لماذا يثير النظام السوري وروسيا قضية المعابر عشية اجتماع مجلس الأمن؟

28 مارس 2021
يتذرع النظام وروسيا بالأسباب الإنسانية (Getty)
+ الخط -

تتخذ قضية المعابر بين مناطق سيطرة النظام السوري وكل من فصائل المعارضة شمالي البلاد، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في الشرق، أبعاداً مهمة للنظام السوري وحليفته روسيا، اللذين يتذرعان بالأسباب الإنسانية للمطالبة بفتح المعابر، بينما لهما أهداف أخرى اقتصادية وسياسية.

وبحسب وكالة "سانا" التابعة للنظام، تواصل فصائل المعارضة منع المدنيين الراغبين في الخروج عبر ممري ترنبة - سراقب وأبو الزندين في إدلب وحلب إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وأوردت الوكالة أنه "بسبب تهديدات التنظيمات الإرهابية، لم يصل أحد من المدنيين الراغبين في الخروج من مناطق انتشار الإرهابيين لليوم الثالث إلى المعبرين المجهزين بسيارات إسعاف وحافلات، ليصار إلى نقلهم إلى المناطق الآمنة".

وحسب الوكالة، فقد "افتتحت محافظتا إدلب وحلب، بالتنسيق مع وحدات الجيش والهلال الأحمر السوري، يوم الخميس الماضي، ممر ترنبة-سراقب في منطقة سراقب بريف إدلب، وممر أبو الزندين بريف حلب الشمالي الشرقي، لاستقبال الأهالي الراغبين في لخروج إلى بلداتهم وقراهم".

وليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها النظام وروسيا قضية المعابر، لكن هذه المرة كان الطرح بصيغة جديدة ركزت على "الوضع الإنساني، واستقبال الأهالي الراغبين في الخروج من مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية"، حيث يدعي النظام، مع تكرار محاولاته لفتح المعابر، أن فصائل المعارضة تمنع الأهالي من الخروج، وهو ما نفاه المواطنون في مناطق سيطرة المعارضة، الذين قالوا إنهم سيمنعون فتح المعابر في حال قبول أي جهة عسكرية بذلك، ذلك أن فتح المعابر فرصة اقتصادية لفك الحصار والعقوبات المفروضة على النظام، إضافة إلى أسباب عسكرية أمنية.

وبعد سيطرة فصائل المعارضة على محافظة إدلب في مارس/ آذار 2015، وتمدد سيطرتها في شمال غربي سورية، ربطت مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام معابر تجارية أشرفت عليها فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى.

ويرى مراقبون أن النظام والروس إنما ينشدون من هذه المساعي الاستحواذ على المساعدات الدولية الداخلة إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. ويأتي طرح هذا الموضوع الآن استباقاً من الجانب الروسي للمناقشات المقررة في مجلس الأمن الدولي، يوم غد الاثنين، في جلسة من المقرر أن يترأسها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حيث تريد موسكو صدور قرار من مجلس الأمن بإغلاق جميع المعابر "غير الشرعية"، أي التي بيد المعارضة و"قسد"، لجعل المعابر التي يسيطر عليها النظام الممر الوحيد للمساعدات الإنسانية، أي بحيث تكون تحت يد النظام بالكامل، وهي مساعدات تقدَّر قيمتها سنوياً بمئات ملايين الدولارات. 

الهدف الآخر هو تعويم النظام سياسيا، بحيث يتم إجبار الدول والمنظمات الدولية على التعامل مع النظام تحت ذرائع إنسانية

ومن المعروف أن مساعدات دولية مهمة تدخل أيضاً إلى مناطق سيطرة النظام، لكن الأخير يحجبها عن المواطنين غالباً، ويوزعها على قواته وأتباعه.

ورأى الصحافي الاقتصادي عمر الحمادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن لروسيا والنظام غايات اقتصادية وسياسية من إثارة قضية المعابر بين الفينة والأخرى، وخاصة عشية انعقاد جلسة مجلس الأمن المخصصة لبحث الوضع الإنساني في سورية، والهدف تعويم النظام اقتصادياً وسياسياً.

ورأى الحمادي أن مناطق المعارضة، سواء في شمال غرب سورية أو شمالها الشرقي، تستقبل قدراً هاماً من المساعدات الدولية، وتنشط فيها منظمات إنسانية عديدة تتعامل كلها بالعملة الصعبة التي يسيل لها لعاب النظام وروسيا، وهي تريد "المشاركة" مع تلك المناطق بذرائع إنسانية، لكن الهدف تمكين النظام من وضع يده على تلك المساعدات، بحجة أنه الجهة الشرعية المسؤولة عن توزيعها. وأضاف: "الهدف الآخر تعويم النظام سياسياً، بحيث تُجبَر الدول والمنظمات الدولية على التعامل مع النظام تحت ذرائع إنسانية، لأن العقوبات المفروضة على النظام تستثني الجوانب الإنسانية".

وكانت روسيا قد اقترحت، في 23 مارس/ آذار الحالي، على تركيا فتح ثلاثة معابر بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة شمالي سورية، في مناطق سراقب وميزناز شرقي إدلب، ومعبر أبو الزندين شمالي حلب، لكن مسؤولين أتراكاً قالوا لاحقاً إن إعلان روسيا فتح معبرين حدوديين شمال غربي سورية غير صحيح.

 واستخدمت روسيا والصين، في يوليو/ تموز الماضي، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لتقليص عدد المعابر الحدودية التي هي تحت سيطرة المعارضة من أربعة إلى واحد، وهو معبر باب الهوى الذي يربط مناطق سيطرة المعارضة شمالي سورية بالأراضي التركية. كذلك عارضت روسيا والصين مشروع قرار بلجيكي-ألماني، يقضي بتمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود دون موافقة النظام إلى الشمال السوري. وانتهت فاعلية قرار تمديد مرور المساعدات إلى سورية الذي استمر ست سنوات في 10 يوليو/ تموز 2020، ومن المقرر أن يعالج مجلس الأمن مسألة المساعدات عبر الحدود مرة أخرى في يوليو 2021، عندما ينتهي ترخيص معبر باب الهوى.

المساهمون