دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى "ضرورة وضع حد للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان"، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، مساء الجمعة، بعد اجتماع عُقد بين الزعيمين.
وأخفق مجلس النواب اللبناني للمرة الثانية عشرة، يوم الأربعاء، في انتخاب رئيس جديد للبلاد. وتستمر المواجهة السياسية بين حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه من جهة، وخصومه من جهة أخرى.
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان، مساء الجمعة، إنّ عدم انتخاب رئيس منذ ثمانية أشهر "يبقى العائق الرئيسي أمام معالجة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية الحادة" التي يعانيها لبنان.
وفي غمرة أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، تتولى شؤون لبنان حكومة لتصريف الأعمال ذات سلطات محدودة.
كذلك، ذكّر الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي بـ"تمسكهما المشترك بالأمن والاستقرار في الشرقين الأوسط والأدنى، وأعربا عن نيتهما مواصلة جهودهما المشتركة من أجل تهدئة دائمة للتوترات".
وعلى الصعيد الثنائي، يعتزم الجانبان "تطوير الشراكة بين البلدين وتعميقها".
وأبدت باريس استعدادها أيضاً "لمواكبة المملكة العربية السعودية في تعزيز قدراتها الدفاعية". وأشارك ماكرون إلى "نية الشركات الفرنسية الاستمرار في مواكبة السعودية في تنفيذ رؤية 2030 الطموحة".
في هذا السياق، أبرز ماكرون "الخبرة المعترف بها للشركات الفرنسية، خصوصاً على صعيد الانتقال في مجال الطاقة والنقل والصحة والتكنولوجيات الجديدة".
واستقبل ماكرون، يوم الجمعة، بن سلمان في باريس، في مسعى لدفع الحاكم الفعلي للمملكة إلى تقديم دعم أكبر لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي والعمل على حلّ لأزمة الرئاسة في لبنان.
وبدأت المباحثات على مأدبة غداء، وركّزت على العلاقات الثنائية وكذلك على "تحديات الاستقرار الإقليمي"، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.
وتنأى السعودية بنفسها إلى حدّ ما عن الملف الأوكراني، وقد دعت إلى إنهاء الحرب.
وحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الشهر الماضي، جانباً من قمة جامعة الدول العربية التي استضافتها المملكة في مدينة جدّة، في أول زيارة له إلى المنطقة منذ بدء الغزو الروسي لبلاده. حينها، وضع ماكرون طائرة حكومية فرنسية بخدمة زيلينكسي أقلّته إلى جدّة ثمّ إلى اليابان، للمشاركة في قمة مجموعة السبع.
وكانت الرياض قد صوّتت لصالح قرارات مجلس الأمن المندّدة بالغزو الروسي وضمّ موسكو مناطق في شرق أوكرانيا، لكنّها في الوقت نفسه واصلت التنسيق بشكل وثيق مع روسيا حول السياسات النفطية، وتوسّطت في عملية تبادل للأسرى بين كييف وموسكو.
ويسعى ماكرون علناً إلى إقناع دول غير منحازة على غرار الصين، والهند، والسعودية، بالضغط على موسكو لإنهاء حربها على أوكرانيا.
ورأى الرئيس الفرنسي أن زيارة زيلينسكي لجدّة سمحت "بالحصول على دعم واضح جداً من السعودية وقوى كبرى أخرى في المنطقة".
على خط مواز، أجرى رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المقرب من بن سلمان، محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش منتدى اقتصادي في سانت بطرسبرغ.
وخلال وجوده في فرنسا، يشارك بن سلمان في القمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد"، التي ينظّمها ماكرون في باريس في 22 و23 يونيو/ حزيران.
كما يشارك، الإثنين القادم، في حفل استقبال رسمي تنظمه المملكة بمناسبة ترشّح الرياض رسمياً لاستضافة إكسبو 2030، وهي مسألة ترغب الرياض في الحصول على دعم فرنسي فيها.
وعيّن الرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان "مبعوثاً خاصاً إلى لبنان" لمحاولة المساعدة في التوصل إلى مخرج من المأزق السياسي. ويُتوقع أن يزور السياسي المخضرم بيروت قريباً.
ويشير المستشار لشؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية الباحث ديني بوشار إلى أن الرياض قد "تلعب دوراً للتخفيف من حدّة موقف حزب الله، وذلك من خلال إيران، للتوصل إلى حلّ وسطي" بشأن الرئاسة في لبنان. ويضيف "المسألة هي معرفة ما إذا كانت مصالحة السعودية وإيران يمكن أن تساهم في تهدئة الساحة السياسية في لبنان".
وأعلنت السعودية وإيران، في مارس/آذار الماضي، استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، في اتفاق مفاجئ أُبرم برعاية الصين، ما أثار آمالاً بحلحلة ملفات إقليمية عدة.
وأثارت الزيارة السابقة لولي العهد إلى باريس انتقادات كثيرة في فرنسا من جانب منظمات حقوقية ومعارضين يساريين، اتهموا ماكرون بالتضحية بحقوق الإنسان لصالح "البراغماتية"، إزاء ارتفاع أسعار الطاقة.
(فرانس برس)