لماذا وصلت تركيا إلى مرحلة طرد سفراء دول غربية؟

24 أكتوبر 2021
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (Getty)
+ الخط -

صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من موقف بلاده ضد سفراء 10 دول أصدروا بياناً طالبوا فيه بإطلاق سراح رجل الأعمال الموقوف عثمان كافالا، مؤكدا أنه أصدر تعليماته بطردهم.

وأعلن أردوغان، السبت، أنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية، من أجل إعلان السفراء العشرة، أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت.

 ووصف أردوغان رجل الأعمال عثمان كافالا بأنه "فرع سوروس في تركيا"، في إشارة إلى الملياردير الأميركي جورج سوروس. وأضاف "10 سفراء جاؤوا بسببه إلى وزارة الخارجية، أي وقاحة هذه؟ ماذا تظنون هذا البلد؟ هنا تركيا، ليست دولة قبلية كما تظنون"، محذراً السفراء المعنيين من أنه لا يمكنهم أن يوجّهوا التعليمات لوزارة الخارجية التركية، وأنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية، لإعلان السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت. والسفراء العشرة هم سفراء كل من ألمانيا، الولايات المتحدة الأميركية، الدنمارك، فنلندا، فرنسا، هولندا، السويد، كندا، النروج، ونيوزيلاندا.

والاثنين الماضي، أعلنت الخارجية التركية استدعاء سفراء الدول العشر، إثر نشرهم بيانا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبروا فيه أن القضية المستمرة بحق كافالا تلقي بظلالها على الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا، داعين إلى الإفراج عنه. في وقت حذر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، السبت الماضي، من أنه قد يبدأ إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية الشهر.

وعن الأسباب التي تدفع أنقرة إلى التصعيد في هذا الملف، قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في تصريحات له، السبت، إن "من يتحدث عن سيادة القانون هم أنفسهم الذين ينتقدوننا ويريدون التدخل في القضاء، هذه قلة أدب عندما يقول سفراء 10 دول أفرجوا عن هذا (الشخص)، غداً يطالبون بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، وبعدها عن صلاح الدين دميرطاش (الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي) المسؤول عن أحداث كوباني الدموية في 6-8 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2014".

ويبدو من تصريحات صويلو أن تركيا تخشى أن تؤدي أي تنازلات أو استجابة لمطالب غربية، إلى إملاء طلبات أخرى عليها للإفراج عن متهمين ومحكومين بتهم الإرهاب والانفصال، وستكون سلسلة طويلة لا نهاية لها.

ولا يُتوقع خروج كافالا (63 عاماً) من زنزانته في سجن إسطنبول في أي وقت قريب، في مواجهة سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة. ومثل كافالا عدة مرات أمام القضاء، بعدما واجه تهماً بالارتباط بجماعة "الخدمة"، وعلاقته مع مستشار المخابرات الأميركية السابق الأكاديمي هنري باركي. ووجهت النيابة العامة لرجل الأعمال تهم "الشروع في استخدام القوة لإلغاء النظام العام المفروض وفق الدستور التركي"، و"تسريب وثائق أمنية وسياسية تحمل صفة السرية لأمن البلاد والتجسس العسكري"، مطالبة بالحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين.

وكانت قضية كافالا قد أثارت الرأي العام التركي بشكل كبير في فترات سابقة، وقد برأه القضاء، في وقت سابق من العام الحالي، من اتهامات تتعلق بالإرهاب، على خلفية مزاعم تنظيم وتمويل الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة التي اندلعت عام 2013. لكن بينما كان أنصاره ينتظرون إطلاق سراحه من السجن، أصدرت السلطات أمراً بإعادة اعتقاله، لمزاعم ارتباطه بمحاولة انقلاب فاشلة عام 2016، وقدّم كافالا أكثر من مرة طلباً للمحكمة الدستورية العليا يطالب بالإفراج عنه، متحدثاً عن تعسف بإلقاء القبض عليه من دون توجيه التهم وإعداد لائحة اتهام، ولكن طلباته رُفضت.

وظل كافالا في السجن منذ اعتقاله في أكتوبر عام 2017، على الرغم من مطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والعديد من الجماعات الحقوقية بالإفراج الفوري عنه وإسقاط جميع التهم المنسوبة إليه، مشددة على عدم وجود دليل يدعم هذه الاتهامات.

تصريحات أردوغان الأخيرة بطرد السفراء، لاقت انتقاداً من المعارضة، كان أبرزها من زعيم حزب "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو الذي كتب على "تويتر": "الشخص الذي يقود البلاد بسرعة للمنحدر (أردوغان)، هذه المرة أمر بإعلان سفراء 10 دول بأنهم غير مرغوب بهم، وهذه التصرفات لا تهدف للحفاظ على المصالح الوطنية، بل محاولات لاصطناع أسباب انهيار الاقتصاد، انظروا لمائدة الشعب".

من ناحيته، قال زعيم حزب "المستقبل"، رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، إن "استدعاء السفراء العشرة لا علاقة له لا بقضية كافالا أو باستقلال القضاء، لو كان الأمر كذلك لكان أطلق سراح القس برانسون والمواطن دنير يوجل باتصالات هاتفية فقط، حيث إن تركيا على وشك أكبر أزمة دبلوماسية مع أكبر دول يتم التصدير لها".

وعقب إعلان أردوغان، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنباء عن طرد السفيرة الهولندية مارجاني دي كاوتسينت، لتكون أول المطرودات من بين السفراء العشرة، لكن وزارة الخارجية الهولندية نفت ذلك، وفق ما نقلت صحيفة "خبر تورك".

دلالات