من المقرر أن يبدأ التصويت في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب في مصر، بعد بضعة أيام. وتشمل الانتخابات الجديدة محافظات القاهرة والقليوبية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء. وقد كثفت اللجان المختصة بإدارة المشهد الانتخابي، المشكّلة من جهازي المخابرات العامة والأمن الوطني، اجتماعاتها مع مرشحي القوائم الفردية التابعين لحزبي "مستقبل وطن" و"الشعب الجمهوري"، وكذلك مرشحي القائمة الموحدة، للتنسيق فيما بينهم في أعمال الدعاية، وتجميع الناخبين. وطلبت من الجميع الاتفاق على طرق وسائل المواصلات الخاصة وتقسيم القرى والكفور فيما بينهم، على أساس الشعبية والقدرة المالية والتنظيمية، لضمان حشد أكبر قدر ممكن من المواطنين للمشاركة في الانتخابات. وطلبت منح الأولوية لتأمين فوز مرشحي القائمة الموحدة، الذين سيمثلون نصف عدد أعضاء المجلس.
فُتح تحقيق داخلي من قبل المخابرات حول كيفية فوز مرشحين من لوائح غير تابعة للسلطة
وانعقدت الاجتماعات التنسيقية في مقار حزب "مستقبل وطن" والأمن الوطني، في عواصم المحافظات وبعض المراكز الكبرى في الدقهلية والمنوفية. وسيطرت عليها تحذيرات مشدّدة من ضباط المخابرات والأمن الوطني، من دخول المواطنين إلى مقارّ إدارة الحملات الانتخابية ومراكز حشد الناخبين، خوفاً من تكرار تسريب مقاطع فيديو وصوت، كالتي اكتظت بها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية في أعقاب الجولة الأولى من انتخابات المرحلة الأولى الشهر الماضي. وكشفت تلك الإجراءات بما لا يدع مجالاً للشك، عن تحصيل مبالغ مالية ضخمة مقدّرة بعشرات الملايين من الجنيهات، من المرشحين، بدعوى التبرّع نظير ترشيحهم باسم الحزب التابع لدائرة عبد الفتاح السيسي. كما أظهرت مجدداً كيفية وعد المواطنين بمنحهم مبالغ مالية مختلفة، في مقابل توجّههم للتصويت لصالح مرشحي الحزب والقائمة الموحدة.
وتضمنت التحذيرات بحسب مصادر سياسية من محافظات مختلفة تحدثت لـ"العربي الجديد"، ضرورة تحكم كل مرشح في إدارة حملته بشكل كامل وتحمله مسؤولية أي أخطاء تصدر من تلك النوعية. كما تمّ منع جميع المرشحين من الحديث لوسائل الإعلام، وعدم تداول أوراق النتائج المبدئية للفرز على الإنترنت، ضماناً لإمكانية تعديل النتائج ونسب الحضور فيما بعد، كما حدث في العديد من الدوائر خلال المرحلة الأولى التي تم تسجيل النسب الرسمية فيها، بما يفوق بكثير الحضور الفعلي لتحسين نسبة المشاركة المعلنة.
ونبّهت القيادات الاستخباراتية والأمنية المرشحين بضرورة منع الاشتباكات اللفظية بين ممثليهم وأنصارهم خارج لجان الاقتراع، ورفع الشكاوى للجنة التنسيقية على مستوى الدائرة، لتلافي نشر الأخبار السلبية عن المرشحين في وسائل الإعلام. وتمّ التأكيد أيضاً على مرشحي القوائم الفردية بضرورة دعم القائمة الموحدة، في مواجهة قائمة المستقلين بالقاهرة وجنوب ووسط الدلتا وقائمة أبناء مصر بشرق الدلتا، اللتين تخلوان تقريباً من أي شخصيات بارزة.
وذكرت المصادر أن سبعة ضباط كانوا مكلفين بإدارة الانتخابات في دوائر بالجيزة والإسكندرية والمنيا وأسيوط، تم استبعادهم من مهامهم بعد فتح تحقيق في كيفية تسريب مقاطع فيديو حول اشتباكات المرشحين. وفُتح تحقيق داخلي من قبل المخابرات حول كيفية حصول القائمة الثانية المنافسة للقائمة الموحدة، وهي قائمة "نداء مصر" المشكلة أساساً من شخصيات غير معروفة كانت الأجهزة رفضت ترشيحها على قائمتها، على أصوات مرتفعة في محافظة البحيرة وبعض مراكز محافظة الجيزة تحديداً. وأشارت المعلومات إلى ضلوع عدد من القيادات الأمنية في توجيه الناخبين بالقرى للتصويت لتلك القائمة، كإجراء انتقامي من تجاهلهم في إدارة العملية الانتخابية.
وأوضحت المصادر أن من بين الأسباب التي أدت لحالة غياب الانسجام بين مجموعات بالأمن العام والمباحث واللجان المكلفة بالإدارة من الأمن الوطني والمخابرات، التمييز بين الطرفين في الحصول على مكافآت تصرف لهم بمناسبة الانتخابات لصالح ضباط اللجان التنسيقية.
وفي سياق متصل؛ أفاد مصدر قضائي ذو صلة بالهيئة الوطنية للانتخابات، بأن رئيس الهيئة لاشين إبراهيم، قرر منع التحقيق في جميع الشكاوى التي تسلمتها الهيئة بمخالفات مرشحي حزب "مستقبل وطن"، وتغيير بيانات الانتخابات المجمعة من اللجان الفرعية واختلافها عن النتيجة النهائية. وطاول هذا الأمر أيضاً نتيجة الانتخاب الفردي في دائرة الطالبية والعمرانية بمحافظة الجيزة، التي أسفرت عن فوز النائب الحالي عن "مستقبل وطن" محمد علي ومرشح "الشعب الجمهوري" أحمد عاشور، وخسارة النائب محمد فؤاد ممثل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والذي قدم طعناً بالتزوير.
وذكر المصدر أن رئيس الهيئة تحجج في مواجهة بعض أعضاء مجلس الإدارة الذين طالبوا بالتحقيق في تلك المخالفات، وفي مقاطع الفيديو الخاصة بالرشى الانتخابية، بضيق الوقت وبأن القانون يتيح التحقيق فيها في وقت لاحق وإحالة الجرائم للقضاء. وهو أمر لن يكون له تأثير على تشكيل مجلس النواب بعد انتخابه، نظراً للحصانة التي ستترتب لأعضائه.
مُنعت التحقيقات بكل الشكاوى المُقدّمة ضد مرشحي "مستقبل وطن"
ووفقاً للجدول الزمني للانتخابات الذي أعلنت عنه الهيئة الوطنية، فإن المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب بدأت يوم الأحد الماضي، مع قيام الناخبين المصريين المسجلين بالخارج بطباعة وإرسال بطاقات الاقتراع إلى مقار البعثات الدبلوماسية في اليومين الماضيين. ويفترض أن تستقبل البعثات الدبلوماسية بطاقات الاقتراع اليوم الأربعاء، وغداً الخميس وبعد غد الجمعة، على أن يتم التصويت في الداخل، يومي السبت والأحد المقبلين. واستؤنفت الدعاية الانتخابية لإعادة المرحلة الأولى يوم الاثنين الماضي، على أن تستمرّ حتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. في المقابل، تُستأنف الدعاية الانتخابية لإعادة المرحلة الثانية من 16 نوفمبر الحالي حتى 2 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات موعداً أقصاه 3 نوفمبر الحالي للطعن على قرار الهيئة بإعلان نتيجة المرحلة الأولى، على أن تفصل فيها المحكمة بين 4 نوفمبر و13 منه. وحددت 17 نوفمبر موعداً للطعن على نتيجة المرحلة الثانية، على أن تفصل فيها المحكمة بين 18 نوفمبر و27 منه.
وتُجرى انتخابات الإعادة في الخارج بالنسبة للمرحلة الأولى أيام 21 و22 و23 نوفمبر، وتُجرى الإعادة في الخارج بالنسبة للمرحلة الثانية أيام 5 و6 و7 ديسمبر المقبل. في المقابل، تُجرى انتخابات الإعادة في الداخل بالنسبة للمرحلة الأولى يومي 23 و24 نوفمبر، وتُجرى انتخابات الإعادة في الداخل بالنسبة للمرحلة الثانية يومي 7 و8 ديسمبر، على أن تعلن النتيجة النهائية للمرحلة الأولى في 30 نوفمبر، وتعلن النتيجة النهائية للمرحلة الثانية في 14 ديسمبر.