لماذا الاهتمام بالملف الاقتصادي الليبي؟

06 يونيو 2024
عبد الحميد الدبيبة مستقبلاً جورجيا ميلوني في طرابلس، 7 مايو الماضي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأطراف الدولية والإقليمية تزيد من تدخلها في ليبيا، مع تركيز متزايد على الاقتصاد، خاصة في مجالات الطاقة والنفط وإعادة الإعمار، بينما يتراجع الحديث عن الحلول السياسية والانتخابات.
- زيارات مكثفة من مسؤولين دوليين وإقليميين إلى ليبيا، بما في ذلك نائب وزير الدفاع الروسي ورئيسة الوزراء الإيطالية، تشير إلى تعاون اقتصادي متنامي، حتى مع الأطراف غير الشرعية.
- تحول في التعامل الدولي مع الأزمة الليبية، حيث يبدو أن الاعتراف بالواقع السياسي الجديد والتركيز على الاقتصاد يفرض نفسه على السياسة الدولية تجاه ليبيا، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الحل السياسي.

لماذا تندفع كافة الأطراف والقوى المتدخلة في ليبيا، نحو الملف الاقتصادي؟ فمنذ أشهر، زاد حجم اتصالاتها ومشاوراتها مع قادة الأطراف في ليبيا في هذا الشأن، خصوصاً في مجالي الطاقة والنفط وفي ملف إعادة الإعمار، في الوقت الذي انتقلت فيه آفاق الحلّ السياسي من المركز إلى الهامش، ولم يعد أحد يتكلم عن الانتخابات والعقوبات التي كانت تلوّح بها تلك الدول في وجه من تصفهم بالمعرقلين للحل السياسي.

قبل يومين، أنهى نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف، زيارته الخامسة إلى بنغازي، حيث التقى اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر. ورغم أن صفته والمنصب الذي يتكلم حفتر من خلاله، عسكريان، إلا أن بيان نتائج الزيارة كان يحمل حديثاً عن تعاون اقتصادي أيضاً في الطاقة وفي ملف إعادة إعمار مدينة درنة. وبالتزامن دعت الصين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة للمشاركة في منتدى التعاون العربي الصيني، وافتتحت معه الملتقى الاقتصادي الصيني الليبي للإعمار والتنمية بمشاركة 84 شركة صينية، وأغلب هذه الشركات تمتلك عقود استثمار في المواصلات وفي البناء والتشييد ما قبل عام 2011.

وفي شهر مايو/أيار الماضي، زارت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني العاصمة الليبية طرابلس حيث وقعت مع الحكومة الليبية برئاسة الدبيبة اتفاقيات عدة بطابع اقتصادي لتعزيز عقود الشركات الإيطالية السابقة في مجال الطاقة والغاز، قبل أن تذهب إلى بنغازي للقاء حفتر، وقد حمل عنوان لقائها به مضموناً اقتصادياً أيضاً، في وقت زار القائم بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا جيرني برنت مدينة بنغازي، والتقى أبناء حفتر، لبحث آفاق التعاون الاقتصادي، والاتفاق على بناء مصفاتين للنفط شرق بنغازي.

من ناحية القوى الإقليمية، لم يتوقف مسؤولو السفارة التركية في طرابلس عن زيارة بنغازي ودرنة لمتابعة مشاركتهم في مشاريع الإعمار في المدينتين. أما مصر فشركاتها المشاركة في تنفيذ مشاريع المواصلات، عادت منذ أشهر أيضاً، لاستئناف عملها على الرغم من العلاقة المتوترة بين القاهرة وطرابلس على الصعيد السياسي.

كان التشديد والتأكيد من قبل المجتمع الدولي حتى وقت قريب، يقتصر على الاعتراف الدولي بالسلطة في طرابلس، وأن أفق الحل السياسي يجب أن ينطلق من توحيد السلطة وينتهي بإجراء الانتخابات، لكن الواقع يقول غير ذلك اليوم. فلم تجد ميلوني غضاضة في لقاء حفتر الذي لا يحمل صفة شرعية وبشكل رسمي في بنغازي، والحال نفسه مع القائم بالأعمال الأميركي جيرني برنت في لقائه بمسؤولين من الصف الثاني، وهم أولاد حفتر، على الرغم من أنه يمثل دولة كبرى، ليناقش معهم مشاريع استراتيجية كإنشاء المصافي.

فهل وصلت أزمة ليبيا إلى مرحلة جديدة فرضت فيها أقطاب الصراع السياسي واقعاً، أجبر الأطراف الدولية على الإقرار بأن الطبقة السياسية تشكلت وانتهى الأمر وعلى الجميع التعامل والاتصال والتشاور معها؟ أم أن توجيهاً للأزمة أريد به الوصول إلى هذه المرحلة، وربما هناك ما بعدها؟