طالب لبنان الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ"العمل على تعزيز فرص التفاوض بين الجانبين الروسي والأوكراني للتوصل إلى حل سلمي للنزاع بينهما يعيد الأمن والاستقرار".
وعقد اجتماع ثلاثي، اليوم الأربعاء، ضمّ رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب لدرس "موقف لبنان في ضوء الدعوة الموجهة إلى الجمعية العامة للبحث في الأزمة الناشئة بين روسيا وأوكرانيا"، وفق تعبير بيان الرئاسة اللبنانية.
وأكد البيان أن لبنان سيبقى على موقفه المعلن في 24 فبراير/شباط بإدانته الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية ودعوته روسيا إلى وقف عملياتها العسكرية فوراً وسحب قواتها منها وذلك على الرغم من الدعوات السياسية المحلية التي خرجت للتراجع عنه ونزع صفة لبنان الرسمية عنه.
وقد أحدث الموقف الذي عبّرت عنه بدايةً وزارة الخارجية اللبنانية انقساماً داخلياً حادّاً، بحيث علت الأصوات المعترضة عليه التي استغربت تفرّد الوزارة باتخاذه، بينما من يعبّر عن الموقف الرسمي هو الحكومة، وقد خرجت اتهامات بوجه وزير الخارجية الذي كان يشغل منصب سفير لبنان لدى واشنطن، ولا سيما على ضفة "حزب الله"، بـ"مغازلة الأميركيين لنيل رضاهم"، والخروج عن سياسة النأي بالنفس، التي يتهم الحزب بدوره بخرقها والتعاطي معها باستنسابية.
وعبّرت السفارة الروسية لدى لبنان عن "دهشتها" من بيان وزارة الخارجية اللبنانية، معتبرة أنها "خالفت سياسة النأي بالنفس واتخذت طرفاً ضد طرف آخر في هذه الأحداث"، مذكرة بالجهود التي تبذلها للمساهمة بنهوض واستقرار الجمهورية اللبنانية.
وأدلى بو حبيب بعد الاجتماع بتصريح يبرّر فيه الموقف اللبناني ومطلبه إلى الجمعية العامة من بوابة المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان ومعاناة لبنان من الاعتداءات والاجتياحات العسكرية، وبأن "الصراعات العسكرية لا تخلّف سوى المآسي والاضرار والخسائر"، وانطلاقاً من قناعة راسخة بأن "الحوار يبقى الخيار الوحيد المتاح لحل النزاعات بين الدول".
على المقلب الأميركي، يستمرّ الرضى اللافت في الفترة الأخيرة عن المواقف اللبنانية "الرسمية"، ربطاً أولاً بملف ترسيم الحدود البحرية الذي يتهم عون من قوى سياسية ببيعه للأميركيين مقابل فك العقوبات عن صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وراهناً بالموقف من الاجتياح الروسي لأوكرانيا والذي أشادت به وزارة الخزانة الأميركية اليوم واصفةً إياه بـ"القوي"، شاكرة الحكومة اللبنانية على اتخاذه.
واختتم وفد رفيع من وزارة الخزانة الأميركية زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى بيروت التقى خلالها مسؤولين لبنانيين وأعضاءً في المجتمع المدني والقطاع المصرفي لتأكيد التزام الحكومة الأميركية بالوقوف إلى جانب اللبنانيين، بحسب بيان صادر عن الخزانة الأميركية.
وأضاف البيان أن "الوفد شجع عمل الحكومة اللبنانية من أجل تطوير برنامج محتمل يدعمه صندوق النقد الدولي، فمثل هذا البرنامج من شأنه أن يساعد في استعادة الثقة التي تشتدّ الحاجة إليها في النظام الاقتصادي".
وأكد الوفد أن "معالجة الفساد في لبنان شرط مسبق لمعالجة الحكم والازمة الاقتصادية"، كما حثّ المسؤولين الحكوميين والمصارف على ضمان "أن تزيد أي خطة للتعافي المالي من عوائد المودعين اللبنانيين إلى أقصى حدّ لا سيما أصحاب الودائع الصغيرة نسبياً مع التأكيد على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة نحو تحسين النظام المالي".
وسلّط وفد الخزانة الأميركية الضوء على "القرض الحسن" المستهدفة بالعقوبات الأميركية وذلك "كمثال على مؤسسة مالية زائفة غير منظمة تنتهك ترخيص منظمة غير حكومية ممنوحة من وزارة الداخلية وتوفّر غطاءً للنشاط المالي لحزب الله مما يعرّض مصداقية النظام المالي اللبناني للخطر"، وفق ما جاء في البيان.
وأضاف بيان الخزانة الأميركية، أن "الوفد أثار مخاوف بشأن الانتهاكات داخل النظام المصرفي من قبل أعضاء النخبة السياسية والاقتصادية، وشدد على ضرورة بذل الجهود الجادة للتحقيق في تلك الانتهاكات".
في سياق ثان، أعلنت الرئاسة اللبنانية أن عون تلقى اليوم اتصالاً من مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فكتوريا نولاند وتناول البحث "المراحل التي قطعها التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ونتائج زيارة وفد الخزانة الأميركية إلى بيروت، وتطورات ملف ترسيم الحدود الجنوبية البحرية، وعملية استجرار النفط والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر سورية، والتحضيرات الجارية للانتخابات النيابية، فضلاً عن التطورات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا".
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس عون كان التقى اليوم أيضاً السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا التي كانت زارت القصر الجمهوري أمس الثلاثاء بحضورها الاجتماع مع وفد الخزانة الأميركية.