هاجم رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، متهماً إياه بـ"التضييق" على المجلس الأعلى للدولة، ومنع إجراء الانتخابات.
وجاء ذلك في كلمة بثتها الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للدولة مساء الخميس، بعد ساعات من إعلان رئاسة مجلس الدولة منع السلطات الأمنية بمطار معيتقية بطرابلس عدداً من أعضاء مجلس الدولة من السفر وحجز جوازاتهم.
وأكد المشري، في كلمته، أن مجلسه "عازم وبشكل واضح وحقيقي على عدم حرف مسار اتجاه الانتخابات، واتخذ في ذلك كل الخطوات"، مضيفاً أن هذه الجهود "قوبلت برفض قاطع وقوي من الحكومة (حكومة الوحدة الوطنية)، ومن قبل بعض القوى المسيطرة بحكم الأمر الواقع".
وقال المشري إنه بعد تصويت مجلس الدولة على خريطة الطريق، التي تتضمن تغيير الحكومة، يوم الثلاثاء الماضي، "جنّ جنون الحكومة والقوى المسيطرة بسلطة الأمر الواقع، وطلبت من الأجهزة الأمنية التابعة لها عرقلة جهود المجلس، لأنه يسعى لإيجاد حكومة موحدة، واليوم منع عدد من أعضاء مجلس الدولة كانوا ذاهبين إلى تركيا في مهمة رسمية من السفر، وجرت مصادرة جوازاتهم".
وذكر المشري أن عدداً من أعضاء مجلس الدولة تلقوا اتصالات هاتفية من جهاز الأمن الداخلي، قبيل انعقاد جلسة التصويت على خريطة الطريق، وطلبوهم للحضور إلى مقر الجهاز، مشيراً إلى أن تلك الاتصالات "جرت بتعليمات من رئيس الحكومة (عبد الحميد الدبيبة)".
وأضاف: "لقد أبلغنا النائب العام بهذه الحادثة، وسنبلغ المجلس الرئاسي، والأمم المتحدة والبعثة الأممية وبعض الجهات الدولية الأخرى، وسفراء الدول المهتمة بالشأن الليبي".
وحمّل المشري رئيس الحكومة "المسؤولية مباشرةً عن سلامة أعضاء المجلس".
وفي تصعيد للموقف، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة: "أي تهور من رئيس الحكومة تجاه أي عضو من أعضاء مجلس الدولة أو مكتب الرئاسة أو رئيسه سيجعلنا ننحدر بشكل قوي وعاجل نحو صدام مسلح لن تحمد عقباه"، متهماً الدبيبة بأنه "يوهم الناس بأنه لا يريد الحروب، وهو أكثر شخص يسعى لحرب للبقاء في منصبه وإنفاق المال بلا حسيب أو رقيب".
وختم قائلاً: "لن نترك المطالبات بتوحيد الحكومة ومؤسسات الدولة، ولن ترهبنا المؤامرات والتهديدات، ولن يجدي معنا شيء في سبيل تحقيق الانتخابات وتغيير السلطات الحالية".
وكان المشري قد عقد، الخميس، "اجتماعاً طارئاً" برؤساء اللجان بالمجلس الأعلى للدولة، لمناقشة حادثة منع عدد من أعضاء مجلس الدولة من السفر بمطار معيتيقة وحجز جوازاتهم.
وأفد المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة بأن رؤساء اللجان خولوا المشري باتخاذ "الإجراءات القانونية والسياسية والأمنية؛ للرد على هذا التجاوز غير المسبوق والمخالف للقانون"، بحسب المكتب، مضيفاً أن المشري خاطب النائب العام لفتح تحقيق في الحادثة بالخصوص، متهماً رئيس جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الوحدة الوطنية بإصدار تعليمات بمنع سفر أعضاء بمجلس الدولة.
وكان مجلس الدولة قد أعلن، الثلاثاء الماضي، تصويت أعضائه لـ"القبول المبدئي" لمقترح "خريطة طريق المسار التنفيذي للقوانين الانتخابية"، التي تنص على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في غضون 240 يوماً من تاريخ التصديق على القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، بالإضافة إلى تشكيل حكومة جديدة تقتصر مهامها على الإشراف على إجراء الانتخابات.
عقيلة صالح يدين
وفي السياق، استنكر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ما تعرض له عدد من أعضاء مجلس الدولة صباح الخميس في مطار معيتيقة، وذلك بـ"منعهم من السفر وسحب جوازات سفرهم وحرمانهم من حقهم في حرية التنقل الذي تكفله التشريعات النافذة".
وطالب صالح، في بيان ليلة الخميس، النائب العام بـ"اتخاذ إجراءات عاجلة حيال الحادثة، ومحاسبة كل من تورط" فيها، "وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت ممكن". كما استنكر "عملية خطف وزير المالية السابق فرج بومطاري في مدينة طرابلس واقتياده إلى جهة غير معلومة عقب وصوله مطار معيتيقة"، وحمّل حكومة الدبيبة المسؤولية عن سلامته.
وفيما تداولت وسائل إعلام ليبية أنباء اعتقال بومطاري من قبل سلطات أمنية في طرابلس، اتهمت لجنة العدل والمصالحة بمجلس النواب جهاز الأمن الداخلي التابع للحكومة في طرابلس بـ"خطف" بومطاري، في الوقت الذي أعلنت قبيلة الزوية، جنوب البلاد، التي ينحدر منها بومطاري، بغلق الحقول النفطية في الجنوب إلى حين إطلاق سراحه.
البعثة الأممية: أعمال من شأنها أن تنتج مناخًا من الخوف
من جانبها، أعربت البعثة الأممية لدى ليبيا عن قلقها إزاء "اعتقال" بومطاري "في مطار معيتيقة واقتياده الى مكان مجهول"، وكذلك منع "خمسة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة من السفر في نفس المطار".
وقالت البعثة في بيانها، ليل الخميس، إن "هذه الأعمال من شأنها أن تنتج مناخًا من الخوف، وأن تزيد من التوترات بين المجتمعات المحلية والقبائل، ولها تداعيات خطيرة على توحيد المؤسسات الوطنية"، مشيرة إلى أن "استمرار هذه السلوكيات لا يمكن أن يساعد على المضي قدما لإجراء انتخابات شفافة وشاملة وإنجاز المصالحة الوطنية".
ودعت البعثة "السلطات الليبية والتشكيلات الأمنية إلى الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيا، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع المزاعم المتعلقة بعمليات الاحتجاز والاختطاف خارج نطاق القانون، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة".