فيما تتصاعد هواجس الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن احتمالية خسارته الانتخابات الرئاسية، يُثار جدل لدى الخبراء والمحللين السياسيين حول إمكانية رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض على إثر رفضه التعهد بانتقال سلمي للسلطة في حال هزيمته في الانتخابات.
وفي آخر تصريحاته التي تعكس خشيته من الخسارة وعدم المغادرة بسهولة، قال الرئيس الأميركي، اليوم السبت، إنه لن يخسر الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا إذا أقدم الديمقراطيون على تزوير الانتخابات عبر البريد. وأضاف في كلمة ألقاها مخاطبا تجمعا من أنصاره في ولاية فيرجينيا: "لن نخسر الانتخابات إلا إذا أقدموا على الغش. ولا يمكننا أن نسمح لهم بذلك، فالحديث يدور عن مصير بلادنا، لأن هؤلاء الناس سيدمرون بلادنا.. إنه الغش وهم يعلمون ذلك، ووسائل الإعلام تعلم تمام العلم ماذا سيحدث. والديمقراطيون يعلمون ذلك أحسن من غيرهم. لكن لا يمكننا أن نسمح لهم بذلك. فإذا لاحظتم شيئا من هذا القبيل فعليكم أن تبلغوا بذلك على الفور".
وتابع الرئيس الأميركي: "نريد جدا أن يكون الانتقال وديا، لا نريد أن يخدعونا، ولا نريد لأن نكون حمقى ونقول: دعونا نسلم لهم الحكم، ونحن نعلم أنهم زوروا ألوفا مؤلفة من بطاقات الاقتراع. هذا ما لن نتسامح معه أبدا".
وكان ترامب، قال يوم أمس الجمعة، إن الأميركيين قد لا يعرفون الفائز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني لعدة أشهر بسبب الخلافات حول بطاقات الاقتراع بالبريد، معززاً انتقاده لطريقة يمكن أن يستخدمها نصف الناخبين الأميركيين هذا العام.
كما رفض ترامب التعهد بانتقال سلمي للسلطة إذا خسر انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن. وقال ترامب، الأربعاء الماضي، للصحافيين في البيت الأبيض رداً على سؤال عما إذا كان سيلتزم بانتقال سلمي للسلطة: "سنرى ما سيحدث".
وتابع قائلاً: "أعتقد أن من الأفضل الذهاب إلى ذلك قبل الانتخابات، لأني أرى أن ما يحاول الديمقراطيون القيام به احتيال، هذا الاحتيال سيعرض أمام المحكمة العليا للولايات المتحدة الأميركية"، وذلك في إشارة من ترامب لخدمة التصويت عبر البريد، التي يصفها بعملية تحايل دون أن يقدم أدلة بخصوص ذلك.
من جهتها، تساءلت صحيفة "بيلد" الألمانية عماذا سيحصل لو لم يقبل ترامب نتائج الانتخابات الأميركية ورفض مغادرة البيت الأبيض، وما مدى احتمالية حصول تزوير، وما دور المحكمة العليا في البت بمن سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة، إذا لم يتم التعرف على النتائج في ذات الليلة.
ورداً على هذه التساؤلات، قال الخبير في الشؤون الأميركية وأستاذ الدراسات الأجنبية في جامعة أيرلانغن ـ نورمبرغ، أندرياس فالكه، في تصريح لصحيفة "بيلد" عن احتمالية التزوير، إنه، ووفقاً لدراسات مستقلة، فإن احتمال حدوث تزوير هو 0.0002 بالمائة، وقد تكمن المشاكل في أخطاء شكلية في عملية التصويت أو عدم تطابق توقيعات أو تاريخ خاطئ، لافتاً إلى أن الجمهوريين في الولايات المتأرجحة يبنون على ذلك.
وفي رده على سؤال بخصوص ما الذي سيحصل لو رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض، وهل سيتعين على الخدمة السرية في النهاية اتخاذ إجراء لإخراج الرئيس من مقعده الرسمي، قال فالكه إن مثل هذا السؤال قد يبدو مجنوناً، لكنه الآن موضع جدل بين الخبراء والمحللين السياسيين.
وأوضح فالكه أنه في حال الطوارئ، سيكون هناك حاجة لذلك، مشيراً إلى أن مثل هذا الموقف قد يؤدي إلى تجدد أعمال الشغب بين مؤيدي ترامب وخصومه. وأضاف "ستكون هناك احتجاجات انتقائية تتحول إلى عنف في مثل هذا الوضع المتوتر، من منطلق أن أنصار ترامب قد يرون أن الهزيمة المحتملة غير شرعية، ولن تكون ظاهرة الاحتجاجات وطنية".
وعن إمكانية أن تحسم المحكمة العليا الجدل حول نتائج الانتخابات، قال فالكه إنه في حال حصول ذلك، فلن تكون المرة الأولى التي تقرر فيها المحكمة نتيجة انتخابات رئاسية، مذكراً أنه في انتخابات العام 2000، كان الجمهوري جورج دبليو بوش قريباً جداً من منافسه الديمقراطي آل غور بعد أول تعداد للأصوات في فلوريدا، لدرجة أنه كان من المقرر أن يتم حينها إجراء تعداد ثان. وأوضح أن المحكمة قررت في ذلك الوقت وقف عمليات إعادة الفرز، وكان العامل الحاسم حينها أن آل غور اعترف علناً بهزيمته. وبخصوص ما إذا كان ترامب سيتخذ هذه الخطوة أيضاً، يقول فالكه إن الأمور تظل مفتوحة على جميع الاحتمالات بعد تصريحاته الأخيرة.
ولم يستبعد أن تضطر المحكمة العليا أن تمارس نشاطها مرة أخرى، على الرغم من أنها لا تستطيع أن تقرر بشكل مباشر من سيكون الرئيس، إلا أنها يمكن أن تقدم إجابات على أسئلة مثل هل ينبغي أخذ أوراق الاقتراع التي تم ملؤها بشكل غير صحيح في الاعتبار ؟
واستندت الصحيفة، في مقاربتها، إلى تحذيرات الرئيس الأميركي الأخيرة من الخطر المزعوم لتزوير الانتخابات من خلال أوراق التصويت المرسلة بالبريد، إذ ألمح ترامب أيضا قبل أسابيع أن وثائق الانتخابات أُرسلت إلى ملايين المواطنين الأميركيين، مدعياً بأن ذلك سيزيد بشكل كبير من خطر التزوير، إذ كان ترامب قد أعلن أمام أنصاره أنه على قناعة بأنه لن يخسر الانتخابات إلا من خلال التزوير الانتخابي.
وأثار ترامب ضجة، مرة أخرى، بعد أن رفض التعهد بالتداول السلمي للسلطة، عندما سأله أحد المراسلين، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي، فأجاب "علينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث"، مما أثار انتقادات واسعة في صفوف الجمهوريين والديمقراطيين.
و أعلن مجلس الشيوخ، الذي يتمتع فيه الجمهوريون بالأغلبية، التزامه بالتبادل السلمي للسلطة، وأكد ذلك زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل.
وكتب ماكونيل على "تويتر": "سيتم تنصيب الفائز في انتخابات الثالث من نوفمبر في 20 يناير/كانون الثاني. سيكون هناك انتقال منظم تماما كما كان الحال كل أربع سنوات منذ عام 1792".
The winner of the November 3rd election will be inaugurated on January 20th. There will be an orderly transition just as there has been every four years since 1792.
— Leader McConnell (@senatemajldr) September 24, 2020