لبنان: لا عودة للحياة "الطبيعية" في مخيم عين الحلوة قبل "نزع لغم المطلوبين"

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
04 أكتوبر 2023
أهالي مخيم عين الحلوة يلملمون جراحهم بعد شهر على توقف الاشتباكات
+ الخط -

لا تزال آمال عودة الاستقرار الكلّي إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، وقطع الطريق على أي جولة اقتتال جديدة، مرهونة بتسليم المطلوبين المتهمين باغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني، اللواء أشرف العرموشي ورفاقه، والناشط الإسلامي، عبد الرحمن فرهود إلى القضاء اللبناني. 

واندلعت في المخيم الأكبر في لبنان والبالغ عدد سكانه نحو 50 ألف لاجئ، جولتا قتال داميتان في الأشهر الأخيرة، أسفرتا عن سقوط أكثر من 30 قتيلاً وما يزيد عن 200 جريح.

ورغم وقف إطلاق النار منذ 14 سبتمبر/ أيلول الماضي، لم تعد الحياة في المخيم إلى طبيعتها بشكل كامل، خصوصاً على صعيد المدارس، التي أرجئ العام الدراسي فيها، كما أيضاً في منطقة صيدا، التي يتجه بعضها إلى التعليم عن بُعد، في حين لا تزال أعداد كبيرة من العائلات خارج منازلها، بفعل الأضرار وتأخر أعمال إعادة الإعمار والتعويض، وكلّ ذلك، وسط حال ترقّب وخشية مستمرّة من عودة الاشتباكات.

وتبقى هذه المخاوف قائمة رغم عدم تسجيل أي خرق لاتفاق التهدئة، وتنفيذ بعض بنوده، أبرزها، نشر عناصر القوة الأمنية المشتركة الفلسطينية في أكثر المحاور التي شهدت اقتتالاً، وإخلاء مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، من المسلّحين، وذلك بانتظار استكمال الخطوات بإزالة المظاهر المسلّحة، وتسليم المطلوبين.

وقال قائد القوة الأمنية المشتركة في مخيم عين الحلوة، اللواء محمود العجوري، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع مقبولٌ في المخيم، والالتزام بوقف إطلاق النار مستمرّ، وهناك بعض الفلتان والإشكالات الفردية، لكن كله ممسوك".

ولفت العجوري إلى أن الأزمة اليوم متصّلة ببند تسليم المطلوبين، "الذي كلّما تأخر البتّ به بقيت الأمور متشنّجة داخل المخيم"، مشيراً إلى سعي من القوى الفلسطينية واللبنانية لتفكيك هذا "اللغم".

وأكد العجوري أن جميع القوى السياسية الفلسطينية تؤيد تسليم المطلوبين. وقال: "نحن بانتظار أن يحصل ذلك، فلا مهلة محددة، لكن في الوقت نفسه هي ليست مفتوحة، وهناك مساعٍ سياسية تُبذل لإتمام هذه الخطوة، أما ردّ الفعل في حال عدم حدوثها، فهي مسألة تبقى عند القيادة العليا السياسية فالقرار بيدها مع المسؤولين اللبنانيين".

ولفت إلى أن انتشار القوة الأمنية المشتركة الفلسطينية لا يزال مستمرّاً في أكثرية المحاور والنقاط التي شهدت اشتباكات بين عناصر حركة "فتح" والجماعات الإسلامية المتشددة، ولا سيما حي الطوارئ والتعمير والبركسات، وغيرها.

وحول النازحين، قال إن قسماً منهم عاد إلى منازله التي تعدّ قابلة للسكن، وقسماً آخر ليس قادراً على فعل ذلك اليوم نتيجة الدمار الذي لحق بممتلكاته ومساكنه.

ويوم الجمعة الماضي، تمكنت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة من إتمام خطوة اخلاء مدارس "الأونروا" من المسلحين، سواء المنتمين إلى "فتح" أو الجماعات الإسلامية المتشددة، وهذه الخطوة بمثابة امتحان لاتفاق وقف إطلاق النار، وكان يُخشى من انعكاسات خطيرة في حال عدم اتمامها، علماً أن التحدّي الأكبر يتعلق بتسليم المطلوبين، الملف الذي يواجه حتى الساعة عقبات تحول دون تنفيذه.

وقال مصدر في حركة "فتح" لـ"العربي الجديد"، إن "الجماعات الإسلامية المتشددة لا تزال ترفض تسليم المطلوبين باغتيال اللواء العرموشي، مضيفاً: "ننتظر إتمام هذه الخطوة، ونعطيها مهلة معقولة، باعتبار أن أمن المخيم وسلامة الأهالي أولوية بالنسبة إلينا، بيد أن لا تراجع عن ضرورة تسليم المطلوبين. الملف هذا لن يُقفَل".

وعلى الرغم من الهدوء الراهن، إلا أن وكالة أونروا لم تستأنف جميع خدماتها بعد. وقال مصدرٌ في الوكالة لـ"العربي الجديد"، إنه "جرى استئناف فقط الخدمات الصحية البيئية ولا سيما رفع النفايات بواسطة متعهد داخل المخيم تعاقدت معه الوكالة، أما بقية الخدمات، فهي ستعود لتُستأنف تدريجياً عند الاطمئنان بأن الوضع أصبح آمناً ومستقراً".

وأشار المصدر إلى أن المدارس لن تفتح أبوابها فوراً بعد إتمام خطوة إخلائها من المسلحين. وقال إن هناك إجراءات يجب القيام بها قبل ذلك، منها إتمام عملية الكشف على الألغام والأجسام غير المنفجرة عن طريق منظمات غير حكومية، كما الكشف على الأضرار، وتقييمها ووضع تكلفة تقريبية لها، ثم رفع طلب التمويل للدول المانحة، لافتا إلى أن "وضع كل مدرسة يختلف عن الآخر".

وقالت "أونروا" في بيان، إنه على أثر الأضرار الجسيمة التي لحقت بمدارسها الثماني في مخيم عين الحلوة، وصعوبة الوصول إليها بسبب الوضع الأمني، واستمرار بعض المدارس خارج المخيم بتوفير المأوى لعدد من العائلات النازحة، فإن افتتاح العام الدراسي للطلاب من لاجئي فلسطين في صيدا، بما فيهم طلاب مخيم عين الحلوة، قد تأجل مقارنة بجميع طلاب مدارس الوكالة الآخرين الذين بدأوا عامهم الدراسي يوم الاثنين 2 تشرين الأول/ أكتوبر.

ووضعت "أونروا" ترتيبات جديدة للعام الدراسي الجديد في صيدا، منها بدء المعلمين والطاقم الإداري في المدارس الواقعة في المناطق الآمنة، تحديداً مدارس عكا والعوجا وعسقلان، دوامهم يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول، في حين من المقرر أن يبدأ الطلاب المسجلون في هذه المدارس العام الدراسي الجديد يوم 9 من الشهر نفسه.

وحسب الوكالة، سيتم استيعاب أطفال مخيم عين الحلوة البالغ عددهم 6,000 طالب بشكل مؤقت في مدارس الأونروا القريبة من المخيم أو تلك الواقعة في مدينة صيدا وذلك باعتماد نظام الفترتين، مشيرة إلى أن مدارس أخرى لن تبدأ حتى منتصف الشهر الجاري، ومطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

وقالت دوروثي كلاوس، مديرة شؤون الأونروا في لبنان، في بيان، إن "هذه إجراءات مؤقتة بسبب عدم توفر المدارس حالياً في مخيم عين الحلوة والتي تحتاج إلى أعمال صيانة وإعادة بناء كبيرة وتأمين الظروف المطلوبة لتكون بمثابة مساحات تعليمية آمنة قبل استئناف العمل فيها"، لافتة إلى "أننا نبحث في كل الحلول الممكنة لضمان حصول جميع الطلاب في صيدا على التعليم من دون انقطاع خلال العام 2023/24".

وشددت كلاوس على أن "السلام المستدام في مخيم عين الحلوة يظل محورياً لتوفير بيئة آمنة حيث يمكن لطلابنا أن يتعلموا ويحققوا النمو والنجاح".

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
المساهمون