لماذا تستهدف إسرائيل القلمون في ريف دمشق؟

لماذا تستهدف إسرائيل القلمون في ريف دمشق؟

20 مارس 2024
يملك "حزب الله" مواقع في القلمون (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إسرائيل نفذت غارات جوية على منطقة القلمون شمال دمشق، استهدفت مطار الناصرية ومستودعات أسلحة، مما أسفر عن تدمير مستودع وإصابة عسكري وخسائر مادية.
- الغارات تأتي في إطار تصاعد التوترات بعد أحداث غزة في أكتوبر 2023، مع تركيز إسرائيل على استهداف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والفصائل الفلسطينية المرتبطة بهم في سورية.
- منطقة القلمون ذات أهمية استراتيجية، تضم مطارات تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، وتوقعات باستمرار الضربات الإسرائيلية عليها وعلى الجنوب السوري، في ظل تحولها إلى مستودع للأسلحة الإيرانية.

للمرة الثانية خلال يومين تضرب إسرائيل مواقع في منطقة القلمون، شمال العاصمة السورية دمشق، يُرجح أنها تابعة لـ"حزب الله" اللبناني، الذي يملك نفوذاً واسعاً في المنطقة المتصلة جغرافياً بريف حمص الجنوبي الغربي، حيث منطقة القصير معقل الحزب البارز على الأراضي السورية.

واستهدف طيران إسرائيلي، فجر أمس الثلاثاء، مواقع عسكرية في منطقة القلمون، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام. وقالت الوكالة إنه "حوالى الساعة 00:42 بعد منتصف ليل السبت الأحد شنّ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفاً عدداً من النقاط في المنطقة الجنوبية، وقد تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها. وأسفر العدوان عن إصابة عسكري بجروح ووقوع بعض الخسائر المادية".

مصادر: الغارات استهدفت نقاطاً داخل مطار الناصرية العسكري

من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، أن الغارات دمرت مستودع أسلحة لـ"حزب الله" اللبناني بشكل كامل، مشيراً إلى أن النيران اندلعت في الأماكن المستهدفة.

الغارات استهدفت مطار الناصرية في القلمون

وفي السياق، أكدت مصادر في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، أن الغارات استهدفت نقاطاً داخل مطار الناصرية العسكري الواقع في القلمون بريف دمشق، وكتيبة الهندسة الواقعة بين بلدتي القسطل وقلدون، شمال العاصمة دمشق.

وأشارت المصادر إلى أن الغارات الجوية استهدفت أيضاً مستودعات أسلحة تابعة للحزب، ومصنع ذخائر ومستودع أسلحة في بلدة دنحة، مقابل جبل المكاسر بين معلولا وقلدون، ومستودعات ذخيرة بالقرب من القطيفة في منطقة القلمون الشرقي.

وكان الطيران الإسرائيلي قد استهدف، الأحد الماضي، عدة مواقع في منطقة القلمون، وخاصة في محيط يبرود وجيرود، ما يدفع للاعتقاد أن "حزب الله" يعزز مواقعه في هذه المنطقة. وقال الباحث في مركز "جسور" للدراسات وائل علوان، وهو المتابع عن كثب لملف القصف الإسرائيلي للمواقع العسكرية في سورية، إنه "بعد أحداث غزة التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ركزت إسرائيل في قصفها على سورية على قادة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني والفصائل الفلسطينية المرتبطة بهما".

وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد": "في الوقت نفسه استمرت برصد جميع التحركات الإيرانية في سورية المتعلقة بنقل الأسلحة النوعية والقذائف والصواريخ ومنظومات التوجيه والرادارات والطيران المسير".

إسرائيل تقصف مخازن أسلحة في القلمون

وأشار إلى أن إسرائيل "رصدت في منتصف مارس/ آذار الحالي شحنات جديدة من الأسلحة نقلتها المجموعات الإيرانية إلى مستودعات ومخازن في القلمون وتقوم بقصفها، ومنها مستودع 312 التابع لإدارة التسليح لدى النظام السوري، لكن الحرس الثوري الإيراني يسيطر عليه بشكل كامل".

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه أحصى منذ مطلع العام الحالي 25 مرة استهدفت فيها إسرائيل الأراضي السورية، 17 منها جوية و8 بصواريخ أرضية، أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 49 هدفاً ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات.

وأشار المرصد، في بيان، إلى أن الغارات أدت إلى مقتل 43 من العسكريين، من بينهم إيرانيون ولبنانيون وعراقيون، وسوريون متطوعون في المليشيات الايرانية.

ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة زادت إسرائيل وتيرة استهداف مواقع ونقاط عسكرية ومستودعات وضباط إيرانيين ينشطون في سورية، قتل عدد منهم بعمليات قصف استهدفت أماكن تمركز لهم في دمشق ومحيطها، خاصة منطقة السيدة زينب التي باتت بكاملها منطقة نفوذ للإيرانيين.

من جهته، بيّن الرائد الطيار يوسف حمود، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الطيران الإسرائيلي استهدف في الغارة التي شنها بعد منتصف ليل الاثنين الماضي مستودع أسلحة استراتيجية للحرس الثوري الإيراني في منطقة القلمون.

الغارة استهدفت صواريخ وصلت أخيراً

وبحسب حمود، فإن "الفيديوهات التي نشرت للتفجير تبيّن أن الغارة استهدفت صواريخ طويلة ومتوسطة المدى وصلت أخيراً لتنقل إلى "حزب الله" اللبناني. وأوضح حمود، المنشق عن قوات النظام، أن منطقة القلمون لها أهمية استراتيجية "حيث تضم ثلاث مطارات، هي السين والتي فور والناصرية"، مضيفاً أن الحرس الثوري الإيراني يسيطر بالكامل على مطار الناصرية، شمال شرقي دمشق.

يوسف حمود: الطيران الإسرائيلي استهدف مستودع أسلحة استراتيجية للحرس الثوري

وبيّن أن منطقة القلمون تقع في منتصف ما يُعرف بـ"الطريق البري الإيراني" الذي يبدأ من شرق سورية وينتهي في منطقة البقاع اللبنانية، وتُنقل من خلاله الأسلحة والعناصر والذخيرة، مرجحاً استمرار الضربات الإسرائيلية على منطقة القلمون والجنوب السوري على وجه العموم.

وقال: جنوب سورية تحول إلى مستودع إيراني كبير لأسلحة استراتيجية، وخاصة في ريف العاصمة وفي جبل قاسيون المطل عليها وفي ريف درعا، وخاصة منطقة تل الجموع.

وتقع منطقة القلمون إلى الشمال من دمشق، وهي منطقة مترامية الأطراف تمتد من الحدود السورية اللبنانية غرباً إلى البادية السورية شرقاً، ومن أطراف دمشق جنوباً إلى ريف حمص الجنوبي شمالاً. وتضم المنطقة العديد من المدن والبلدات، لعل أبرزها جيرود ويبرود ودير عطية وقارة والنبك والقطيفة وعسال الورد. وما زال سكان بعض البلدات في القلمون يتحدثون باللغة الآرامية.

وشهدت المنطقة معارك طاحنة بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية، التي أطبقت على قوات النظام في المنطقة، قبل تدخل "حزب الله" بشكل واسع إلى جانب النظام في 2013، واستولى منذ ذلك الحين على العديد من المواقع في المنطقة.

كما كان لتنظيم "داعش" وجود عسكري في منطقة القلمون الغربي، وخاصة بالقرب من الحدود السورية اللبنانية قبل أن يبرم "حزب الله" صفقة معه في 2017، نقل التنظيم بموجبها عناصره إلى شرق سورية. وفتحت إيران قبل عدة سنوات ممراً برياً تنقل عبره الإمدادات العسكرية من الحدود السورية العراقية عند منطقة البوكمال مروراً بالبادية السورية في منطقة تدمر المتاخمة للقلمون من الجهة الشرقية، وصولاً إلى منطقة القلمون حيث تتمركز العديد من المليشيات إضافة إلى "حزب الله".

المساهمون