ليبيا: لجنة 6+ 6 تواصل لقاءاتها وسط جدل حول شبهات تزوير في الأرقام الوطنية 

13 مايو 2023
باتيلي التقى اليوم لجنة 6+6 (تويتر)
+ الخط -

تواصل لجنة 6+6 المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، والخاصة بإعداد القوانين الانتخابية، لقاءاتها بالجهات المعنية بالإعداد للعملية الانتخابية، فيما فجّرت أطراف في المشهد الليبي قضية جديدة تتعلق بالكشف عن تزوير واسع في الأرقام الوطنية للمواطنين، ما يخلق عرقلة جديدة أمام إجراء الانتخابات. 

وفي آخر اجتماعاتها، التقى أعضاء لجنة 6+6 بالمبعوث الأممي عبد الله باتيلي في طرابلس، اليوم السبت، لتبادل الآراء حول القضايا المتعلقة بإنجاز الإطار التشريعي للانتخابات. 

ووفقاً للبعثة الأممية، فقد شدد المبعوث الأممي إلى ليبيا، على أهمية دور اللجنة ومسؤولياتها في إصدار القوانين اللازمة لإجراء انتخابات شاملة في البلاد، مجدداً عرض البعثة الأممية لتقديم كل دعم ممكن لتمكين اللجنة من إنجاز مهامها في أقرب الآجال. 

وكانت اللجنة قد بدأت، منذ الأحد الماضي، سلسلة من اللقاءات مع الجهات المعنية بالعملية الانتخابية، والتقت، خلالها، برئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، الذي أكد على استعداد المفوضية لإجراء الانتخابات خلال العام الجاري، مشيراً إلى أنّ المفوضية قدّمت إلى اللجنة مقترحات تتعلق بالأمور الفنية التي يجب تضمينها في القوانين والتشريعات الانتخابية. 

والخميس الماضي، أجرى باتيلي مشاورات منفصلة مع رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح، وخالد المشري، مشيراً إلى أنه اتفق معهما على الضرورة الملحة لتسريع وتيرة عمل لجنة 6+6 في إعداد الإطار التشريعي للانتخابات الشاملة. وأضاف أنه كرر دعوته "لجميع القادة الليبيين لتقديم التنازلات الضرورية للوصول إلى انتخابات شاملة". 

وكان عضو ممثلي المجلس الأعلى للدولة بلجنة 6+6، فتح الله السريري، قد أفاد بأنّ اللجنة على تواصل "يومي" في طرابلس مع الجهات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية، مشيراً إلى أنّ من بين تلك الجهات السجل المدني، ومفوضية الانتخابات، ومصلحة الإحصاء. 

وأكد السريري، في تصريحات صحافية، أنّ اللجنة لم تخض حتى الآن في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، مضيفاً أنّ "اللجنة ما زالت تعمل على الانتخابات التشريعية أولاً، وهي انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، قبل الاتفاق بين الأعضاء على الانتخابات الرئاسية". 

لكن تصريحاته الأخيرة حول تواصل لجنة 6+6 "اليومي"، مع العديد من الجهات كالسجل المدني، تزامن مع تصريحات لرئيس مكتب النائب العام، الصديق الصور، كشف خلالها ضبط حالات تزوير واسعة في منظومة الرقم الوطني الخاصة بالأرقام الوطنية للمواطنين. 

وكشفت الصور، خلال مؤتمر صحافي عقده في طرابلس، أمس الجمعة، عن وجود "مئات أو آلاف القيود التي يشتبه في كونها مزورة" لدى النيابة العامة، مؤكداً في ذات الوقت "شطب عشرات الآلاف من الأرقام الوطنية". 

وفيما أشار الصور إلى أن حالة التزوير تسببت في "الإخلال بالثقة في الجهات العامة والدولة"، أعلن عن تشكيل لجان برئاسة 160 عضو نيابة من كل المناطق الليبية لفحص منظومة السجل المدني بمصلحة الأحوال المدنية، وأن هذه اللجان ستبدأ العمل مع وصول "شحنة المستندات التي لا تقبل التزوير ستصل أول شحنة منها إلى ليبيا الأسبوع القادم وبعد ذلك ستنطلق اللجان المشكلة لبدء أعمالها". 

جدل واسع حول تزوير في الأرقام الوطنية

وفجرت التصريحات الخاصة بوجود تزوير في الأرقام الوطنية للمواطنين، جدلاً واسعاً في الأوساط الليبية، واعتبر مراقبون ذلك محاولات لخلق عراقيل أمام إنجاز الاستحقاق الانتخابي. 

وقال الناشط السياسي خميس الرابطي، إنّ "الإعلان عن وجود تزوير في هذا الوقت، وبعد يومين فقط من تصريحات السريري حول تواصل لجنة 6+6 مع السجل المدني، يبدو أنه على علاقة بقضية الإعداد للانتخابات وعرقلة إجرائها"، مضيفاً: "هذه التصريحات تذكرنا تماماً بالقوة القاهرة التي قال رئيس مفوضية الانتخابات إنها عرقلت إجراء الانتخابات السابقة، قبل أن يشرح لاحقاً أنّ من جوانب تلك القوة اكتشاف تزوير واسع في الأرقام الوطنية لدى السجل المدني". 

وأضاف الرابطي، في حديث لــ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ "توقيت التصريحات مريب، لكن الأكثر ريبة هو أن يتم الإعلان عن وجود التزوير من جانب مكتب النائب العام، وهو ما يثير مخاوفي من اختراق المؤسسة القضائية من قبل من لا يريد إجراء الانتخابات، وإلا ما معنى الإعلان عن وجود التزوير في هذا التوقيت بالذات ودون أي ظروف أو دواع؟". 

ويتهم الرابطي لجنة 6+6 بالانخراط في أعمال خلق عراقيل جديدة أمام إجراء الانتخابات، معتبراً أنّ "حجة اللجنة في لقاءاتها مع السجل المدني ومصلحة الإحصاء السكاني عزمها على توزيع صحيح للدوائر الانتخابية، ولكنني أعتقد أنّ الأمر مرتبط بإغراق المشهد في ترتيب الانتخابات البرلمانية واستهلاك الوقت للتمديد، وهو واضح من تصريحات السريري بأنّ مسائل الانتخابات الرئاسية لم تتطرق إليها لجنته بعد، على الرغم من أنها الأكثر خلافاً وتعقيداً، بينما لا توجد أي خلافات حول القوانين الانتخابية البرلمانية". 

ويعبّر الرابطي عن مخاوفه أيضاً من أن يكون هدف تفجير قضية حدوث تزوير في الأرقام الوطنية في هذا التوقيت "على علاقة بوضع حجرة كؤود أمام مبادرة باتيلي التي تسعى لتشكيل لجنة رفيعة المستوى، فحتى وإن شكلها باتيلي وأُنجزت القوانين الانتخابية بعيداً عن مجلسي النواب والدولة، فلن يكون بمقدور مفوضية الانتخابات إجراء أي عملية انتخابية في وجود شبهات تزوير بالأرقام الوطنية".

ولفت الرابطي إلى أنّ اللجان التي أعلن النائب العام عن تشكيلها لفحص منظومة الرقم الوطني، ستستغرق وقتاً طويلاً لإنهاء عملها، ما يعني تأجيلاً جديداً ينتظر استحقاق الانتخابات. 

وفي تعليق له على تصريحات النائب العام، اعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أنّ غياب الدولة منذ سنة 2011 كان سببًا رئيسيًا في عملية تزوير الأرقام الوطنية والسجل المدني، وقال: "أغلب المزورين هم مجموعات منخرطة في الأجهزة الأمنية المنتشرة في البلاد"، مشدداً على ضرورة تحرك الحكومة في طرابلس "بشكل عاجل في هذا الملف". 

لكن المحامي والخبير القانوني، بلقاسم القمودي، يرى أنّ إسناد النظر في ملف تزوير الأرقام الوطنية لحكومة الوحدة الوطنية "أمر غاية في الخطورة، ويتعلق برغبة الحكومة هي الأخرى في البقاء في المشهد، والحل بات لدى المجلس الأعلى للقضاء ليفصل في صحة وجود تزوير أو عدمه، وفي حال وجود تزوير هل يمكن معه إجراء انتخابات أم لا". 

ويشدد القمودي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أهمية التحقيق في القضية، نافياً أن تتطور المؤسسة القضائية في أي مساع لعرقلة الانتخابات. وأضاف "أعتقد أن أبلغ مؤشر على ذلك أنّ إعلان مكتب النائب العام جاء مبكراً، فلا يجب أن نتحدث وكأننا على بعد أيام من بدء إجراء الانتخابات"، مشيراً إلى أنّ تسهيل أعمال لجان فحص منظومة الرقم الوطني "يسهل من إنجازها لأعمالها في أقرب وقت". 

المساهمون