لبنان: وفاة "أبو الطائف" حسين الحسيني

بيروت

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
11 يناير 2023
وفاة حسين الحسيني.. "عراب" اتفاق الطائف في لبنان
+ الخط -

غيّب الموت، اليوم الأربعاء، رئيس البرلمان اللبناني الأسبق حسين الحسيني، صاحب المسيرة السياسية والدستورية الطويلة التي شكّلت علامة فارقة على الساحة المحلية، مع تمسّكه باستقلاليته وعدم انخراطه في إطار ما عُرِف بـ8 و14 آذار، أي تلك الموالية لـ"حزب الله" والمعارضة له.

وتوفي الحسيني عن عمر تجاوز الـ85 عاماً، إثر اصابته بأنفلونزا حادة استدعت نقله إلى غرفة العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية لتلقي العلاج منذ 3 يناير/كانون الثاني الحالي، وذلك وفق ما ذكرته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية (الوكالة الوطنية للإعلام).

وترأس الحسيني مجلس النواب في لبنان منذ العام 1984 ولغاية 1992، قبل أن يؤول المنصب إلى "خلفه الوحيد" نبيه بري، وكانت له مساهمة كبيرة بالتوصل إلى "اتفاق الطائف" الذي وضع نهاية للحرب اللبنانية (1975 – 1990)، فكان أن سُميَّ "أبو الطائف".

وشارك الحسيني في تأسيس "حركة أمل" (يتزعمها نبيه بري)، عام 1973، والتي كانت تُعرف في ذلك الوقت بـ"حركة المحرومين"، وتولى رئاستها في الفترة ما بين 1978 و1980، وذلك بعد اختفاء الإمام موسى الصدر.

وتميزت مسيرة الحسيني بمواقفه المستقلة من خارج عباءة "حزب الله" و"حركة أمل"، هو ابن بلدة شمسطار، والنائب عن بعلبك الهرمل، التي تُعدّ أبرز معاقل "حزب الله" السياسية، وذلك منذ عام 1972 والدورات النيابية اللاحقة، حتى تاريخ استقالته في 12 أغسطس/آب 2008، في خطوة شكلت صدمة في تلك الحقبة، واعتُبرت غير مسبوقة، بالإعلان عنها خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة فؤاد السنيورة، وذلك "أمام حقيقة أن السلطة قادرة إذا أرادت وأنها حتى الآن لا تريد"، وفق تعبيره.

وانتقد الحسيني سياسات الحكومات المتتالية وعدم تطبيقها بنود اتفاق الطائف، متخذاً مواقف حادة رافضة لتشويه وجه لبنان الحضاري بتحجيم دوريه العربي والدولي، أو جرّه إلى أي محور عربي ودولي، معبّراً عن امتعاضه من طريقة التعاطي مع الدستور اللبناني، والمشهد المحزن المستمرّ وكأنه لم يتم التعلم من تجارب الماضي.

وهاجم الحسيني في أكثر من محطة وتصريح ممارسات "حزب الله"، مؤكداً في أحاديث صحافية، أن "لا خلاف حول المقاومة ضد إسرائيل التي تحتل أراضي لبنانية، ولكن الخلاف هو حول ما يقوم به حزب الله"، مشيراً إلى أنه "لسنا مع احتكار المقاومة بما ومن يمثل في الطائفة الشيعية وفي غيرها، ونحن مع تعميم المقاومة".

كما يرى أن "حزب الله هو حزب ديني ونحن نريد الدولة المدنية التي تؤمن حرية الاعتقاد المطلقة"، فيما عبّر عن رفضه التدخل في الشأن السوري كما يفعل "حزب الله".

وفي خطوة مشابهة لتلك التي اتخذها عام 2008، قرّر الحسيني الانسحاب من الانتخابات النيابية لعام 2018، قبل إغلاق باب تسجيل اللوائح الانتخابية، علماً أن لائحته كانت تضمّ شخصيات من الطائفة الشيعية معارضة لـ"حزب الله" و"حركة أمل" كانت تعوّل على حيثيته الشعبية للعبور إلى البرلمان.

وقال الحسيني في بيان انسحابه إن "المواجهة الآن تقوم على عدم الاعتراف بشرعية هذه الانتخابات التي تنظمها سلطات لا شرعية لها أصلاً، والمواجهة تقوم في الأساس على المبادرة إلى فرض تطبيق الدستور بما ملكت أيدي المواطنين والمواطنات، وصولاً إلى تحرر اللبنانيين واللبنانيات من الوصايات الطائفية السياسية، وتحرير لبنان من الوصايات الأجنبية، وبالتالي إقامة النظام بصيغته المدنية على أسس الحرية والمساواة والاستقلال".

وحصل الحسيني على دبلوم في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة، وعمل في الفترة ما بين 1956 و1963 مديراً لإدارة شركة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في بعلبك، كما شارك في تأسيس الهيئة الوطنية للمحافظة على الجنوب عام 1977، وانتخب عضواً في لجنتي المالية والأشغال.

وأصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مذكرة تقضي بإعلان الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم الأربعاء، وتنكس خلالها الأعلام على الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات.

ونعى ميقاتي رئيس البرلمان السابق، مشيراً إلى أن "لبنان فقد اليوم قامة وطنية ودستورية أصيلة، وبغيابه تطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق".

وقال "لقد شكل حضور الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عديدة".

وأضاف "عُرف الحسيني بحسّه الوطني وإدراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب إصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل واستكمل تنفيذها".

كما أعلن رئيس البرلمان نبيه بري عن تأجيل جلسة مجلس النواب المقرّر انعقادها صباح غدٍ الخميس لانتخاب رئيس جديد للبلاد إلى يوم الخميس المقبل، 19 يناير/كانون الثاني الحالي.

كما نعى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري (المعتكف سياسياً)، الحسيني في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، وقال إنه "بوفاته يكون لبنان قد خسر رجلاً كبيراً من رجال الطائف لطالما شكل الاعتدال نبراسه، والحوار طريقه، والدستور كتابه، وتجديد الوفاق الوطني هدفه".

 

ذات صلة

الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحافيين لبنانيين، وأصابت آخرين، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، فجر الجمعة
الصورة
شارك العديد من الشبان في مبادرة الحلاقة (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار المبادرات والمساعدات المقدمة للنازحين، رحب النازحون في مدينة صيدا بمبادرة الحلاقة في ظل ظروفهم الصعبة والبطالة
الصورة
آثار القصف في منطقة البقاع في لبنان (حسين بيضون)

سياسة

تعدّدت جرائم الحرب ومنفذها واحد، وهو احتلال باتت مجازره يومية بحق المدنيين في لبنان وسلوكه مركَّز على التهجير، والتدمير، مستغلاً الصمت الدولي على انتهاكاته.