يتحدث مسؤولون ليبيون عن غموض يحيط بتوافق لجنة 6+6 حول القوانين الانتخابية بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة وأعضاء مجلس الأمة.
وكانت لجنة 6+6 المشكلة من مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة لإعداد القوانين الانتخابية، قد أعلنت أمس الثلاثاء، في بيان إثر ختام اليوم الثاني من اجتماعاتها في مدينة بوزنيقة المغربية تحقيق توافق كامل بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة وأعضاء مجلس الأمة، علاوة على كيفية إشراك الأحزاب السياسية في انتخابات مجلس النواب عبر قوائم حزبية أو ترشحات فردية.
ووصفت عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي إعلان لجنة 6+6 بـ"الغامض"، مشيرة إلى أنه اكتنفه عدم الشفافية في توضيح شكل التوافق.
وحول تفصيل بيان اللجنة في الجانب الفني المتعلق بالانتخابات البرلمانية دون الحديث عن شروط الترشح الجدلية الخاصة بالانتخابات الرئاسية، قالت الحامي في حديث لـ "العربي الجديد": "الغموض يكتنف ترشح الرئيس وهو مربط فرس الاختلاف، فالبيان لم يوضح الحلول للخلاف حول شروط ترشح الرئيس".
واعتبرت الحامي أن التعديل الدستوري يمنح اللجنة صلاحيات واسعة، منها التوافق دون الرجوع إلى المجلسين، لكنها استبعدت "حدوث توافق بين أعضاء اللجنة إلا إن قرر ممثلو المجلس الأعلى للدولة التنازل عن شرط منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات الرئاسية".
التنازل عن الجنسية الثانية
ووسط غموض بيان اللجنة حيال ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، رجح عضو مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، أن يكون أعضاء اللجنة قد اتفقوا على تنازل مزدوج الجنسية عن جنسيته الثانية في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.
وبشأن العسكريين، قال العرفي، في تصريحات صحافية: "أعتقد أن لجنة 6+6 لن تسمح بترشح العسكريين للانتخابات الرئاسية"، مضيفاً: "المشكلة الحقيقية تكمن في قبول الأطراف بنتائج عمل لجنة 6+6 والقوانين الانتخابية التي ستنتج منها". وهو ما يؤكده الباحث في الشأن السياسي أشرف النيهوم، قائلاً: "المشهد السياسي فيه العديد من الأطراف الأخرى، والمجلسان يمثلان طرفين فقط. وعليه، فالاتفاق لن يزيد على حد اتفاق طرفين سياسيين يجري صراع بينهما منذ فترة طويلة".
ويضيف النيهوم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "ليس من المعروف حتى الآن هل ستواصل اللجنة اجتماعاتها أم أنها انتهت، وإذا كانت ستواصل اجتماعاتها فعلى ماذا ستجتمع إذا حدث التوافق بشكل كامل"، معتبراً أن توصيف البيان بـ"الغامض توصيف واقعي، وأعتقد أنه مقصود أيضاً وهدفه كسب الوقت للتمديد فقط".
ويشير النيهوم إلى التفصيل في الجانب الفني الخاص بدوائر الانتخابات وجناحي السلطة التشريعية، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، يعني "فتح ما تم الاتفاق عليه في السابق بين المجلسين والبت فيه، خصوصاً أن التعديل الدستوري أوضح كل هذه الجوانب الفنية، ولا هدف من إعادة فتح ما اتفق عليه إلى زرع المزيد من العراقيل للتمديد والتمطيط فقط".
من جانبه، يرى أستاذ القانون الدستوري في الجامعات الليبية، أحمد العاقل، أن "الأزمة بشأن الانتخابات سياسية وليست قانونية ليتم حصرها في قوانين انتخابية"، لافتاً إلى أن عراقيل الانتخابات تنحصر في الأسماء الجدلية التي أحبط ترشحها إجراء الانتخابات العام من قبل الماضي.
وذكّر العاقل، في حديثه لـ"العربي الجديد" بأن القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب لانتخابات نهاية عام 2021 كانت مفتوحة وسمحت للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح "وقد ترشحوا بالفعل، فلماذا إذاً تعرقل إجراء الانتخابات إن لم يكن السبب صراع الشخصيات الجدلية".
واجتماع لجنة 6+6 في المغرب هو الثاني منذ تشكلها في مارس/ آذار الماضي، إذ عقدت أول اجتماعاتها في طرابلس مطلع إبريل/ نيسان الماضي، تلتها سلسلة لقاءات أجرتها اللجنة مطلع مايو/ أيار الجاري مع الجهات المعنية بالانتخابات، كالمفوضية العليا للانتخابات والسجل المدني وغيرها.
وفي أكثر من مناسبة حثّ المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، اللجنة ومجلسي النواب والدولة على الإسراع في إعداد القوانين الانتخابية قبل منتصف يونيو المقبل، معلناً استعداد بعثته لتقديم الدعم اللازم لعمل اللجنة.
وبحسب بيان لجنة 6+6، فإنه جرى تقدم في تحديد وتوزيع مقاعد مجلسي النواب والشيوخ، حسب الدوائر الانتخابية، والإجراءات الخاصة بتشكيل واعتماد قوائم الترشيحات، وتمثيل المرأة، وضبط الجرائم الانتخابية، وإجراءات الطعون الانتخابية الخاصة بانتخابات رئيس الدولة ومجلسي النواب والشيوخ، وتنظيم حق جميع المترشحين في الولوج بشكل منصف إلى المنصات الإعلامية الحكومية والخاصة.
وفيما دعت اللجنة إلى "تشكل حكومة موحدة تمهد للاستحقاقات الانتخابية في كل البلاد"، أشارت إلى عزمها على الاستمرار في التواصل مع مفوضية الانتخابات والبعثة الأممية لـ"استكمال إعداد مشاريع القوانين الانتخابية"، دون أي إشارة تضمنها البيان حول اختتام اجتماعات اللجنة في بوزنيقة أو استمرارها.