بعد انتخابه رئيساً جديداً للحزب "الليبرالي الديمقراطي" الروسي في مؤتمره الـ34، الذي انعقد اليوم الجمعة، يصبح السياسي الروسي ليونيد سلوتسكي (54 عاماً)، وجهاً جديداً لثالث أكبر قوة سياسية في البلاد، بعد حزبي "روسيا الموحدة" الحاكم، و"الشيوعي"، وسط تساؤلات حول قدرته على إعطاء دفعة جديدة لتنمية الحزب بعد رحيل مؤسسه فلاديمير جيرينوفسكي.
وعلى مدى الأيام الماضية قبل توليه رئاسة الحزب "الليبرالي الديمقراطي" بشكل رسمي، برز اسم سلوتسكي بقوة في الملف الأوكراني وسط قيامه بزيارة إلى مناطق شرقي أوكرانيا، ليعرب من مدينة دونيتسك عن ثقته في أن "سكان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين سيعبّرون قريباً عن موقفهم، مثلما حدث يوماً في القرم وسيفاستوبول"، في تلويح لإمكانية ضم دونباس إلى السيادة الروسية وفق نموذج ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.
وفي سياق الحرب في أوكرانيا أيضاً، لمّح سلوتسكي إلى إمكانية استبدال الأسرى الأوكرانيين المنتمين إلى كتيبة "آزوف" القومية المتشددة برجل الأعمال والسياسي الموالي لروسيا فيكتور مدفيدتشوك، المعتقل في أوكرانيا منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، مؤكداً أن موسكو تنظر في الأمر.
وفي الوقت الذي كانت فيه شعبية الحزب "الليبرالي الديمقراطي" تعتمد كلياً على الشخصية البراقة لجيرينوفسكي ومواقفه اليمينية الشعبوية الجريئة المثيرة للجدل، ثمة شكوك في قدرة سلوتسكي على أن يحل محله كوجه جديد للحزب.
وتوقّع رئيس مجموعة "مينتشينكو كونسالتينغ" للعلاقات العامة يفغيني مينتشينكو أن يتحوّل نظام الحزب "الليبرالي الديمقراطي" في غياب جيرينوفسكي إلى نوع من القيادة الجماعية، مرجعاً اختيار سلوتسكي إلى علاقته الوطيدة مع الكرملين ووزارة الخارجية الروسية.
وقال مينتشينكو، في حديث لـ"العربي الجديد": "من المستحيل توفير بديل لجيرينوفسكي الذي كانت شخصيته البراقة عاملاً مهماً في نجاحات الحزب، ولذلك سيخضع الحزب الليبرالي الديمقراطي على الأرجح إلى نوع من القيادة الجماعية، وهناك شخصيات قوية في قيادته، أمثال ياروسلاف ونيلوف، وأليكسي ديدينكو".
ونيلوف هو نائب رئيس كتلة الحزب "الليبرالي الديمقراطي"، ورئيس لجنة العمل في مجلس الدوما (النواب)، وديدينكو هو رئيس لجنة السياسات الإقليمية في المجلس، وقد تردد اسماهما كخليفتين محتملين لجيرينوفسكي، إلى أن حسم الخيار لصالح سلوتسكي في نهاية الأمر.
وتعليقاً على اختيار سلوتسكي على حساب غيره لرئاسة الحزب، قال مينتشينكو: "يتمتع سلوتسكي بخبرة التفاعل الوطيد مع الكرملين ووزارة الخارجية الروسية، ويشهد له بالوفاء بكافة تعليماتهما".
ومع ذلك، أقر بأن الحزب "الليبرالي الديمقراطي" سيواجه تحدياً صعباً للحفاظ على نواته الصلبة من الناخبين تحت قيادة سلوتسكي، قائلاً: "يواجه الليبرالي الديمقراطي ديناميكية خطيرة للغاية من جهة تراجع شعبيته في مناطق الشرق الأقصى الروسي، ونواته الصلبة اليوم مكونة من العمال وفئات السكان ذات المستوى التعليمي المنخفض ومناطق سيبيريا ورواد الأعمال المتوسطة من أصحاب التوجهات الوطنية".
وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في روسيا في سبتمبر/أيلول الماضي، حل الحزب "الليبرالي الديمقراطي" في المرتبة الثالثة على القائمة النسبية، بعد "روسيا الموحدة" و"الشيوعي" بحصوله على نحو 7.5% من الأصوات. إلا أن فشله الذريع بالدوائر الفردية التي لم يفز بها سوى بمقعدين، جعله يتراجع إلى المرتبة الرابعة في البرلمان بعدما زاحمته كتلة "روسيا العادلة - من أجل الحقيقة" في المرتبة الثالثة.
وسلوتسكي، الذي يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد، هو من مواليد موسكو عام 1968، وبدأ مسيرته في مجالي الأعمال والسياسة في روسيا ما بعد السوفييتية في تسعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين انتخب نائباً بالدوما عن الحزب "الليبرالي الديمقراطي" ست مرات، كانت آخرها في العام الماضي.
وخلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2005، قام سلوتسكي بزيارات متكررة إلى جمهورية الشيشان ذات الأغلبية المسلمة والواقعة في شمالي القوقاز الروسي في أعقاب المرحلة النشطة من الحرب الشيشانية الثانية (1999 - 2000)، وتولى مسألة استرداد ملكية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إستونيا، ويتولى منذ عام 2016 منصب رئيس لجنة الشؤون الدولية بالدوما، واسمه مدرج على قوائم العقوبات الأوروبية والأميركية والكندية.
ولم تخل مسيرة سلوتسكي من فضائح، إذ اتهمته بضع صحافيات بالتحرش في عام 2018، إلا أن لجنة الأخلاقيات بالدوما قامت بتبرئته في نهاية المطاف، وسط سخط عدد من وسائل الإعلام الروسية وسحبها صحافييها المعنيين بتغطية عمل الدوما.
وبعد وفاة جيرينوفسكي في 6 إبريل/نيسان الماضي، تولى سلوتسكي رئاسة كتلة الحزب في الدوما خلفاً لمؤسسه، إلى أن تم انتخابه رئيساً جديداً للحزب، بعدما حظي بدعم مجلسه الأعلى أولاً، ثم المصوتين في المؤتمر اليوم.