ليلة دامية في غزة: المقاومة لم تمنح إسرائيل صورة النصر

غزة

ضياء خليل

avata
ضياء خليل
14 مايو 2021
+ الخط -

تُظهر مشاهد الدمار الذي أصاب بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون المتجاورتين شمالي قطاع غزة جراء القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي الليلة الماضية وفجر اليوم الجمعة، وكأنّ أكثر من زلزال ضرب المنطقة، لكن الواقع أنّ إسرائيل كانت تبحث عن صورة نصر تحت ركام المنازل المدمرة على رؤوس ساكنيها، لم تحققه.

ووصل العدوان إلى ذروته في أربعين دقيقة، مع أكثر من 450 غارة متتابعة نفذتها 160 طائرة، إضافة إلى المدفعية الإسرائيلية والزوارق الحربية، تركزت على البلدتين الواقعتين قرب السياج الحدودي مع الأراضي المحتلة وعلى الشريط الساحلي، لترتكب فيها Yسرائيل مجازر مباشرة على الهواء بتدمير منازل على رؤوس ساكنيها.

وبدا الاحتلال معنياً بأن يبدأ القصف "الجنوني" عندما يحلّ الظلام ليزيد من رعب السكان ولتحدث الأصوات الناجمة عن عنف القصف صدى مختلفاً، مرعباً ومدمراً لنفسيات الفلسطينيين الذين أظهروا شجاعة في نقل صورة العدوان عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي شرق الشجاعية شرقي مدينة غزة أيضاً، كان المشهد مشابهاً، وإن كان أقل حدة، فقد سُوّيت عشرة منازل على الأقل بالأرض، ما أجبر سكان المنطقة على النزوح طلباً للأمان كما هو الحال في قرية أم النصر وعزبة بيت حانون شمالاً.

ولم تكن المناطق الأخرى في القطاع بعيدة عن القصف الإسرائيلي الذي طاول كلّ بقعة في القطاع المحاصر والضيق، والذي يُعدّ من أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان في العالم، لكن صورة النصر الإسرائيلي لم تحصل.

ودمّرت الصواريخ الإسرائيلية منزل عائلة آمن في بيت لاهيا على رؤوس ساكنيه، ليعلَن عن استشهاد الأب وزوجته وبناته الثلاث، وما زال باقي أفراد الأسرة تحت الركام، تحاول فرق الدفاع المدني بأقل الإمكانيات إخراجهم.

وكان مشهد الدمار الواسع والشهداء تحت الأنقاض دافعاً ليخرج الفلسطينيون وينادوا المقاومة بمواصلة إطلاق الصواريخ، والردّ على الجرائم الإسرائيلية التي طاولت منازل المدنيين ودمّرت معها عشرات المنازل المجاورة للأماكن المستهدفة، والتي لم يكن بينها هدف عسكري واحد.

وإلى جانب المنازل المدمّرة على رؤوس ساكنيها، تعمّد الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المستمرّ على قطاع غزة، تدمير الشوارع والبنية التحتية، وتظهر المشاهدات الميدانية قصفاً وتدميراً لعشرات الشوارع الرئيسية على امتداد القطاع المحاصر.

وارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي إلى 119 بينهم 31 طفلاً و19 سيدة، وارتفع عدد المصابين أيضاً إلى أكثر من 830، بينهم مصابون بجروح خطرة، وفق الإحصائية الأحدث لوزارة الصحة في غزة.

وفي ذروة القصف الإسرائيلي العنيف، والذي كان يُرجى منه إسرائيلياً تحقيق صورة نصر على جثت الفلسطينيين المدنيين، أرسلت المقاومة رشقات صاروخية كثيفة، لتؤكد للاحتلال أنها موجودة، وأنّ شدة العدوان لن تمنعها من الردّ عليه.

وفي أقلّ من ساعتين، أطلقت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس" و"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، نحو 200 صاروخ، مستهدفة مستوطنات "غلاف غزة" وعسقلان وتل أبيب، كردّ على استهداف منازل المدنيين.

وتفاعل الفلسطينيون مع الرشقات الصاروخية كالعادة، لكن هذه الرشقات بالذات أخذت صدى أوسع، وخصوصاً أنها انطلقت بعد وقت قصير من العدوان الواسع الذي نفذه الاحتلال، والذي كان من أهدافه وقف إطلاق الصواريخ وإبعاد خطرها عن المستوطنين الذين باتوا ليلتهم في الملاجئ.

وفتحت مدارس تابعة لوكالة "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" أبوابها في بيت لاهيا للمواطنين النازحين من جحيم العدوان، وفتح الفلسطينيون بيوتهم أيضاً ليتقاسموها مع المهجرين قسراً من منازلهم القريبة من الحدود.