كشفت مصادر ليبية مقرّبة من المجلس الأعلى للدولة، اليوم الأربعاء، عن وجود انقسام حاد تواجهه رئاسة المجلس بشأن توضيح موقفه من إعلان مجلس النواب، الاثنين الماضي، القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6 المشتركة بين المجلسين.
وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن رئيس مجلس الدولة محمد تكالة، "يواجه ضغوطاً كبيرة من طرف تيارين داخل المجلس، الأول رافض لإصدار مجلس النواب القوانين الانتخابية ويطالب رئاسة المجلس بضرورة الإعلان عن رفض هذه الخطوة، والثاني يشدد على ضرورة موافقة مجلس النواب وإصدار بيان في ذلك للمضي نحو إجراء الانتخابات".
والاثنين الماضي، صوت مجلس النواب، خلال جلسته الرسمية التي عقدها في بنغازي، بالموافقة بالإجماع على إصدار قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفقاً لبيان للمتحدث الرسمي لمجلس النواب عبد الله بليحق.
وعلى الرغم من أن مجلس الدولة عقد جلسة الاثنين الماضي بالتزامن مع جلسة مجلس النواب، إلا أنه لم يعلن عن موقفه من إعلان الأخير إصدار القوانين الانتخابية حتى الآن.
لكن المصادر نفسها، التي فضّلت عدم ذكر أسمائها، كشفت عن أن هذا الصمت من جانب مجلس الدولة حتى الآن "جاء على خلفية مجادلات حادة بين أعضاء المجلس حيال خطوة مجلس النواب"، وقال أحد المصادر إن "جلسة الاثنين الفائت علقت ولم تنته، ومن المفترض أن تعقد أمس، والآن تجري استعدادات لعقدها ربما اليوم الأربعاء".
وأوضحت المصادر أن التيار المطالب رئاسة المجلس بإصدار بيان يعلن فيه رفضه لخطوة مجلس النواب، يأتي بناء على موقفه من إدخال تعديلات على نصوص القوانين تسمح للعسكريين ومزدوجي الجنسية بدخول غمار الانتخابات، خلافا للنسخة التي وافق عليها مجلس الدولة في السابق، والتي تمنع ترشح العسكريين وحملة الجنسيات الأجنبية.
وأكدت المصادر نفسها أن الرأي النهائي "لم ينضج حتى الآن، لكن الأرجح أن تعلن رئاسة مجلس الدولة رفضها إصدار قوانين الانتخابات في صورتها المعدلة"، مشيرا إلى أن الضغوط التي يواجهها تكالة حاليا ليست من داخل مجلس الدولة، بل أكثرها من خارجه، خاصة من شخصيات نافذة في حكومة الوحدة الوطنية وحلفاء الحكومة من القوى السياسية والعسكرية في غرب البلاد.
الرأي النهائي "لم ينضج حتى الآن، لكن الأرجح أن تعلن رئاسة مجلس الدولة رفضها إصدار قوانين الانتخابات في صورتها المعدلة"
وعلى الرغم من أن الإعلان الدستوري يخول إلى مجلس النواب إصدار القوانين الانتخابية، إلا أن جدلاً أثير حول طريقة إصدار النواب للقوانين، ففيما اعتبر رئيس المجلس، عقيلة صالح، أن تصويت النواب بمثابة إصدار القوانين، إلا أنه لم ينشر نص القوانين في الجريدة الرسمية كما لم يعلن عن إحالة نسخة منها للمفوضية العليا للانتخابات لبدء العمل بمقتضاها.
ومما زاد من الجدل حديث صالح عن مضمون بعض نصوص القوانين الذي عكس وجود تعديلات أدخلت عليها، مثل السماح لحملة الجنسيات الأجنبية بالترشح للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، كما أنها تسمح للعسكريين بالترشح وعودتهم إلى سابق عملهم حال خسارة أي منهم في الانتخابات.
ومن بين النصوص التي تضمنتها القوانين تشكيل حكومة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات، مع منع رئيسها ووزرائها من الترشح للانتخابات.
وركزت كلمة صالح على ضرورة بدء تنفيذ بنود القوانين الانتخابية الخاصة بتشكيل حكومة جديدة تشرف على إجراء الانتخابات، وإعلانه عزم المجلس تشكيل لجنة مشتركة مع المجلس الأعلى للدولة لـ"قبول طلبات الترشح لرئاسة حكومة" موحدة. وهو المطلب الذي شدد عليه عدد من النواب المقربين منه، من بينهم النائب جلال الشويهدي، رئيس الوفد الممثل لمجلس النواب في لجنة 6+6.
وفي اتجاه حشد الدعم الدولي لخطوة مجلس النواب إصدار القوانين الانتخابية، وجه صالح كتابا للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، طالب خلاله بحشد الدعم الدولي لتشكيل حكومة موحدة مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وأكد صالح في كتابه التزام مجلس النواب بالوفاء بكل إجراءاته الخاصة بإصدار الإطار القانوني لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من خلال إصدار القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6، مشددا على أهمية تشكيل حكومة موحدة وفقا لنصوص القوانين لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل حكومة موحدة في كافة أنحاء البلاد.