تستعد القيادة المؤقتة لحركة النهضة التونسية لعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب، خريف هذا العام، بينما تقبع قيادتها التاريخية في السجون، وتحيط بها الضغوط والصعوبات من كل جانب.
ويعد تنظيم المؤتمر الـ 11 للنهضة، المؤجل عن موعده الرسمي في مايو/ أيار 2020، أكبر تحد أمام رئيس حركة النهضة بالإنابة، منذر الونيسي، والقيادة المركزية للحزب، التي أعلنت عزمها عقده في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وكشف الونيسي في تصريح لإذاعة "ديوان أف أم" المحلية أنه سيجري خلال المؤتمر "انتخاب قيادة ومكتب تنفيذي جديد للحركة"، مشيراً إلى "إمكانية ترشحه لرئاسة حركة النهضة وفق تعبيره".
كما عبر الونيسي عن استغرابه واستنكاره استمرار ما وصفه "باختطاف مقرات الحركة، رغم القيام بجميع الإجراءات الأمنية والقضائية، وتجاوب الحركة مع جميع إجراءات التحقيق والتفتيش".
وكان الونيسي قد أكد، في حوار سابق مع "العربي الجديد"، أن "انعقاد المؤتمر لن يتجاوز نهاية هذا العام"، مشيراً إلى أن "النقاش الأكبر داخل حركة النهضة هو تنظيم المؤتمر، الذي أصبح مطلوباً وطنياً ومحلياً وربما حتى دولياً وإقليمياً".
وأضاف الونيسي: "كنا سنعقد مؤتمراً في شهر يونيو/ حزيران الماضي، ولكن اعتقال الغنوشي وغيره من القيادات وافتكاك المقرات بقوة السلاح والقانون جعلنا غير قادرين على إنجاز المؤتمر لوجستياً".
وتقبل النهضة على عقد مؤتمرها، في غياب زعيمها راشد الغنوشي المعتقل منذ ما يزيد عن مائة يوم بتهم "التآمر على أمن الدولة"، و"التسفير إلى بؤر التوتر" وهي تهم تصل عقوباتها إلى الإعدام.
واعتبر القيادي في حركة النهضة، بدر الدين عبد الكافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تنظيم المؤتمر هو قرار مجلس الشورى المنعقد أخيراً"، مشيراً إلى أن "مؤتمر الحركة هو استحقاق داخلي تأخر إنجازه لاعتبارات متعددة، من بينها جائحة كورونا التي عطلت إنجازه، وبعض الصراعات الداخلية في الصف النهضوي، وكذلك استهداف الحركة من الانقلاب الذي يعد المعطل الأساسي".
وأضاف عبد الكافي أن "انعقاد المؤتمر هو رسالة للداخل والخارج بأن استمرارية النهضة ليست مرتبطة بالأشخاص رغم قيمتهم الاعتبارية، وكذلك يعكس رسالة تحمل المسؤولية رغم أولوية المطالبة بإطلاق سراح المسجونين لدينا".
ويقبع في السجون، منذ أشهر دون بوادر للإفراج عنهم، كل من نائب رئيس الحركة ورئيس الحكومة الأسبق، علي العريض، والنائب الثاني لرئيس الحزب ووزير العدل الأسبق، نور الدين البحيري، وقيادات أخرى وازنة في شورى النهضة ومكتبها التنفيذي، على غرار البرلماني السابق سيد الفرجاني، ورئيس الكتلة السابق الصحبي عتيق، والرئيس السابق للنهضة الحبيب اللوز، والبرلماني أحمد العماري، وصالح العلاقي.
وتعمل القيادة الحالية للنهضة دون مقرات بعد غلق مقرها المركزي في العاصمة ومقرات جبهة الخلاص، منذ 18 إبريل/ نيسان الماضي وإخضاعها للتفتيش من قبل السلطات.
واعتبر المحلل السياسي، شكري بن عيسى، في تعليق لـ"العربي الجديد"، أن "النهضة اليوم متأخرة بسنتين عن عقد مؤتمرها، بحسب قانونها الأساسي، وهذا التأخر الذي ليس لديه مبررات حقيقية، وقد أضر بحركة النهضة ولم ينفعها".
وأضاف بن عيسى أن "عدم عقد النهضة مؤتمرها الـ11 بموعده أضعفها وأضعف صفوفها، وتسبب في كثير من الانشقاقات داخلها واستقالات وازنة، حتى إن إحدى القيادات التاريخية، عبد اللطيف المكي، أنشأ حزباً كاملاً من المنشقين".
وقال بن عيسى إن "هناك عريضة يُروّج لها من داخل برلمان قيس سعيد تستهدف حل حركة النهضة، وبالتالي قد يُفهم أن المؤتمر هو ردة فعل على هذا الاستهداف، وعلى إغلاق نظام قيس سعيد مقرات النهضة بأنها رسالة استمرارية"، مضيفاً "قد يكون هناك إمكانية لأن يُفهم خيار عقد المؤتمر كاستفزاز للنظام، وقد يقود إلى تصعيد أو تصادم لا تقوى عليه الحركة الآن بسبب وضعها التنظيمي والسياسي".
وتساءل بن عيسى عن "الهيكل الذي اتخذ قرار عقد المؤتمر باعتبار الشغور الحاصل في الهياكل التنفيذية والتقريرية في الحزب بما يمكن أن يفتح مجال التشكيك في شرعية القرار".
وخلص المحلل إلى "أهمية أن تقوم حركة النهضة بمراجعات داخلها وتقييم أدائها وخياراتها السابقة في شكل ندوة تقييمية داخلية قبل أن تفكر في الذهاب إلى مؤتمرها الانتخابي".