أصدر الرئيس رجب طيب أردوغان أخيراً قراراً بتعيين 41 سفيراً جديداً، بينهم سفراء في أثينا وطهران وتل أبيب ولندن وعمان.
وكان لافتاً نقل نواب وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو الثلاثة من مقر الوزارة في أنقرة إلى أماكن أخرى. فالنائب الأول سادات أونال عُين ممثلاً دائماً لدى الأمم المتحدة، فيما الثاني فاروق كيماكجي أصبح ممثلاً دائماً لدى الاتحاد الأوروبي. وتم تعيين النائب الثالث، وهو يافوز سليم كيران، سفيراً لدى كرواتيا.
رسول طوسون: التغييرات التي حصلت في الخارجية مهمة كماً ونوعاً
وإضافة إلى تعيين نواب وزير الخارجية سفراء في دول مهمة، تم تعيين شاكر أوزكان تورونلار سفيراً في تل أبيب، وذلك عقب تعيين إسرائيل أيريت ليليان، في سبتمبر/أيلول الماضي، سفيرة في أنقرة، في ظل التقارب الحاصل أخيراً بين الطرفين.
وجرى تعيين رئيس قسم سورية في الخارجية التركية سلجوق أونال، سفيراً في لاهاي، والمسؤول الأمني عن الملف السوري في الخارجية التركية أردم أوزان سفيراً في العاصمة الأردنية عمان.
وتسلّم مسؤول الدبلوماسية والشؤون البحرية والقانونية في وزارة الخارجية تشاغاتي أرجياس منصب السفير في اليونان، وسط تصاعد التوتر بين البلدين في بحر إيجه.
أما ليفنت غومروكجو، مسؤول ملف الولايات المتحدة في وزارة الخارجية، فقد عُين مندوباً لتركيا لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فيما عين البروفيسور في اللغة الفارسية حجابي كرلانغتش سفيراً في طهران، ومحمد حكيم أوغلو في مسقط، وكبير مستشاري وزير الخارجية كوراي ارتاش في لندن، فضلاً عن تعيين عشرات السفراء الجدد في عواصم مختلفة حول العالم.
يشار إلى أن هناك تغييرات تجرى في وزارة الخارجية منذ عام 2017، تهدف إلى الاستفادة من تجربة الكادر المخضرم في الخارج، وتعيين شخصيات جديدة أكثر قرباً في مركز القرار.
وتعد تركيا، بحسب تصريحات لوزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، في مايو/أيار الماضي، خامس دولة في العالم من حيث عدد الممثليات في الخارج، بما مجموعه 253 ممثلية. فماذا وراء هذه الحركة الدبلوماسية الأخيرة؟
تغييرات دبلوماسية مهمة كماً ونوعاً
ووصف رسول طوسون، القيادي في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم والنائب السابق، التغييرات التي حصلت في وزارة الخارجية بالمهمة من ناحية الكم والنوع، لاسيما مع إخراج 3 من المستوى الأول في الوزارة إلى أماكن مهمة خارج تركيا.
لكن طوسون أشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحركة تأتي في ظل انتهاء مدة العديد من السفراء في العواصم التي خدموا بها، وكذلك في إطار إعادة تموضع على مستوى السياسة الخارجية، في ظل مرحلة دولية جديدة بكل تفاصيلها وفرصها وتحدياتها.
وأوضح طوسون أن تعيين أوزان سفيراً في عمان، سيساعده أكثر في متابعة الملف السوري، خصوصاً أن الأردن دولة مهمة جداً بالنسبة لهذا الملف. ولفت إلى أن تورونلار خبير في الشأن الفلسطيني، كما أن تعيينه سفيراً في تل أبيب جاء عقب تعيين سفير إسرائيلي جديد في أنقرة.
واعتبر الباحث في مركز "سيتا" للدراسات المقرب من الحكومة التركية، محمود الرنتيسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التعيينات الأخيرة للدبلوماسيين الأتراك تظهر أن أنقرة مستمرة في السعي إلى تحقيق تفوق كمي ونوعي على مستوى شبكتها الدبلوماسية.
التغييرات تظهر مرونة تركيا
وقال الرنتيسي إن "التغييرات الأخيرة تظهر ميزة مرونة تركيا وخياراتها في التعامل مع مرحلة جديدة على المستوى الدولي بكل فرصها وتحدياتها، في ظل الأزمات الدولية والتحولات في النظام الدولي والتغييرات في سياسات القوى الكبرى".
محمود الرنتيسي: التغييرات تظهر خيارات تركيا للتعامل مع مرحلة دولية جديدة
وحول الجدل الحاصل بشأن تعيين تورونلار سفيراً لتركيا في تل أبيب، فإنه جاء، وفقاً للباحث في مركز الشرق الأوسط التابع لجامعة "سكاريا" صادق شهيد، في حديث مع "العربي الجديد"، بعد سلسلة من خطوات التقارب السريعة بين تركيا وإسرائيل، وكجزء من جهود أنقرة لإصلاح علاقاتها مع منافسيها الإقليميين السابقين، بما في ذلك السعودية والإمارات ومصر.
وأوضح شهيد أن تورونلار تسلم سابقاً منصب القنصل العام في القدس بين 2010 و2013، وهو مطلع على الشأن الإسرائيلي وملمّ بالقضية الفلسطينية، وهذا دليل آخر على اهتمام أنقرة بتحقيق التقارب مع تل أبيب.
وتجددت العلاقات بعد حالة الجمود الشديد بين تركيا وإسرائيل، بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، أعقبتها زيارة قام بها هرتسوغ إلى تركيا في مارس/آذار الماضي.