ما جدوى العمليات العسكرية في الخرطوم؟

29 سبتمبر 2024
جنود من الجيش السوداني في عرض عسكري بمدينة القضارف 14 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعد المواجهات العسكرية في الخرطوم: تستمر المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم، مع هجوم الجيش من أم درمان وانتشاره في شمال الخرطوم بحري.
- تضارب الأنباء حول السيطرة على مصفاة الجيلي: انتشرت أنباء عن استعادة الجيش لمصفاة الجيلي، لكن الجيش نفى ذلك، بينما أكدت قوات الدعم السريع هزيمتها للجيش في تلك المنطقة.
- تحليل الخبراء حول التحركات العسكرية: يرى الخبير العسكري عبد الفراج أن موازين القوى لصالح الجيش، بينما يشير الصحفي حافظ كبير إلى استمرار المعركة دون مؤشرات لانهيار طرف.

تستمر المواجهات العسكرية في مدينة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وكان الجيش بدأ فجر الخميس الماضي بشن هجوم على "الدعم السريع" في المدينة انطلاقاً من معسكراته في مدينة أم درمان. وشهد أمس السبت معارك في نواحي الحلفايا وشمبات والجيلي ومناطق أخرى من مناطق شمال مدينة الخرطوم بحري، ونشر الجيش مقاطع فيديو تظهر عبوره لجسر الحلفايا الرابط بين الخرطوم بحري وأم درمان، ومقاطع أخرى تظهر انتشاره في أحياء الحلفايا وما حولها، في حين يستعد الجيش لمراحل تالية من خططه الشاملة لإعادة السيطرة على أجزاء من العاصمة وربط قواته ببعضها البعض لا سيما الواقعة تحت حصار قوات الدعم السريع منذ العام الماضي.

ونشرت منصات على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء السبت، أنباء عن استعادة الجيش السيطرة على مصفاة الجيلي، ما دفع عدداً من المدن السودانية وجاليات خارج السودان للاحتفال بالحدث، لكن سرعان ما نفى الجيش ذلك عبر ضابط برتبة عميد كان يتحدث من داخل المنطقة العسكرية بمدينة شندي.

وأصدرت قوات الدعم السريع من جهتها بياناً، اليوم الأحد، قالت فيه، إنها أنزلت، مساء السبت، هزيمة ساحقة بما أسمته "قوات وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية ومرتزقة الحركات التي يقودها البرهان" مشيرة إلى أنها قضت على تحرك الجيش بعد أن حاول عبثاً التوغل عبر محور مصفاة الجيلي شمالي العاصمة الخرطوم، وأنها "كبدت القوة المهاجمة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وأجبرتها على الفرار"، واستنكرت "الدعم السريع" ما تقول إنها "روايات وهمية عن انتصارات لا وجود لها".

ونفذ الجيش السوداني طلعات جوية استهدفت تجمعات وتمركزات قوات الدعم السريع في عدد من أحياء الخرطوم، الأحد، في حين خفت حدة الاشتباكات المباشرة بين الطرفين.

ومع تصاعد المعارك بين الطرفين تتواصل التساؤلات عن جدوى التحركات الأخيرة من جانب الجيش، وقال الخبير العسكري لواء ركن متقاعد، عبدالغني عبد الفراج عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن تحرك الجيش الآن و"الذي بدأ التخطيط له منذ فترة ليست بالقصيرة، فرضته ظروف محددة تمثلت في التطاول الذي قامت به مليشيات الدعم السريع باستهدافها المواطن والمرافق الاستراتيجية والبنيات التحتية"، مشيراً إلى أن "مليشيات الدعم السريع انتشرت في السابق على مساحات كبيرة ومناطق متباعدة مما صعب سيطرتها على تلك القوات حيث أصبحت جزراً معزولة".

وأوضح اللواء عبد الله أن تحرك الجيش "فرضته كذلك ظروف احتلال المليشيا لأجزاء واسعة من العاصمة، وكذلك الموقع الاستراتيجي للخرطوم بحري كمركز للصناعة ووجود مصفاة الجيلي ما أوجب إعادة السيطرة عليها"، مبيناً أن "موازين القوى أصبحت فى صالح الجيش الذي يفرض كلمته، خصوصاً في ظل الانشقاقات القبلية وضعف القيادات، وظهرت نتائج ذلك في مدينة الفاشر (غرب) بهزائم متلاحقة تلقتها القوات"، وأكد أن "العملية الهجومية للجيش في الخرطوم ستقود في النهاية لدمار وهلاك المليشيا".

وحول مدى تأثير المعارك الأخيرة على أي عملية تفاوض متوقعة، يرى اللواء أن العمل العسكري "دوماً يقود إلى قرار أو حل سياسي وليس هناك عمل عسكري دائم أو مستمر"، مضيفاً أن "الفريق المنتصر يملي شروطه على المهزوم"، منوهاً إلى أن "هزيمة مليشيا الدعم السريع ستؤسس لواقع جديد مع ظهور عناصر غير تقليدية لم يوضع لها أي حساب في كل الفترات السابقة، وهي جيل الشباب أو الجيل الذي سيحكم المستقبل بعيداً عن التجارب السابقة".

على الجانب الآخر، يرى الصحفي حافظ كبير في حديث لـ"العربي الجديد" أن عمليات الجيش الأخيرة "من أكبر العمليات التي يشنها الجيش على قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب وهو نهج مختلف عما كان يتبناه في السابق"، مبيناً أن الهجوم "كان على محاور مختلفة عبر الجسور الرابطة بين أم درمان الخرطوم بحري، أم درمان وبحري، وكلها تشهد معارك طاحنة". 

وأكد كبير أن الهجوم لم يحقق نجاحاً كبيراً لا سيما في محور منطقة المقرن حيث "تصدت قوات الدعم السريع للهجوم أكثر من مرة فلم يستطع تحقيق أهدافه بالوصول للقصر الرئاسي أو مقر قيادة الجيش"، موضحاً أن "الهجوم فشل كذلك في محور الجيلي، شمال الخرطوم بحري، وفيه دارت معارك عنيفة لم تحقق أهدافها أيضاً".

وأقر كبير بأن الجيش السوداني أحرز تقدماً في محور الخرطوم بحري قبل أن يتراجع مساء السبت، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع "امتصت الصدمة وهي تواجه لأول مرة هجوم بطريقة مختلفة عن المعارك السابقة حيث يكتفي الجيش بوضع الدفاع مقابل الهجوم عليه". وأضاف أن "الوقت مبكر لتقييم خسائر الدعم السريع خلال تلك المعارك"، لكنه أشار إلى استخدام طائرات ومدافع وأسلحة خفيفة في المعارك ما يعني أنه "سيكون فيها خسائر للطرفين"، مؤكداً أن المعركة "لا تزال مستمرة وليس هناك مؤشرات لانهيار طرف وكسب الطرف الآخر للمعركة"، كما أكد على قدرة "قوات الدعم السريع على التعامل مع المعارك بشكل جيد مثلما كانت تفعل في السابق وكما حدث في محور الجيلي ومحور جسر النيل الأبيض".