مع بقاء أسابيع معدودة على الانتخابات التشريعية الروسية المقرر إجراؤها بين 17 و19 سبتمبر/أيلول المقبل، تتزايد مؤشرات اعتماد حزب "روسيا الموحدة" الحاكم على مؤسسه، فلاديمير بوتين، للتغلب على استمرار تآكل نسبة تأييد الحزب التي انخفضت إلى ما دون 30 في المائة أخيراً، وفق استطلاعات الرأي. ومن أجل تعبئة أنصاره، من المنتظر أن يشارك بوتين في المرحلة الثانية من مؤتمر "روسيا الموحدة" الذي ينعقد اليوم الثلاثاء، بعد استعانة الحزب بعدد من الشخصيات المقربة من الرئيس، وفي مقدمتها وزيرا الخارجية سيرغي لافروف، والدفاع سيرغي شويغو، بالإضافة إلى الوجوه الجديدة مثل كبير أطباء مستشفى كوموناركا المتخصص في علاج المصابين بفيروس كورونا، دينيس بروتسينكو.
يشارك بوتين في المرحلة الثانية من مؤتمر "روسيا الموحدة" اليوم الثلاثاء
ومن اللافت أنّ "روسيا الموحدة" قسّم مؤتمره هذا العام إلى ثلاث مراحل، وأجريت أولها في 19 يونيو/حزيران الماضي وأسفرت عن وضع قوائم المرشحين وإبعاد رئيس الحزب، دميتري مدفيديف، عن صدارتها. ويعتزم "روسيا الموحدة" أن يقدم برنامجه الانتخابي في المرحلة الثانية اليوم، بينما ستُجرى المرحلة الثالثة بعد الانتخابات التشريعية.
وقبل المؤتمر بيومين، عقد بوتين لقاء مع مرشحي "روسيا الموحدة"، وذلك على هامش الاحتفالات بيوم العلم الوطني، أول من أمس الأحد، لمناقشة البرنامج الانتخابي للحزب، طارحاً بضع مبادرات اجتماعية، مثل صرف دفعات إضافية للمتقاعدين والعسكريين قبل نهاية العام، وعدم إرغام السكان على تلقي التطعيم من فيروس كورونا، ودعم المشاريع التنموية في سيبيريا، وغيره.
في السياق، قال مدير "مجموعة الخبراء السياسيين" (منظمة روسية تضم خبراء ومحللين ومستشارين سياسيين)، قسطنطين كالاتشوف، إنّ "الحزب الحاكم هو أداة الرئيس، وهو بذلك مستعد لمشاركة شعبيته معه، عشية الانتخابات التشريعية". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد": "كما أن القائمين على مقر الدعم الشعبي لحزب روسيا الموحدة، يقدمون أنفسهم على أنهم فريق بوتين"، لافتاً إلى أن "المشكلة الوحيدة هي أن نسبة تأييد الرئيس نفسه تتراجع، فلن يُحدث حضوره معجزة. ولكن مشاركة بوتين في المؤتمر هي إشارة هامة للنواة الصلبة من ناخبي الحزب والهرم الإداري للسلطة بأسره". واستشهد كالاتشوف بنتائج استطلاعات "مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام"، موضحاً أنه "خلال شهري الحملة الانتخابية المتوازية مع حملة التطعيم ضد كورونا في يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين، تراجع استحسان أداء بوتين بنسبة 4 إلى 5 في المائة، بينما تراجع تأييد روسيا الموحدة بنسبة 3.5 في المائة إلى 27.2 في المائة. وفي ظل عدم تبلور أي بوادر لزيادة ملحوظة في نسبة التأييد، تندرج مشاركة الرئيس في المؤتمر ضمن الرهانات على تعبئة الأنصار والعازفين عن التصويت".
ورجح كالاتشوف أنه "في ظل هذا التوجه، سيعمل الكرملين على تحقيق الفوز بأكبر عدد من مرشحي حزب روسيا الموحدة في الدوائر الفردية التي ستحدد هي، لا القائمة النسبية، الأغلبية الواثقة في الدوما". وتوقع كالاتشوف أن تساعد التعبئة مع نسبة مشاركة ضئيلة نسبياً، "روسيا الموحدة" في الحصول على 45 إلى 50 في المائة من الأصوات، على أن يأتي الحزب الشيوعي الروسي في المرتبة الثانية بعد ارتفاع نسبة تأييده 4 في المائة أي إلى 16 في المائة أخيراً.
تندرج مشاركة بوتين في المؤتمر ضمن الرهانات على تعبئة الأنصار والعازفين عن التصويت
ولخص المتحدث نفسه العوامل المساعدة لفوز الحزب الحاكم، قائلاً: "يساهم في ذلك استمرار التصويت على مدى ثلاثة أيام، وعزوف التصويت الاحتجاجي، وسحق المعارضة غير النظامية، والتحسن المرتقب للوضع الوبائي في سبتمبر المقبل. كما أن الوضع الاجتماعي - الاقتصادي ليس حرجاً، وروسيا الموحدة هو الحزب الوحيد الذي يقود حملة انتخابية نشيطة متكاملة الأركان".
من جهتها، رأت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية في عددها الصادر أمس الإثنين، أن إشراف بوتين الشخصي على الاستعدادات لمؤتمر الحزب الحاكم يدل على "عودته بصفته الزعيم الوطني لحزب روسيا الموحدة، إلا أن نسبة تأييده الانتخابي لا تلبي هذا الوضع حتى الآن".
وفي تقرير بعنوان "بوتين يعدّ روسيا الموحدة للمؤتمر"، لفتت الصحيفة إلى أنّ لقاء بوتين مع مرشحي الحزب أول أمس الأحد، يمكن اعتباره بمثابة "البروفة الأخيرة"، معتبرة أنه تم اتخاذ "قرار استراتيجي" بوضع بوتين على عاتقه المسؤولية عن نتيجة الحزب بالانتخابات المرتقبة. وخلصت الصحيفة إلى أنه في حال أصبح بوتين "قائداً عاماً" لحملة "روسيا الموحدة"، فسيحصل مرشحوه على "احتياطات واسعة" من نسبة تأييده التي لا تزال، على الرغم من تراجعها، أعلى من نسبة تأييد الحزب الحاكم.
يذكر أنّ حزب "روسيا الموحدة" يحظى بأكبر كتلة نيابية في تشكيلة مجلس الدوما الحالية، وذلك بـ335 نائباً من أصل 450، متفوقاً بفارق هائل على الحزب الشيوعي الذي تضم كتلته 43 نائباً، والحزب الليبرالي الديمقراطي (40 مقعداً)، و"روسيا العادلة" (23 مقعداً)، وسط غياب للمعارضة "غير النظامية" عن التشكيلة الحالية للبرلمان.