استمع إلى الملخص
- **تداعيات سياسية وأمنية:** الحادثة زادت من التوترات السياسية، حيث تبادل مؤيدو ترامب وبايدن الاتهامات. الرئيس بايدن استنكر المحاولة وأجرى اتصالاً بترامب للاطمئنان عليه.
- **توظيف الحادثة في الحملة الانتخابية:** من المتوقع أن يستغل الحزب الجمهوري الحادثة لتعزيز تعاطف الناخبين مع ترامب، بينما قد يواجه بايدن ضغوطاً إذا تبين أن دوافع الجاني سياسية.
نجا الرئيس السابق دونالد ترامب من محاولة اغتيال بشبه أعجوبة، فيما كان يلقي كلمة في مهرجان انتخابي بولاية بنسلفانيا، قبل 36 ساعة من افتتاح مؤتمر الحزب الجمهوري لتطويب ترشيحه رسمياً باسم الحزب. الفارق بين الطلقة وهدفها القاتل، كان بمقدار شعرة، وبذلك نجت أميركا من زلزال. لكن التداعيات قد تكون مزلزلة، سواء على صعيد الانتخابات أم على الصعيد الأمني في اليوم التالي للخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم. فالمسألة كبيرة وظروفها غامضة، تحيط بها ملابسات أمنية تطرح علامات استفهام من نوع، كيف تمكّن الجاني من التمركز على سطح مبنى مشرف على مكان المهرجان ولا يبعد عنه سوى نحو 300 قدم، ويحمل بندقية قاتلة على مسافة مثل هذه، من دون أن تتنبه له القوى الأمنية المرابطة في المكان؟
يقول أحد الشهود (في إفادته لشبكة سي بي أس نيوز) إنه لفت نظر المعنيين الأمنيين قبل وقوع الحادثة، إلى وجود المسلح على سطح المبنى! ثم لم يُعرف بعد لماذا قُتل هذا الأخير بدلاً من القبض عليه للتحقيق معه. أسئلة وهواجس استحضرت مقتل الرئيس جون كينيدي في 1963 التي جرت في ظروف مشابهة لجهة تموضع القاتل الذي انتهى مقتولاً.
وكأي جريمة سياسية، طرحت الحادثة أسئلة قد تبقى معلّقة: هل العملية فردية أم أن وراءها جهة أخرى؟ وما هي الدوافع والغايات؟ وهل تموت الجريمة بموت صاحبها؟ وإلى أي مدى ينجح توظيفها في الحملة الانتخابية؟ تساؤلات تترتب عليها تبعات خاصة في هذا الوقت الانتخابي الدقيق. وما يزيد الطين بلّة أن الأجواء السياسية محتقنة بما فيه الكفاية منذ 2020. والحملة الانتخابية زادتها احتقاناً. خطابها أبعد ما يكون عن المنافسة الديمقراطية وأقرب إلى لغة الثأر والانتقام. فالرئيسان مقطوع التواصل المباشر بينهما منذ 2020. دخلا المناظرة الأخيرة من غير سلام ولا كلام. والتنافس بينهما يتّسم بالتراشق الحاد وبلغة تصفية الحسابات.
على هذه الخلفية، ازدحمت وسائل التواصل برسائل مؤيدي ترامب التي تحمّل المسؤولية للرئيس بايدن، بزعم أن خطابه التحريضي لا بد أن يكون قد لعب دوره في حمل الفتى العشريني على ارتكاب جريمته التي كادت أن تتسبب بهزة أميركية كبيرة.
الرئيس بايدن الذي أصدر بياناً يستنكر فيه محاولة الاغتيال، ثم أدلى بكلمة متلفزة حولها، سارع إلى قطع إجازة نهاية الأسبوع والعودة عند منتصف الليل من منزله في ولاية ديلاوير إلى واشنطن، بعد أن أجرى اتصالا بالرئيس ترامب للاطمئنان، وفق ما تقتضيه الأصول في لحظة من هذا النوع، برغم القطيعة الطويلة والعميقة بينهما. فهو يدرك أن هذا التطور الدرامي قد تكون ترجمته تزايد التعاطف مع ترامب، خصوصاً لو تبين أو سُرّب من التحقيق أن لاستهدافه دوافع سياسية انتخابية. في هذه الحالة لا بدّ وأن تتزايد عليه ضغوط حزبه للانسحاب من المعركة الانتخابية، ولن يكون أمامه خيار غير الإذعان، بحيث تكون إصابة ترامب في أذنه قد أدت إلى إصابة حملة بايدن في مقتل.
والمؤكد أن الحزب الجمهوري لن يتوانى عن توظيف الحادثة من زاوية أن مرشحه كان ضحية "تحامل وافتراء" ضده. ومشهد الدم الذي نقلته الشاشة حتى ساعات متأخرة من الليل، عزّز صورة الضحية هذه. وقد يعمقها بدرجة ترفع حدة الغليان السياسي المتزايد منذ بدء الحملة الانتخابية.
وكانت الجهات المعنية قد أعربت في الآونة الأخيرة عن "مخاوفها" من حصول تطورات أمنية، وذلك في ضوء التسخين المتزايد للخطاب السياسي المتداول، الذي أخذ دفعة زخم بعد أن رست المنافسة على بايدن- ترامب، ولو أن ما تعرض له الأخير الليلة كان خارج الحسابات، فضلاً عن أنه أعاد التذكير بتاريخ الاغتيالات الرئاسية (أربعة رؤساء) ومحاولات الاغتيال (صارت خمساً) في أميركا.