يستمرّ ضغط الرئيس اللبناني ميشال عون باتجاه تشكيل حكومة جديدة لإدارة شؤون البلاد في حال تعذّر انتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية، وذلك عبر اللجوء إلى "اجتهادات دستورية" لقطع الطريق أمام تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحياته بعد انتهاء ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وترك سلطة القرار بيده هو وفريقه السياسي في حال الفراغ، وفق ما يتهمه خصومه السياسيون ومعارضوه.
وأكد عون وفق ما نقل عنه رئيس الرابطة المارونية خليل كرم بعد لقائهما، اليوم الخميس، في قصر بعبدا الجمهوري "ضرورة تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن".
وأشار إلى "عدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق، خصوصاً أن المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسسات الدستورية مؤمّناً والشراكة الوطنية مصونة من حيث تشكيل الحكومة الجديدة أو من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا سيما أن حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل، في حال تعذُّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأي سبب كان".
وقال الرئيس اللبناني: "لا يبدو طبيعياً أن الفراغ على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير الحائزة ثقة مجلس النواب يمكنه أن يملأ فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية".
عون يتمسّك بإضافة 6 وزراء دولة إلى التشكيلة الوزارية التي قدّمها الرئيس المُكلَّف
في المقابل، توقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عند التصريحات التي خرجت من القصر الجمهوري، معتبراً أن المواقف التي تُلِيَت "كشفت بما لا يقبل الشك الأسباب الحقيقية لتعطيل عملية تشكيل الحكومة، وما يتم التخطيط له من قبل بعض المحيطين بالرئيس عون".
واستغرب ميقاتي بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي "استخدام منبر الرئاسة، المفترض أن يكون فوق الاعتبارات الطائفية، لإطلاق مواقف تؤجج الأوضاع بدل أن تشكل كلمة سواء لجميع اللبنانيين".
وشدد ميقاتي على أن ما قيل لن يكون بأي شكل من الأشكال معطّلاً لمواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ينتظر مجدداً أن يستكمل مع الرئيس عون مناقشة التشكيلة التي قدّمها في 29 يونيو/حزيران الفائت.
عون "يتمسّك" بإضافة 6 وزراء دولة إلى التشكيلة الوزارية
في السياق، يقول مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي لـ"العربي الجديد"، إن "عون يتمسّك بإضافة 6 وزراء دولة إلى التشكيلة الوزارية التي قدّمها الرئيس المُكلَّف، الذي بدوره يرفض توسعتها، باعتبار أنها ستمنح الرئيس وفريقه الثلث المعطّل، وهو ما لن يعطيه لأي طرف سياسي".
ويضع المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه، حَراك عون ومن خلفه صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وبعض نوابه، في خانة السعي للبقاء في موقع القرار إذا طال الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى.
ويُنقَل عن أوساط باسيل وبعض نواب التيار في الأيام القليلة الماضية، تلويحهم باحتمال اللجوء إلى خيارات كثيرة في المرحلة المقبلة في حال عدم تشكيل حكومة جديدة، منها سحب التكليف من ميقاتي، والدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة، وبقاء عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، وتشكيله حكومة على غرار التي شكلها الرئيس الأسبق أمين الجميّل قبل "اتفاق الطائف" (أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989)، وكلف ميشال عون الذي كان قائداً للجيش حينها تولي رئاستها، علماً أن صلاحيات رئاسة الجمهورية تقلّصت جداً بعد الاتفاق المذكور، من ضمنها المتعلقة بتشكيل الحكومة.
ويشير المصدر ذاته إلى أن عون عجز عن سحب التكليف من سعد الحريري قبل اعتذاره، ولن ينجح في ذلك أيضاً إن لجأ إلى هذه الخطوة مع ميقاتي. أما القول بأن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها أن تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية، فإن المادة الـ62 من الدستور نصّت صراحة على أنه "في حال خلو سدة الرئاسة لأي علّة كانت تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء"، وتالياً لم تُحدد شكل الحكومة وحالتها يوم الفراغ.
ويشدد المصدر على أن ميقاتي متمسك بتشكيل الحكومة، وهو منفتح على اقتراحات عون، ولا يمانع إجراء تعديلات في بعض الوزارات، ولكنه لن يقبل بحكومة تُفرَض عليه.
ولم يسجل أي تقدّم حكومي بعد اللقاء الرابع بين عون وميقاتي أمس الأربعاء في قصر بعبدا، وقد نقلت أوساط الرئيس عون أخباراً مفادها أن الرئيسين توافقا على أن للبحث صلة، وقد عُرضَت الصيغ المطروحة للتأليف والمُلخَّصة بتأليف حكومة من 24 وزيراً بعد إجراء تعديلين في حقيبتين أو ثلاث أو حكومة مؤلفة من 30 وزيراً، بينهم 6 وزراء دولة، على أن يحصل اللقاء الخامس بعد أيام قليلة لمتابعة البحث.