ماكرون في زيارة رسمية للمغرب.. لبناء شراكة جديدة بعد أزمة صامتة استمرت 3 سنوات

28 أكتوبر 2024
إيمانويل ماكرون خلال زيارته الرباط، 15 نوفمبر 2018 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بعد أزمة ثلاث سنوات، مع التركيز على وضع خارطة طريق جديدة للمستقبل، في ظل اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء.
- تشمل أجندة الزيارة لقاءات مع الملك محمد السادس ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، وتوقيع اتفاقيات في مجالات متعددة، مثل التعاون الاقتصادي والعسكري، لتعزيز المصالح المشتركة.
- تسعى الزيارة لبناء شراكة جديدة تشمل التعاون الاقتصادي والعسكري، وقضايا الأمن والهجرة، مع اهتمام فرنسا بالمشاريع الكبرى في المغرب.

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء اليوم الاثنين زيارة رسمية تمتد لثلاثة أيام إلى المغرب، بعد تجاوز أزمة صامتة استمرت لثلاث سنوات بين البلدين، بسبب قرار باريس تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، وموقفها من ملف الصحراء، واتهامات بالتجسس ورهان ماكرون على الجزائر. وتأتي الزيارة في سياق تحول دبلوماسي لافت في علاقات الرباط وباريس وفي مسار حل نزاع الصحراء، بعد إعلان ماكرون في 30 يوليو/ تموز الماضي، اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء.

وستكون زيارة ماكرون هي الثالثة له إلى المغرب منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، بعد زيارة أولى قام بها في عام 2017 في بداية ولايته الأولى، وثانية في عام 2018 لتدشين خط القطار الفائق السرعة طنجة الدار البيضاء مع العاهل المغربي، الملك محمد السادس. ويعول البلدان على وضع خارطة طريق لمستقبل العلاقة بين البلدين، عبر بحث سبل تعزيز العلاقات بينهما وبدء صفحة جديدة، فيما يبدو لافتاً حجم الرهانات التي تضعها باريس على الزيارة الحالية من خلال تشكيلة وعدد الوفد الرسمي الذي يرافق ماكرون في زيارته، والمتكون من تسعة وزراء ومسؤولين فرنسيين ضمن 122 فرداً بينهم برلمانيون وسياسيون وعلماء وفنانون ورياضيون.

ومن أبرز الوزراء الذين سيرافقون الرئيس الفرنسي في زيارته إلى المملكة وزير الداخلية برونو ريتايلو، ووزيرة التربية الوطنية آن جينيتيت، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية جان نويل بارو، ووزيرة الثقافة رشيدة داتي، بالإضافة إلى وزير القوات المسلحة سيباستيان ليكونوا، ووزير الاقتصاد والمالية والصناعة أنطوان أرماند، ووزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية والغابات ني جينيفارد، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي باتريك هيتزل. وينتظر أن يحظى ماكرون بمراسم استقبال رسمية عند وصوله إلى القصر الملكي بالرباط، قبل أن يعقد لقاء ثنائياً مع العاهل المغربي يعقبه حفل لتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية، وفق ما كشف عنه قصر الإليزيه.

وفي اليوم التالي للزيارة سيستقبل ماكرون بمقر إقامته رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، ورئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، ورئيس مجلس المستشارين محمد ولد رشيد. ومن أبرز محطات الزيارة إلقاء ماكرون صباح غد الثلاثاء خطاباً أمام البرلمان بمجلسيه في جلسة مشتركة، واختتام اجتماعات المقاولين المغاربة والفرنسيين، حيث من المتوقع أن يناقش ماكرون القطاعات الاستراتيجية للمستقبل، وذلك بالجامعة الدولية بالرباط.

وتحظى زيارة ماكرون بمتابعة كبيرة باعتبارها "تعكس عمق العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين لتوطيد الروابط المتعددة الأبعاد التي تجمع البلدين"، وفق بيان لوزارة القصور الملكية والتشريفات المغربية. كما تروم ترسيخ وإعادة إطلاق العلاقات الثنائية بعد فترة طويلة من الفتور، بحسب قصر الإليزيه.

أبعاد زيارة ماكرون

وفي الإطار، قال رئيس "المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية"، نبيل الأندلوسي، لـ"العربي الجديد "، إن للزيارة بعداً استراتيجياً لبناء شراكة جديدة بين البلدين، على أساس من التوازن والوضوح وتقوية المصالح المشتركة بينهما، بعد فترة من التوتر والجمود التي أثرت على هذه العلاقات ذات البعد التاريخي. وأوضح الأندلوسي أن طبيعة الوفد الرفيع الذي يرافق ماكرون في زيارته، ويضم وزراء ومنتخبين واقتصاديين وشخصيات ثقافية ورياضية، وما تتضمنه من أجندة، والإعداد لتوقيع اتفاقيات شراكة وتعاون، تؤكد أهمية الزيارة ودلالاتها.

ولفت إلى أن ⁠المصالح الاقتصادية بين البلدين سيكون لها حضور معتبر في هذه الزيارة بعد تأثرها النسبي بسبب فترة الجمود التي مرت منه العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس. ويحتل التعاون الاقتصادي صدارة أجندة زيارة الرئيس الفرنسي، حيث ينتظر توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بحضور رجال أعمال ومدراء شركات كبرى من البلدين. كذلك سيكون التعاون العسكري بين البلدين من بين الملفات التي سيتم الخوض فيها، إذ أكدت وسائل إعلام فرنسية حضور صفقات عسكرية في زيارة ماكرون إلى المغرب، تتعلق بمروحيات "كراكال" وغواصات.

اتفاقيات عسكرية واقتصادية

وبحسب الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، فإن "الزيارة سيتمخض عنها توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية المهمة، سترسم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في العقود المقبلة خصوصاً أن المغرب مقبل على مشاريع مهمة تهم تأهيل الجيش المغربي وتقوية أسسه الدفاعية وتجهيز عدد من المطارات بالطائرات المدنية والعسكرية والمشاريع الكبرى المتعلقة بتنظيم الاستحقاقات الرياضية العالمية التي يستعد المغرب لاحتضانها، وهي المشاريع الكبرى التي تطمح فرنسا للحصول على نصيب منها".

واعتبر أونغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة ماكرون للمغرب تدخل ضمن الزيارات التاريخية المشهودة لرؤساء دول تم الاحتفاء بهم مغربياً، وهي بهذا الزخم الكبير والاهتمام البالغ في المغرب لأنها تحمل عدداً كبيراً من الدلالات العميقة ومنها أن الدولة الفرنسية قد حسمت موقفها المهم والمؤثر من قضية الصحراء المغربية لفائدة وجاهة وموضوعية مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كأرضية توافقية لحل القضية".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

من جهة أخرى، توقع المتحدث ذاته أن يحوز الأمن الإقليمي إلى جانب الهجرة غير الشرعية جانبا مهما من المحادثات بين مسؤولي البلدين، مشيراً إلى أن فرنسا تعلم علم اليقين الأدوار المهمة التي يقوم بها المغرب في منطقة الساحل الأفريقي وجهوده الكبيرة لمحاربة الهجرة غير الشرعية وتدفق الجماعات الإرهابية، مؤكداً التعاون الأمني المغربي الفرنسي نموذجي وفي مصلحة البلدين.

المساهمون