لبنان يحقق في اختراق مطار بيروت إلكترونياً: هوية المنفذ اللغز الأكبر وهذه أبرز الفرضيات

08 يناير 2024
رغم التحقيقات لم يُعرف مصدر الخرق حتى الآن (أسوشييتد برس)
+ الخط -

أكد وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال في لبنان علي حمية، أنّ الأجهزة الأمنية لا تزال تعمل على تحديد مصدر ونوع وكيفية حصول الخرق الإلكتروني الذي تعرّض له مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت، أمس الأحد، مشيراً إلى أنّ المصدر حتى الساعة لم يُحدَّد بعد.

وقال حمية إن العمل على معالجة الخرق يجري تباعاً، و"الإجراءات التي تم اتخاذها منذ ساعة حدوث الخرق، كانت إجراءات فورية من قبل الأجهزة الأمنية إن على صعيد إتمام تحديد مدى خرقه النظام وحصر ضرره بالتعاون مع المديرية العامة للطيران المدني، أو على صعيد العمل الجاري حالياً على تحديد مصدره من قبل الأجهزة الأمنية المختصة، وكذلك الحال من خلال الإجراءات المتخذة على صعيد إعادة انتظام العمل فيه".

وأضاف أن ما حدث "ليست له علاقة بالإهمال، وهناك إجراءات احترازية اتخذت، منها فصل الإنترنت عن المطار بهدف حصر الأضرار".

وأشار حمية في مؤتمر صحافي، اليوم الاثنين، إلى أن بيانات المطار سجلت من الساعة السادسة من مساء أمس الأحد، وحتى صباح الاثنين، عبور 8493 مغادراً، ولم تكن هناك أية مشكلة.

كما لفت إلى أن استراتيجية الأمن السيبراني، التي أقرها لبنان عام 2018 لم تدخل حيز التنفيذ في كافة إدارات الدولة، "لعدم صدور مراسيمها التطبيقية لغاية اليوم".

وعادت مساء اليوم شاشات المغادرة والوصول في مطار بيروت الدولي إلى العمل بشكل طبيعي، بعدما تعرّضت أمس لقرصنة إلكترونية، حيث بثت رسائل تهاجم "حزب الله" وأمينه العام حسن نصر الله، وتحذّر من جرّ لبنان إلى الحرب مع إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تعطل نظام تفتيش الحقائب، ما دفع الأجهزة المعنية في المطار إلى اتباع وسائل بديلة منها التفتيش اليدوي.

ومما جاء في الرسالة: "مطار رفيق الحريري ليس مطار حزب الله وإيران، يا حسن نصر الله، لن تجد نصيراً إذا ابتليت لبنان بحرب تتحمّل مسؤولياتها وتبعاتها، يا حزب الله لن نحارب نيابة عن أحد... فليتحرّر المطار من قبضة الدويلة".

ونُسب التحذير إلى "جنود الرب"، الجماعة المسيحية المتشددة طائفياً وسياسياً ومجتمعياً، إلّا أنها نفت في بيان لها ضلوعها في هذه العملية، الأمر الذي وضعته أوساط لبنانية في إطار محاولة إحداث فتنة في لبنان في ظلّ الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد، والانقسام الشعبي حول العمليات العسكرية التي يقوم بها "حزب الله" في الجنوب.

ويأتي هذا الخرق في مطار رفيق الحريري الدولي، الذي يُتهم "حزب الله" من قبل معارضيه بوضع اليد عليه، في وقتٍ تعرّض الحزب لضربة في معقله ومربعه الأمني، الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث اغتيل القيادي في حركة حماس، صالح العاروري.

واكتفى مصدر أمني بالقول لـ"العربي الجديد": "التحقيقات مستمرة، ولم نعرف بعد مصدر الخرق، إذا كان داخليا أو خارجيا، الوضع لا يحتمل رمي أخبار غير دقيقة، قد تنعكس سلباً في الشارع اللبناني، وكذلك، لا يمكن استبعاد فرضية أن تكون إسرائيل وراءه، فهي عدو نتوقع منه كل شيء، ولكن لا تأكيد بعد بذلك".

وعلى الرغم من عدم تحديد مصدر الخرق حتى الساعة، بيد أنّ آراء سياسية في لبنان لم تستبعد أن يكون رسالة بأن المطار أصبح مكشوفاً، وبأن الحزب غير قادر على حمايته.

وجال مساء اليوم المدير العام للطيران المدني فادي الحسن في أرجاء المطار للاطلاع على سير العمل، مؤكداً إصلاح الأعطال في الشاشة بنسبة 100%، في صالات الوصول والمغادرة وفي أرجاء مبنى محطات الركاب.

وقال الحسن: "أما بالنسبة إلى جرارات الحقائب، فما زلنا نتابع التنسيق مع الشركة المتعهدة أعمال الصيانة في المطار للعمل على إعادة الوضع إلى طبيعته"، لافتاً إلى أن "عملية الكشف على حقائب الركاب المغادرين تسير بشكل طبيعي وما من تأخير في الحقائب التي يتم الكشف عليها يدوياً"، مشيراً كذلك، إلى أن "السكانر لم يتأثر إنما الذي حصل طاول أنظمة جرارات الحقائب وليس أجهزة الكشف عليها".

ولفت الحسن إلى أن الخرق الذي حصل أمس الأحد يحصل للمرة الأولى، وهو جدّي وكبير جداً، مع أن الفرق في المطار كانت سريعة جداً، وتمكنت الأجهزة المعنية العاملة فيه من احتواء ما حدث بسرعة".

وشدد الحسن على أن "كل الأجهزة المعنية، وخبراء المعلوماتية يعملون مع الوحدات الفنية في المديرية العامة للطيران المدني من أجل معرفة حقيقة ما حصل والحؤول دون تكراره"، مشيراً إلى أن "جولات الرحلات لم يلحقها أي تعديل".

يأتي هذا الخرق أيضاً، في وقتٍ تحذر غالبية الدول من السفر إلى لبنان، وتطلب من رعاياها منذ بدء الاشتباكات على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في 8 أكتوبر/تشرين الأول، غداة عملية "طوفان الأقصى"، مغادرة الأراضي اللبنانية، عدا عن إجراءات كثيرة اتخذتها شركات التأمين والعديد من شركات الطيران، بالتزامن مع بدء المعارك، ولا سيما على مستوى تخفيض عدد الرحلات.

في الإطار، يقول الصحافي التقني محمود غزيل، لـ"العربي الجديد"، إن ما حصل في المطار"يعدّ بمثابة فضيحة، ويؤثر على صورة البلد والأجهزة الأمنية الرسمية سواء التي تعمل داخله أو خارجه، ويؤثر على سمعة المطار، وتعاملاته، ولا سيما أنه المرفق الوحيد الجوي للطائرات المدنية في لبنان، وذلك بغض النظر عن النتائج التي ستظهرها التحقيقات، حول المصدر ونوع الخرق وكيفية حدوثه".

وأشار إلى أن الخرق كشف مشكلة أساسية تتمثل في أن أنظمتنا ما زالت دون المستوى المطلوب لحماية أي نوع من البيانات، سواء كانت شخصية أو عامة مرتبطة بالدولة اللبنانية.

ورأى غزيل أن ذلك مردّه إلى عوامل عدّة، منها أن "الأجهزة الأمنية القوية، الاستخبارية، المعلوماتية، التقنية، تعاني من تسرّب في عناصرها وكوادرها ربطاً بالأزمة الاقتصادية وتدني قيمة الرواتب بشكل كبير، عدا عن أن البلد نوعاً ما مفتوح أمام العديد من التدخلات الأجنبية لاستغلال البيانات بطريقة أو بأخرى".
وأكد غزيل ضرورة أن تولي الدول اهتماماً كبيراً لحماية الأنظمة الإلكترونية بكافة أشكالها، و"يجب الانتباه إلى ضرورة تحديث الأنظمة بشكل دائم، خصوصاً أنظمة التشغيل التي تحتاج إلى تحديث بشكل مستمرّ، من دون أن ننسى أن عمليات القرصنة تحدث كثيراً وهناك استغلالا للفجوات الأمنية رغم أنه يتم الكشف عنها".