استمع إلى الملخص
- في نوفمبر 2023، تمت صفقة تبادل بوساطة دولية، أفرجت إسرائيل عن 240 أسيراً فلسطينياً مقابل إطلاق حماس سراح 105 مدنيين، لكن العمليات العسكرية الإسرائيلية استمرت لاستعادة المحتجزين.
- فشلت الجهود الدبلوماسية في تحقيق صفقة شاملة بعد اغتيال إسماعيل هنية، وتطالب المقاومة بانسحاب إسرائيلي ووقف إطلاق النار، بينما تواجه الحكومة الإسرائيلية انتقادات داخلية.
في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بات عشرات المحتجزين الإسرائيليين في قبضة حركة حماس، بين مستوطنين وجنود. وتمكنت الحركة من جلبهم إلى قطاع غزة في هجوم "طوفان الأقصى"، الذي نفذته وطاول مختلف مستوطنات غلاف غزة والمواقع العسكرية المحاذية على مسافة 30 كيلومتراً. وطالبت حركة حماس ومعها عدد من فصائل المقاومة الفلسطينية، على رأسها حركة الجهاد الإسلامي التي احتجزت أعداداً أقل من الإسرائيليين، بإبرام صفقة تبادل مع الاحتلال الإسرائيلي في مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لا سيما أولئك الذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، والذين تصفهم إسرائيل بالملطخة أيديهم بالدماء.
المحتجزون الإسرائيليون في غزة
وفي بداية الحرب على القطاع أعلنت "حماس" و"الجهاد الإسلامي" عن صفقة "الكل مقابل الكل"، إلا أن الاحتلال أطلق حرب الإبادة التي حملت اسم "السيوف الحديدية"، التي شهدت تدمير مساحة واسعة من القطاع وقتل نحو 50 ألف فلسطيني عدا عن إصابة نحو 100 ألف آخرين، فضلاً عن أسر المئات خلال العمليات العسكرية. وبحسب التقديرات التي أطلقتها حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، أضحى عشرات المحتجزين الإسرائيليين في الأسر، وتجاوز عددهم 250 أسيراً وأسيرة غالبيتهم من الإسرائيليين، فضلاً عن بعض الآسيويين، الذين كانوا يعملون في الأراضي المحتلة عام 1948 مثل الفيليبين وتايلاند وغيرهما من الدول الآسيوية.
المقاومة الفلسطينية تحتجز 101 إسرائيلي وفقاً لنتنياهو
وتحول المحتجزون الإسرائيليون إلى ورقة بيد حركة حماس في الأيام الأولى للحرب، مع عرض المتحدث العسكري للحركة أبو عبيدة تسليم المحتجزين المدنيين من دون مقابل، في إطار بادرة "حسن نية"، مع إشارة المقاومة إلى أن عدداً من المحتجزين هم بيد أشخاص مدنيين، نجحوا في الوصول إلى الأراضي المحتلة بعد هجوم السابع من أكتوبر المباغت، الذي نجحت فيه المقاومة بشل التحصينات الأمنية للاحتلال، غير أن الاحتلال رفض ذلك العرض وشرع في حربه المدمرة. ومع عمل الوسطاء القطريين والمصريين والأميركيين، توصلت المقاومة لإبرام صفقة تبادل تقوم على إطلاق سراح العشرات من المدنيين الإسرائيليين، في مقابل أسرى فلسطينيين من النساء والأطفال يحتجزهم الاحتلال الإسرائيلي منذ فترات وسنوات متباعدة، جميعهم من الضفة الغربية المحتلة والقدس والداخل المحتل.
وفي هذه الصفقة التي تم التوصل إليها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أطلق الاحتلال سراح 240 أسيراً فلسطينياً، 107 منهم أطفال، وثلاثة أرباعهم لم تتم إدانتهم بأي تهم، في المقابل، أطلقت حماس سراح 105 مدنيين، من بينهم 81 شخصاً من إسرائيل و23 تايلاندياً وفيليبيني واحد. وتمّت الصفقة على مدار سبعة أيام، ورفض الاحتلال تمديدها. وظلّ المحتجزون الإسرائيليون أسرى مساعي الاحتلال على مدار فترات الحرب المدمرة التي دخلت عامها الثاني، عبر محاولته استعادة محتجزيه بأدوات عدة، أبرزها الضغط العسكري، في ظل إفشاله كل العروض التي وضعها الوسطاء للوصول إلى اتفاق، في المقابل، أكدت المقاومة على أن الاحتلال لن يستعيد أسراه بالطرق العسكرية أحياء وأنه سيحصل عليهم جثثاً. مع ذلك ظلّ المحتجزون الإسرائيليون في قطاع غزة.
ورغم ذلك فقد نجحت محاولتان قام بهما جيش الاحتلال في استعادة ستة محتجزين إسرائيليين، وكانت البداية في 12 فبراير/ شباط الماضي، حين نفذ الاحتلال عملية عسكرية في مخيم الشابورة بمدينة رفح، جنوبي القطاع، استعاد فيها الأسيرين فرناندو سيمون مارمان ولويس هار. وعاود الاحتلال الإسرائيلي الكرة بعملية عسكرية دامية نفذها بمخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين في الثامن من يونيو/ حزيران 2024، استعاد فيها أربعة محتجزين إسرائيليين، هم نوعا أرغماني وألموع مئير وأندري كوزلوف وشلومي زيف، فيما استشهد في الهجوم عشرات الفلسطينيين الذين كانوا في مخيم النصيرات بفعل القصف الإسرائيلي. وشكلت الحادثة مدخلاً لإعلان المقاومة و"كتائب القسام" على وجه الخصوص، التي تحتجز العدد الأكبر من المحتجزين الإسرائيليين، فرصة لتغيير التعامل الأمني والميداني في حال وجود أي خطر أو عملية عسكرية تستهدفهم. وقد شهد الشهر الماضي تبادل اتهامات بين جيش الاحتلال وحركة حماس عقب العثور على جثامين ستة محتجزين إسرائيليين في أحد الأنفاق في رفح.
وبحسب الإعلانات الإسرائيلية، فإن الاحتلال وصل لأكثر من 40 جثة، تمكن من استعادتها خلال العمليات العسكرية التي طاولت مختلف المناطق والمدن في القطاع، وسط اتهامات مستمرة من المقاومة له بأن الاحتلال أعدم المحتجزين الإسرائيليين عبر القصف الجوي والمدفعي الذي يقوم به منذ بداية الحرب التي اندلعت قبل عام. ووفقاً للأرقام والمعلومات المتداولة، فإن المقاومة الفلسطينية ما زالت تحتجز 101 إسرائيلي، من بينهم أكثر من 50 على قيد الحياة وفقاً لتصريحات حديثة أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما بات المحتجزون الإسرائيليون المتبقون عبارة عن جثث، إما قتلوا خلال الحرب أو نقلوا جثثاً إلى غزة في يوم الهجوم قبل عام.
رفض الاحتلال عروضاً من حركة حماس للإفراج عن محتجزيه
نتنياهو والتخلي عن المحتجزين
مع ذلك، اعتبرت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، مساء أول من أمس السبت، أن نتنياهو قرر التخلي عن ذويهم من أجل الحفاظ على منصبه السياسي. وجاءت الانتقادات في مؤتمر صحافي عقدته عائلات المحتجزين أمام مقر وزارة الأمن الإسرائيلية (الكرياه)، في تل أبيب. وأكدت أن نتنياهو "قرر بوعي التضحية بحياتهم من أجل استمرار حكمه"، وأن "المختطفين أصبحوا رهائن في حرب نتنياهو من أجل البقاء السياسي". وأضافت هذه العائلات في المؤتمر الصحافي الذي بثته قناة كان الرسمية، أن نتنياهو "لا يتحمل المسؤولية فقط، بل يتعمد تجاهل قضيتهم، ومحاولة نسيانهم".
ورغم تقديم الوسطاء عشرات المقترحات للطرفين (حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي)، للوصول إلى صفقة تبادل، إلا أن هذه المقترحات فشلت جميعها في الوصول إلى صفقة تبادل حتى الآن، لا سيما منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران في 31 يوليو/ تموز الماضي. وتتمثل مطالب المقاومة الفلسطينية في الانسحاب الإسرائيلي من القطاع ووقف إطلاق النار بشكل دائم، فضلاً عن فتح المعابر وإدخال كافة الاحتياجات الإنسانية والبضائع من دون قيود وبدء عملية إعادة الإعمار، بالإضافة لتنفيذ صفقة تبادل مشرفة يتم بموجبها إطلاق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين مقابل المحتجزين الإسرائيليين.