تسلط صحيفة "ذا غارديان"، في تقرير نشرته أول أمس الثلاثاء، الضوء على الدمار الذي لحق ببلدة ليمان ذات الأهمية الاستراتيجية، وترصد المآسي التي تركتها سيطرة الجيش الروسي على البلدة بعد فراره، إثر تقدم القوات الأوكرانية الأسبوع الماضي.
وتظهر الآثار في كل مكان في ليمان، إذ بقيت الدبابات الروسية المحطمة وبقايا الصواريخ والبزات العسكرية وبعض البقايا البشرية في الشوارع وقرب الخنادق، بما يعطي صورة جيدة لعملية الانسحاب الفوضوي من البلدة، وحجم النيران التي استهدفت الجنود الروس في الشوارع الخارجية للبلدة.
وبحسب الصحيفة، فإن مصير الجنود الروس ما زال مجهولًا، ولا يعرف ما إذا كانوا قد قتلوا خلال المعارك أم أسروا، فيما توقعت مقتل الكثير منهم خلال الفرار بعد توجيه الجيش الأوكراني ضربات مكثفة لأماكنهم.
وعند سيطرة الجيش الروسي على ليمان، فر السكان وعمال السكك الحديدية، وبات المئات فقط يسكنون البلدة بعد أن كانت مكانًا لحوالي 27 ألف شخص غالبيتهم من العمال.
وفي هذا السياق، تقول أولينا جريجوريفنا (69 عامًا)، عندما كانت تطبخ على الحطب الذي قطعه لها زوجها: "كان الوضع صعبًا في ظل الاحتلال الروسي.. لم نحصل على راتب تقاعدي ولم نحصل إلا على معونة غذائية مرة واحدة في الشهر".
وتشير أولينا التي لم تتمكن من الفرار، إلى عدم رؤية السكان للجيش الروسي إلا قليلًا ودون أي تفاعل بينهم. أما عند شن القوات الروسية هجومهما المضاد تقول أولينا إنها اختبأت في قبو منزلها، قبل أن تدرك أن المعركة انتهت عندما شاهدت العلم الأوكراني على مبنى قريب منها.
رغم ذلك، لا تزال أولينا تشعر بأن الحرب لم تنته مع سماع أصوات الانفجارات القريبة منها، متسائلة بحزن "لمَ كان كل ذلك"؟، فيما تتخوف من قضاء الشتاء دون كهرباء أو غاز وبلا نوافذ في منزلها.
على جهة أخرى، يقف طابور أمام بقالة دون كهرباء وبنصف رفوف فارغة للحصول على المؤن المتاحة مقابل ما لديهم من المال بالهريفنيا أو بالروبل الروسي الذي فرضه الجيش الروسي.
أما فيكتور سيرهيوفيتش (75 عاما)، فيقول "جئت من أجل الخبز، لكن لا يوجد.. لقد كان هناك مخبز كبير في البلدة لكنه بات لا يعمل اليوم بعد تعرضه للقصف"، ويضيف "كل ما نريده هو السلام، وفرصة لتنظيم حياتنا ورؤية مدينتنا من جديد".
وقال ضابط أوكراني يدعى فلاغمان إن الجيش الأوكراني انسحب من البلدة أول مرة بعد تقدم الجيش الروسي بقوة أكبر وأسلحة أكثر، قبل أن يعيد تمركزه إلى خطوط أفضل، ويقرر شن هجماته المضادة من جديد.
وبحسب ما نقلت "ذا غارديان" عن الضابط الذي قاتل في هذه المنطقة، فإن النجاحات الأوكرانية في خاركيف وإيزيوم جعلت الجيش الروسي يعيد تجميع قواته في ليمان دون تنظيمها، وهو ما رأى فيه القادة الأوكرانيون فرصة لضربها.
ويشير إلى خذلان الضباط الروس لجنودهم، إذ لم يلق طلبهم بالانسحاب من البلدة بسبب تعرضهم للخطر أي تجاوب لانشغال قادة الجيش الروسي بضم الأراضي الأوكرانية الأربع، لذا قرر الجنود ترك المعارك، بحسب فلاغمان، الذي يضيف "لا أعتقد أن الأمر جاء بالانسحاب على الإطلاق، لقد نظم الجنود أنفسهم للفرار على الرغم من دعوتهم للاستسلام".
وتقول الصحيفة تعليقًا على "الهزيمة الروسية"، إنه لم يبق من الطموحات الإمبراطورية الروسية سوى الكتابات التي رسمت على الجدران والخربشات الأخرى، مثل "الحكم لروسيا"، إضافة إلى بعض النقوش التي تشير إلى المناطق التي جاء منها الجنود الروس.