لبنان: فرنجية ينسحب من السباق الرئاسي والمعارضة تحسم موقفها بدعم عون

08 يناير 2025
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن سليمان فرنجية سحب ترشحه لرئاسة الجمهورية ودعمه لقائد الجيش جوزاف عون، مما يعزز فرص عون للوصول إلى الرئاسة بعد تغير المعادلات السياسية في لبنان.
- شهدت الساحة السياسية توافقًا متزايدًا حول ترشيح عون، حيث دعمت قوى المعارضة مثل حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية ترشيحه، نتيجة للجهود الدولية والمحلية لإنهاء الأزمة السياسية.
- أجرى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان محادثات حول الملف الرئاسي، مشددًا على أهمية انتخاب رئيس جديد، مع دعم خارجي لعون وتأكيد المجتمع الدولي على ضرورة التوافق السياسي الداخلي.

أعلن رئيس تيار المردة في لبنان سليمان فرنجية، اليوم الأربعاء، سحب ترشحه لرئاسة الجمهورية ودعمه قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي "يتمتع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الأولى"، بحسب تعبيره، الأمر الذي من شأنه أن يعبّد الطريق أكثر أمام الأخير نحو قصر بعبدا الجمهوري، خصوصاً بعدما انقلبت المعادلة السياسية منذ ساعات الصباح، فتوالت مساءً الأصوات والمواقف الداعمة لانتخابه.

وقال فرنجية في بيان مساء اليوم الأربعاء: "أما وقد توافرت ظروف انتخاب رئيس للجمهورية يوم غد، وإزاء ما آلت إليه الأمور، فإنني أعلن سحب ترشيحي الذي لم يكن يوماً هو العائق أمام عملية الانتخاب". وأضاف: "إذ أشكر كلّ من اقترع لي، فإنني وانسجاماً مع ما كنت قد أعلنته في مواقف سابقة، داعم للعماد جوزاف عون الذي يتمتّع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الأولى. وإنني أتمنّى للمجلس النيابي التوفيق في عملية الانتخاب، وللوطن أن يجتاز هذه المرحلة بالوحدة والوعي والمسؤولية".

وكان فرنجية قد أعلن ترشحه رسمياً للانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران 2023 مدعوماً من الثنائي حركة أمل وحزب الله، الذي بقي متمسكاً به حتى تغيّر المعادلات في المنطقة، وخصوصاً ربطاً بنتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد، فكان أن دعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى جلسة تحمل الرقم 13 بعد تعطيل عملية الانتخاب لأكثر من سنة، مع تزامن هذه الخطوة مع إبداء تعاون بتسهيل العملية، و"تخفيف" الفيتو عن عون، رغم إبقاء الاعتراض عليه من بوابة مخالفة الدستور، ووجوب حيازته 86 صوتاً، قبل أن تظهر ليونة لافتة اليوم بالسير مع التوافق.

وقال النائب أيوب حميّد بعد اجتماع كتلة التنمية والتحرير برئاسة بري: "إننا وحزب الله موقفنا واحد موحد وسيكون هناك جلسات متتالية لانتخاب رئيس"، مشيراً إلى أننا "مع التوافق".

كذلك، تبدّل المشهد في ساعات بعد الظهر والليل على ضفة المعارضة، بعدما كان حزب القوات اللبنانية رافضاً لدعم ترشيح قائد الجيش، مشترطاً للسير به أن "يبدّل فريق الممانعة رأيه وبشكل علني وواضح بإعلانه رسمياً ترشيح عون"، إذ قالت القوى النيابية المعارضة، بعد اجتماع في معراب (مقر حزب القوات اللبنانية)، إنه "بعد المشاورات المكثفة تحضيراً لجلسة الخميس، والجهود الدولية التي سعت إلى إخراجه من أزمته السياسية، توصلنا إلى استنتاج أن المرشح الذي يحظى بقدر كبير من التوافق هو قائد الجيش، وقررنا دعمه لمنصب رئاسة الجمهورية والاقتراع له".

وفي وقت سابق من بعد الظهر، قال النائب عن حزب "الكتائب اللبنانية" (ضمن قوى المعارضة)، الياس حنكش لـ"العربي الجديد" إن "الأجواء باتت واضحة، وكل الجهود تنصبّ اليوم للوصول إلى التوافق الأكبر حول اسم قائد الجيش جوزاف عون لرئاسة الجمهورية".

وأضاف: "نحن اليوم أمام لحظة تاريخية ومصيرية ودولية علينا إما أن نستفيد منها لتتلاقى مصلحتنا الداخلية بتلك الخارجية وينتقل لبنان إلى مستوى آخر، أو يضيّع اللبنانيون فرصة جديدة ليسلك البلد الطريق الصحيح"، لافتاً إلى أنّ "التوافق حصل على قائد الجيش، والقوات اللبنانية وقوى المعارضة ستجتمع اليوم والحديث بهذا التوجه والموضوع أصبح محسوماً ويبقى الإعلان عنه".

وقالت أوساط نيابية في المعارضة لـ"العربي الجديد"، إنّ "النواب الذين التقوا الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أكدوا ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الغد، ولو انعقدت دورات متتالية، واللحظة اليوم حاسمة وقد تكون الأخيرة لأجل ذلك، خصوصاً في ظلّ الجهد الدولي الخارجي المبذول للمساعدة على حلّ الأزمة، وقد لا يتكرر فيما لو فشل البرلمان بمهمته".

ولفتت الأوساط إلى أنّ "لودريان كما الأميركيون وأعضاء اللجنة الخماسية، لم يفرضوا أي رئيس أو يضعوا فيتو على شخصية معينة، لكنهم في الوقت نفسه حدّدوا مواصفات من دون أن يخفوا أنّ قائد الجيش العماد جوزاف عون يتمتع بها، وبالتالي لا يعارضون انتخابه، خصوصاً إذا حصل على التوافق السياسي الداخلي المطلوب، باعتبار أن الاستحقاق في النهاية شأن داخلي".

وأشارت الأوساط إلى أنّ "هناك دعماً خارجياً كبيراً لقائد الجيش، باعتباره رجل المرحلة ولا سيما في ظل الأوضاع الأمنية التي تمرّ بها البلاد، والتنويه بالدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية في الفترة الماضية وخصوصاً خلال الحرب، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، وهناك ثقة بقدرة عون على تولي الإدارة".

وإلى جانب الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة الوزير السابق وليد جنبلاط، أعلن عدد من الكتل البرلمانية اليوم دعم ترشيح قائد الجيش، فضلاً عن النواب المستقلين والمعارضين، لتتخطى الأصوات التي يحوزها حتى اللحظة السبعين، لتبقى الأنظار مسلّطة على موقف حزب الله وحركة أمل، فيما لا يزال التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل حتى الساعة رافضاً السير بعون بذريعة مخالفة الدستور.

بالتزامن، بحث لودريان مع المسؤولين والنواب اللبنانيين بالملف الرئاسي عشية الجلسة التشريعية المتوقع أن تنهي شغوراً استمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وتعيد فتح أبواب قصر بعبدا الجمهوري أمام الرئيس الـ14 للبلاد منذ الاستقلال في عام 1943.

وتناولت لقاءات لودريان مع رئيس البرلمان نبيه بري وعدد من النواب الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والمستجدات السياسية، ولا سيما الاستحقاق الرئاسي، وذلك قبيل ساعات على الجلسة التي ستنعقد بحضور الموفد الفرنسي الخاص إلى بيروت المعيّن رئاسياً منذ يونيو/ حزيران 2023، وتحت أنظار اللجنة الخماسية والمجتمع الدولي والعربي، الذي شغّل جميع محركاته في الأيام الماضية، خصوصاً السعودي والأميركي، وكان لهما موفداهما في بيروت، لإنهاء الشغور والضغط بغية تذليل العقبات السياسية.

ويستقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لودريان، عند الساعة العاشرة من صباح يوم غد الخميس في السرايا الحكومية. وكان ميقاتي قد بحث اليوم مع الموفد السعودي إلى لبنان الأمير يزيد بن محمد بن فهد آل فرحان الأوضاع اللبنانية الراهنة.

يذكر أن الوزير السابق المحامي زياد بارود أعلن مساء اليوم عزوفه عن الترشح لرئاسة الجمهورية. وقال في بيان: "كنت أعلنت بالأمس أنني لن أكون جزءاً من المنافسة، في حال التوصل إلى توافق وطني عريض على اسم الرئيس. إنني، إذ أشكر السيدات والسادة النواب الذين شرفوني بدعمهم، أعلن عزوفي، معاهداً اللبنانيات واللبنانيين بأن أستمر معهم واحداً من المناضلين من أجل الجمهورية، متمنياً للرئيس العتيد كل التوفيق".