ليز تراس أمام أسبوع حاسم... هل تصمد على رأس الحكومة البريطانية؟

17 أكتوبر 2022
من المرجح أن تصبح تراس أول رئيسة حكومة تغادر منصبها بعد أقل من ثلاثة أشهر (Getty)
+ الخط -

ربما يمهّد اليوم الإثنين، لأصعب أسبوع تواجهه رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس منذ تولّيها المنصب قبل 41 يوماً، إذ لم يعد السؤال هل ستبقى في منصبها حتى الانتخابات العامة المقبلة، بل إلى متى ستصمد، وكيف سيتولّى "حزب المحافظين" آلية التغيير، ومن هي أبرز الأسماء المتداولة لتولّي المنصب، وسط تصاعد المخاوف في صفوف الحزب من المستقبل السياسي الذي ينتظره خلال الانتخابات المقبلة.

وتجمع تراس أعضاء حكومتها في داونينغ ستريت، في اجتماع نادر اليوم الإثنين، لحشد الدعم وإقناعهم بشأن التغييرات الجذرية التي طرأت على ميزانية يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول.

وكانت صحيفة "ذا تايمز"، ذكرت أمس الأحد، أن أعضاء في البرلمان البريطاني عقدوا مباحثات سرية بشأن استبدال تراس بزعيم جديد، مشيرةً إلى أن المباحثات، التي عُقدت مساء الجمعة، ركزت على كيفية طلب رئيس لجنة 1922 في حزب المحافظين غراهام برادي، من تراس التنحي.

وذكرت الصحيفة أن تراس سوف تناشد النواب المعتدلين في الحزب إنقاذ رئاسة الوزراء، بعدما تبين عقد نقاشات سرية لإطاحتها.

من جهتها، نقلت "ديلي ميل" عن مصادر لم تكشف النقاب عنها، أن أكثر من 100 عضو في البرلمان ينتمون إلى حزب المحافظين الحاكم مستعدون لتقديم رسائل بسحب الثقة من تراس إلى رئيس لجنة حزب المحافظين برادي إلى أن تنظم انتخابات القيادة.

وتخيّم أسئلة كثيرة في هذه اللحظات على "ويستمينستر" و"داونينغ ستريت"، ليس فقط حول المستقبل السياسي لتراس، بل أيضاً حول مستقبل "حزب المحافظين" ومصيره.

وترجّح كل المؤشرات أن تصبح تراس أول رئيسة حكومة تغادر منصبها بعد أقل من ثلاثة أشهر، وسط ضغوط حلفائها في الحزب، قبل أعدائها. فالحالة المزاجية تزداد تشدّداً مع كل دقيقة إضافية تمضيها تراس في منصبها، هي المتهمة الآن، إلى جانب زعزعتها الاقتصاد وإحداث اضطرابات يصعب السيطرة عليها، بقيادة الحكومة شكلياً فقط، بينما يتولّى المستشار الجديد جيريمي هانت زمام الأمور.

وكان زعيم حزب العمال كير ستارمر قد وجّه إلى تراس هذا الاتهام قائلاً: "إن الأدلة في نهاية الأسبوع تشير إلى أن تراس موجودة في المنصب، ولكن ليس في السلطة"، مطالباً برحيلها الفوري.

وتوقّع النائب البارز عن الحزب روبرت هالفون في لقاء مع "سكاي نيوز"، أن تكون الانتخابات العامة المقبلة بمثابة "حمام دم" بالنسبة إلى حزبه، مطالباً تراس بالتنحّي وبتقديم الاعتذار للشعب البريطاني عن "الفوضى التي أحدثتها خلال الأسابيع القليلة الماضية".

كما ذهب هالفون أبعد من ذلك، إذ لم يستمهل تراس إلى نهاية الشهر، موعد الإعلان عن الميزانية الثانية، بل طالبها بالرحيل فوراً، وليس بعد "ساعات أو أيام".

ومن المتوقع أن يكون لردّ فعل الأسواق اليوم دور كبير في قرار الإطاحة بتراس خلال أيام أو استبقائها حتى 31 أكتوبر، موعد نشر الميزانية متوسطة الأجل. فلو استقرّت عائدات الجنيه الإسترليني وأسعار الذهب، من الممكن أن تستعيد تراس أنفاسها لأسابيع، وسط حالة من عدم اليقين حول هوية الزعيم الجديد.

آلية الإطاحة بتراس

يُذكر أن الإطاحة بتراس ليست مستحيلة، لكنها ليست عملية بسيطة وهادئة في الوقت ذاته، إذ توجد آليتان فقط يمكن من خلالهما إجبارها على التنحي، واحدة شبه مستحيلة بقيادة مجلس الوزراء الذي عيّنته تراس بعناية بحيث لا يضمّ إلا الموالين لها، والأخرى ممكنة بقيادة نواب حزب المحافظين، إذ يتعين على 15 بالمائة منهم تقديم رسائل لحجب الثقة إلى رئيس لجنة 1922 غراهام برادي. ومن شأن تلك الرسائل أن تغيّر قواعد الحزب التي تمنح رئيس الحكومة حصانة لمدة عام بعد تولّيه المنصب. مما يعني أن تصويتاً كهذا سيمثّل بالنسبة إلى تراس هزيمة مدوية، إذ ستكون أول رئيس حكومة يبتلى بهذا القدر من الأغلبية المعارضة بعد فترة وجيزة من الوصول إلى الزعامة.

ومن أبرز الأسماء المطروحة لخلافة تراس بعد الإطاحة بها، هي وزير الدفاع بن والاس، ووزير المالية السابق ريشي سوناك، ورئيسة مجلس العموم بيني موردونت.

وكان والاس قد رفض لأسباب شخصية المشاركة في السباق إلى "داونينغ ستريت" خلفاً لبوريس جونسون، على الرغم من الإجماع الكبير حوله، بينما أخفق سوناك في الوصول إلى المنصب أمام منافسته تراس، إلا أن نسبة إخفاقه لم تكن مدوّية. ومع ذلك، تقول مصادر مقرّبة من المحافظين لـ"العربي الجديد"، إن الانقسامات حول سوناك لا تزال قائمة، وإن أعضاء الحزب لم ينسوا بعد "الطعنة" التي وجّهها لزعيمهم السابق، محذّرة من أن قدومه سيعزّز الخلافات في حزب منقسم. كما استبعدت المصادر نفسها أن تكون موردونت قادرة على قيادة البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية على الإطلاق.

وبعد أقل من شهر ونصف الشهر على خلافتها بوريس جونسون على رأس حزب المحافظين والحكومة البريطانية، تنوء ليز تراس تحت ثقل الضغوط الناجمة عن الوضع الاقتصادي المتعثر في بريطانيا، وغياب الوضوح في خططها الاقتصادية والطاقوية، خصوصاً للشتاء الآتي، والذي تُرجم بإقالة وزير المالية كوازي كوارتنغ، يوم الجمعة.

وفقدت بريطانيا، الغارقة في أزمة سياسية، ثلاثة رؤساء وزراء منذ أن صوتت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.