم والحرب في البلاد.
وقُتل خلال سنوات الحرب عشرات الآلاف من قوات النظام، خاصة من الضباط وصف الضباط، وهو ما شكل عبئاً كبيراً على الحوامل الاجتماعية للنظام وخاصة في الساحل السوري حيث لقي عدد كبير من أبناء الطائفة العلوية حتفهم على يد مختلف فرقاء الصراع. ودفعت الخدمة الإلزامية في قوات النظام عدداً كبيراً من الشبان السوريين للخروج من البلاد بطرق غير شرعية كيلا يجبروا على الخدمة العسكرية والبقاء فيها لسنوات عديدة دون سقف زمني معين.
وكانت الخدمة الإلزامية قبل عام 2011 تمتد لعامين بالنسبة لحملة الشهادات العليا وعامين ونصف العام لغير الجامعيين، وشهدت هذه القوات موجات انشقاق كبيرة وخاصة في الأعوام الأولى من الثورة، وهو ما أدى الى تراجع مستوى هذه القوات وتراجعها عن أغلب الجغرافيا السورية ما هدد النظام نفسه بالسقوط ودفعه للاستعانة بالقوات الروسية والإيرانية وحزب الله اللبناني.