انتهى المؤتمر الصحافي بين الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والأميركي جو بايدن، ظهر اليوم الجمعة، من دون إعلان مشترك على غرار ما حصل خلال لقاء بايدن ورئيس لوزراء الإسرائيلي يئير لبيد، ومن دون السماح للصحافيين بالأسئلة.
واستمر لقاء الرئيسين نحو ساعة، قبل أن يخرجا إلى قاعة المؤتمرات في قصر الرئاسة الفلسطينية بمدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية للإدلاء بتصريحات مقتضبة، وذلك في قاعة ضمّت كرسياً فارغاً حمل صورة الشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة بسترة الصحافة الواقية، وكُتب عليه "صوت فلسطين"، فيما كان العديد من الصحافيين يضعون صورة على ملابسهم كتب عليها "العدالة لشيرين".
بايدن: ملتزم بهدف تحقيق حل الدولتين
وأكد بايدن، خلال اللقاء، أنه ملتزم بهدف تحقيق حلّ الدولتين. وإذ وصف الرئيس الفلسطيني بـ"الصديق"، شدد على أنه لا يمكن الانتظار لتوقيع اتفاقية سلام للإيفاء بالحقوق للفلسطينيين، مضيفاً: "نحن بانتظار بارقة أمل لتحسين حياتهم".
وأكد الرئيس الأميركي، في المؤتمر الصحافي المشترك مع عباس عقب اللقاء، أنّ بلاده تتواصل مع إسرائيل لتعزيز النمو الاقتصادي للفلسطينيين وتحسين حرية الحركة والبضائع، لافتاً في المقابل إلى أن على السلطة الفلسطينية المساعدة أيضاً عبر مكافحة الفساد وتحسين الخدمات وإرساء الشفافية، مشيراً إلى أن القدس يجب أن تكون مدينة لكل من يعيش فيها والوصاية الهاشمية أمر أساسي.
وأقرّ بايدن بأنّ "هدف حل الدولتين ربما بعيد المنال بسبب قيود تفرض على الفلسطينيين"، لكنه شدد على أنّ الولايات المتحدة "لن تستسلم لاتخاذ جهود نحو السلام"، وأنّ "الإدارة الأميركية ستواصل العمل للمّ شمل المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين". وقال "حتى إذا كان الوضع غير مناسب بعد للتفاوض، لن تتخلى واشنطن عن الجهود الرامية للجمع بين الطرفين".
وقال بايدن: "سوف نوفر 200 مليون دولار إضافية للأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة)، لكي تستمر في عملها الحاسم لمساعدة الفلسطينيين الذين ينتمون للفئات المستضعفة".
وتطرّق بايدن إلى قضية استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة في 11 مايو/ أيار الماضي، مؤكداً أنها قُتلت بينما تؤدي عملها في إرساء إعلام مستقل، ومشدداً "سنركز على إجراء تحقيق لكشف النقاب عن مقتلها وستظل الولايات المتحدة مصرّة على محاسبة كاملة عن وفاتها".
من جهته، شدد عباس على أنه يجب محاسبة قتلة الشهيدة أبو عاقلة، معتبراً أن عدم تحقيق ذلك سيؤدي إلى العنف وتغييب الأمل بغد أفضل.
وفي سياق آخر، نبّه عباس إلى أن فرصة حل الدولتين على حدود 67 قد تكون متاحة اليوم فقط، و"لا ندري ما قد يحصل في المستقبل"، مضيفاً: "نتطلع إلى جهود واشنطن في إنهاء أعمال الأبارتهايد وما يقوض حل الدولتين مثل الاستيطان وعنف المستوطنين وضرورة احترام المقدسات".
وقال "نتطلع إلى قرارات من الإدارة الأميركية لإعادة العلاقات مثل إعادة القنصلية الأميركية إلى القدس، ورفع منظمة التحرير من لائحة الإرهاب".
وأكد عباس أنّ "مفتاح السلام والأمن في منطقتنا يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين، وبتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وفق قرارات الشرعية الدولية، وإنهاء جميع قضايا الوضع الدائم، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين".
وأضاف: "إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة طبيعية في الشرق الأوسط، فلا يمكنها أن تستمر بالتصرف كدولة فوق القانون الدولي، وهذا يستدعي أن تنهي إسرائيل احتلالها لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، عندها فقط سيتم قبول إسرائيل لتعيش في سلام وأمن وحسن جوار مع دول وشعوب المنطقة. استناداً الى المبادرة العربية للسلام".
وكرر عباس "أمد يدي لقادة إسرائيل لصنع سلام الشجعان وهذا نهجنا منذ أوسلو، وذلك لمستقبل أفضل للأجيال القادمة ولشعوب المنطقة"، مشدداً على أنّ "السلام يبدأ من فلسطين والقدس ومستعدون للعمل مع واشنطن لتحقيقه".
عباس: اتفقنا مع بايدن للعمل مع إدارته بالعديد من القضايا الحاسمة
وفي السياق ذاته، أكد عباس أنه اتفق مع بايدن على "العمل مع إدارته بالعديد من القضايا الحاسمة".
وقال عباس، وفق بيان للرئاسة الفلسطينية نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا" بعد انتهاء المؤتمر الصحافي بين عباس وبايدن في بيت لحم: "اتفقنا مع فخامة الرئيس بايدن للعمل مع إدارته في العديد من القضايا الحاسمة لدفع السلام والأمن والاستقرار والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني إلى الأمام".
وشدد عباس على الاستعداد الكامل للتعاون مع إدارة بايدن لإزالة جميع العقبات التي تعترض علاقات ثنائية قوية بين الجانبين الفلسطيني والأميركي. وثمّن قرار بايدن باستئناف المساعدات الأميركية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تقديم الدعم للأونروا ومستشفيات القدس الشرقية.
ورحّب عباس بالزيارة الرسمية المهمة لبايدن إلى بيت لحم، مهد السيد المسيح، مدينة السلام والأمل، الغنية بالتراث الحضاري والثقافي للشعب الفلسطيني، معتبراً أن هذه الزيارة واللقاء مع بايدن ستسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الفلسطيني والأميركي، آملاً أن تسهم زيارة بايدن أيضاً في تهيئة الأجواء لإعادة إطلاق أفق سياسي قائم على قرارات الشرعية الدولية.
وشكر عباس بايدن على إعادة تأكيده بالتزام إدارته بحل الدولتين على حدود عام 1967، ورحب بالرؤية الأميركية بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون تدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار والديمقراطية، داعياً بايدن إلى اتخاذ تدابير سياسية ملموسة لضمان تنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع.
وتجمع العشرات من الفلسطينيين قرب قصر المؤتمرات في بيت لحم، الذي التقى فيه الرئيسان، وهتفوا ضد بايدن الذي وصفوه بالصهيوني حامي الإرهاب.
وبعد المؤتمر الصحافي توجه بايدن إلى كنيسة المهد في مدينة بيت لحم للصلاة، ومن ثم غادر الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى إسرائيل.
وكان بايدن قد وصل صباح اليوم إلى قصر الرئاسة في بيت لحم، حيث كان عباس في استقباله.
وعزف النشيدان الوطنيان الأميركي والفلسطيني، واستعرض الرئيسان حرس الشرف في قصر الرئاسة، وعقدا جلسة مباحثات تناولت آخر المستجدات السياسية والعلاقات الثنائية.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن صباح اليوم عن تقديم 100 مليون دولار، دعماً لشبكة مستشفيات القدس الشرقية.
ولم يمنح بايدن خلال مؤتمر صحافي في مستشفى "المطلع" في القدس المحتلة فرصة الأسئلة للصحافيين، الذين ارتدى بعضهم صورة الشهيدة شيرين أبو عاقلة لتذكيره بهذه الجريمة.