لقاءات المقداد في الجزائر: محاولة تعويم للنظام السوري تسبق القمة العربية

06 يوليو 2022
خلال لقاء بين لعمامرة والمقداد في الجزائر (فيسبوك)
+ الخط -

أجرى وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، اليوم الأربعاء، محادثات ثنائية مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، الذي يزور الجزائر للمشاركة في احتفالات الاستقلال الوطني. كما يُنتظر أن يستقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المقداد قبل مغادرته الجزائر.

وتأتي المشاورات بين المقداد والمسؤولين الجزائريين في وقت تتمسك فيه الجزائر بمساعيها لإقناع الدول العربية بمشاركة دمشق في القمة العربية المقبلة والمقررة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في الجزائر وعودتها لشغل مقعدها في الجامعة العربية بعد عشر سنوات من تجميده. وهو الأمر الذي يصطدم برفض عدد من الدول العربية التي ترى أن الأسباب التي علّقت من أجلها عضوية دمشق لا تزال قائمة، خصوصاً على صعيد سلوك النظام وتهربه من إيجاد حل سياسي.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية الجزائرية بأن لعمامرة والمقداد "بحثا مستجدات الأوضاع في المنطقة العربية والتحضيرات الجارية للقمة العربية المرتقبة يومي الفاتح والثاني من نوفمبر المقبل بالجزائر تزامناً مع الذكرى الثامنة والستين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة"، كما "اتفق الطرفان على مواصلة التشاور والتنسيق تحضيراً للاستحقاقات المقبلة الثنائية منها ومتعددة الأطراف".

وبحسب بيان الخارجية فإن "اللقاء شكل فرصة استعرض خلالها الوزيران العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

وتبذل الجزائر جهوداً لإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية. وفي الثاني من يوليو/تموز الحالي، أعلن وزير الخارجية الجزائري استمرار مساعي الجزائر بشأن عودة النظام السوري لشغل مقعده في الجامعة خلال مؤتمر القمة العربية المقبل الذي ستحتضنه الجزائر.

وقال لعمامرة في تصريح صحافي على هامش أشغال الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب ببيروت: "سورية عضو مؤسس في جامعة الدول العربية ولا مشكلة لدى الجزائر من عودتها لشغل مقعدها، نحن نسعى أن نجس نبض كل الدول العربية وسنسمع وجهات النظر، ونحن نأمل أن نحقق توافقا لعودة سورية".

تونس في طريقها لإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري

في هذه الأثناء، عقد المقداد على هامش وجوده في الجزائر لقاء مع الرئيس التونسي قيس سعيد، ونقلت وزارة خارجية النظام السوري عن الأخير قوله إن "الإنجازات" التي حققها النظام السوري، و"الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف، تتكامل معا لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين في سورية وتونس".

وكشفت مصادر جزائرية مسؤولة أن تونس في طريقها لإعادة تطبيع العلاقات مع دمشق، بعد عقد من قطعها في عهد الرئيس السابق المنصف المرزوقي. ويعد لقاء المقداد وسعيد ثاني لقاء بين مسؤول من النظام السوري ومسؤول تونسي منذ تلك الفترة، إذ كان المقداد قد التقى وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي في أغسطس/آب الماضي.

كما التقى المقداد عدداً من وزراء خارجية الدول المشاركة في احتفالات الجزائر، بينهم وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز بارييا.

وتتباين المواقف في الجزائر إزاء تعاطي السلطة الجزائرية مع الملف السوري، على الرغم من أن الخطاب الرسمي يضع المسألة ضمن سياق العلاقة مع الدولة السورية بالدرجة الأولى بغض النظر عن النظام القائم، لكن المحلل السياسي الجزائري ناصر حداد يعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الجزائر تتخذ موقفاً مؤيداً للنظام السوري على الرغم من كل المآخذ الدولية بشأن سياساته الدامية والمتشددة مع الشعب السوري ومخلفات هذه السياسات التي دفعت ستة ملايين سوري إلى النزوح والهروب".

وبحسب ما يرى حداد، فإن "الجزائر بهذا الموقف لا تحقق الإجماع العربي بشأن عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، وتبقى نقطة خلاف كبيرة في جدول أعمال القمة العربية، وهو ما يفسر بشكل واضح عدم توصل مجلس الوزراء العرب في اجتماعاته الأخيرة لموقف واضح حول المسألة".

من جهته، قال المحلل السياسي السوري غازي دحمان، لـ"العربي الجديد"، إنه من المعروف أن الجزائر كانت من الدول القليلة التي عارضت بداية إقصاء النظام عن الجامعة العربية بعيد اندلاع الثورة السورية عام 2011، ولم تغلق سفارتها في دمشق بعد ذلك، على غرار ما فعلت معظم الدول العربية. والحقيقة أن النظامين في دمشق والجزائر متشابهان في التركيبة الأحادية التي تتوجس من تحركات الشعوب.

وأشار إلى أن السلطات في الجزائر تتجاهل تضحيات مئات آلاف السوريين الذين سحقتهم الآلة القمعية لنظام الأسد، ولفت إلى أن النظامين السوري والجزائري تدور علاقاتهما الخارجية في المحور نفسه، أي علاقات طيبة مع روسيا والصين وإيران، ومتوترة مع الغرب، وخصوصاً فرنسا بالنسبة للجزائر.

وفيما أشار إلى أن الجهود الجزائرية لإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية تشكل استهتاراً بتضحيات الشعب السوري وكفاحه من أجل الحرية والديمقراطية، لفت إلى أن الشعب الجزائري الذي قدم تضحيات جليلة في سبيل الحرية والاستقلال، لا يمكن أن يكون راضياً عن مثل هذه السياسات تجاه نظام أجرم بحق شعبه.

المساهمون