طلب المجلس العسكري الحاكم في مالي اليوم الجمعة، من فرنسا أن تسحب "بدون تأخير" جنودها من البلاد، فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن هذا الانسحاب الذي أعلن عنه الخميس سيتم "بطريقة منظمة".
وفي بيان تلي عبر التلفزيون الوطني، اعتبر الناطق باسم الحكومة التي شكلها العسكريون الانقلابيون الكولونيل عبد الله مايغا إعلان الانسحاب الفرنسي" انتهاكاً فاضحاً" للاتفاقات بين البلدين. وقال إنّ نتائج الوجود العسكري الفرنسي لتسع سنوات في مالي "لم تكن مرضية".
وأضاف "نظراً لهذه الانتهاكات المتكررة لاتفاقات الدفاع، تدعو الحكومة السلطات الفرنسية إلى سحب قوات برخان وتاكوبا من الأراضي الوطنية بدون تأخير، تحت إشراف السلطات المالية".
ورد الرئيس الفرنسي بأنّ فرنسا ستنسحب "بطريقة منظمة" ولن "تساوم في أي لحظة على أمن جنودها".
ويشكل طلب المجلس العسكري الذي وصل الى السلطة في مالي بالقوة في أغسطس/آب 2020، بالانسحاب الفوري تحدياً جديداً للشريك الفرنسي السابق بعد أشهر من التوتر بين البلدين.
وينتشر حوالي 2400 عسكري فرنسي في مالي من أصل 4600 في منطقة الساحل. وفك ارتباط هذه القوات وتفكيك قواعدها وكذلك إجلاء معداتها بينها مئات المدرعات يشكل في ذاته مهمة كبرى وخطرة.
وكان الرئيس ماكرون أعلن الخميس أن إغلاق القواعد الثلاث في غاو وميناكا وغوسي سيمتد على أربعة إلى ستة أشهر.
ويطالب الجيش بالسيادة الوطنية، فيما قامت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون بإضفاء الطابع الرسمي على انسحابهم العسكري من مالي الخميس ما دفع بالجهات الأجنبية الأخرى الموجودة في البلاد إلى التشكيك علانية في التزامها في هذا البلد. وتحدثوا عن "عراقيل متعددة تضعها السلطات المالية".
أزمات متعددة
لكن باريس وشركاءها يرغبون في "البقاء ملتزمين في منطقة" الساحل "وتوسيع دعمهم إلى الدول المجاورة في خليج غينيا وغرب أفريقيا"، حيث يهدد الجهاديون بالانتشار، بحسب بيان مشترك وقعته 25 دولة أوروبية وأفريقية وكندا.
وتندد فرنسا والغربيون بما وصفته استعانة السلطات المالية بمجموعة "فاغنر" الروسية للخدمات الخاصة التي تعتبر أعمالها مثيرة للجدل، فيما تؤكد السلطات المالية عدم لجوئها إلى المرتزقة وتتحدث عن تعاون بين دولة وأخرى مع روسيا.
كما دانت فرنسا ودول غرب أفريقيا وجزء من المجتمع الدولي، تراجع العسكريين عن تعهدهم الأساسي بتنظيم انتخابات في فبراير/شباط 2022 كان من شأنها أن تعيد المدنيين إلى السلطة، إلا أنّ الواقع يشير إلى أنهم يعتزمون الآن البقاء لعدة سنوات أخرى.
واستند المجلس العسكري بذلك إلى ضرورة القيام بإصلاحات بعيدة المدى ويشدد على السيادة الوطنية منذ أن فرضت مجموعة دول غرب أفريقيا عقوبات اقتصادية ودبلوماسية شديدة على مالي في 9 يناير/كانون الثاني. وتتهم فرنسا باستخدام المنظمات الأفريقية كأدوات ضدها.
وجاء في البيان الذي تلي ظهر الجمعة أنّ "الحكومة تذكر بأنه مقارنة بالنتائج المنتظرة، فإنّ النتائج التي تم الحصول عليها والمعلنة رسمياً من قبل السلطات الفرنسية لم تكن مرضية" سواء كان بما يتعلق بعملية "سيرفال" عام 2013 أو "برخان" التي حلّت محلها.
وتدخلت فرنسا عام 2013 لوقف تقدم الجماعات المتطرفة التي كانت تهدد باماكو ثم شكلت عملية إقليمية كبرى "برخان" ونشرت آلاف الجنود لمكافحة الفرعين المحليين للقاعدة وتنظيم "داعش".
ورغم الانتصارات التكتيكية، لم تتمكن الدولة المالية من السيطرة فعلياً على الأرض. كما أوصل انقلابان في 2020 و2021 مجموعة عسكرية إلى الحكم قامت بتأجيج المشاعر المناهضة لفرنسا.
وتستضيف مالي أيضاً 15 ألف جندي من الأمم المتحدة ضمن قوة "مينوسما" التي أعلنت الخميس أنها تدرس تأثير انسحاب فرنسا وشركائها.
(فرانس برس)