لبنان: دعوى ردّ من المشنوق والمحقق بانفجار بيروت "يُرشَق" سياسياً وعلى المنابر الدينية
تقدّم وزير الداخلية اللبناني السابق، النائب نهاد المشنوق، بـ"طلب رد"، اليوم الجمعة، على المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، بخصوص تحقيقات ملف انفجار مرفأ بيروت أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت، في خطوة كانت منتظرة للدفع باتجاه تعليق النظر بالقضية وكسب الوقتِ حتى يستعيد النواب المدعى عليهم حصانتهم.
واستكمل أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت تحركاتهم اليوم الجمعة من أمام قصر العدل في بيروت للتضامن مع البيطار والوقوف إلى جانبه، في ظلّ "حصار" الدعاوى القضائية الذي يتعرّض له من قبل المدعى عليهم والمتهمين وأهل السياسة والمرجعيات الدينية والحزبية بهدف كف يده عن التحقيقات ودفنها، وإطلاق نار الاتهامات عليه متخذين أيضاً من المنابر الدينية ملجأ لتطويقه.
أهالي شهداء المرفأ من أمام قصر العدل pic.twitter.com/ctNdDsLCch
— Hussein Baydoun ( حسين بيضون ) (@PhotographyHB) September 24, 2021
وقال المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية إن "محكمة الاستئناف لا صلاحية لها للنظر في طلب ردٍّ ضد المحقق العدلي فهو ليس من قضاة هذه المحكمة".
المشنوق قدم طلب الرد لمحكمة الاستئناف في بيروت التي ليس أي صلاحية للنظر في طلب رد ضد المحقق العدلي، فهو ليس من قضاة هذه المحكمة. يلحظ أن المشنوق فضل تقديم طلب رد وليس دعوى نقل للارتياب المشروع (كفنيانوس) بهدف وقف التحقيق فورا. لكنها محاولة فاشلة لأن المرجع الذي لجأ إليه غير صالح. https://t.co/9U2MkO82GE
— Nizar SAGHIEH (@nsaghieh) September 24, 2021
وأضاف في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "يلحظ أن المشنوق فضَّلَ تقديم طلب ردٍّ وليس دعوى نقل للارتياب المشروع كما فعل وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس لأن من شأنها وقف التحقيق فوراً لكنها محاولة فاشلة لأن المرجع الذي لجأ إليه غير صالح".
وشنّ المشنوق (تولى وزارة الداخلية منذ 2014 وحتى 2019) من دار الفتوى في بيروت هجوماً على المحقق العدلي حمل فيه أيضاً راية الدفاع عن المدعى عليهم النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ورئيس الحكومة الأسبق حسان دياب بشكل خاص. ولمّح في رسائل غير مباشرة إلى انحياز القاضي السياسي، وتشاوره المستمرّ مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، متحدياً المحقق العدلي بأن كلامه لا يلزمه ولا يعنيه ولا يهمّه بل فقط ما تقوله دار الفتوى والنيابة العامة التمييزية (يطالب أهالي الضحايا بكف يدها لاتهامات بعرقلة التحقيقات والعمل لصالح الطبقة السياسية وكذلك ادعت عليها نقابة المحامين في بيروت).
وقال المشنوق في كلمة له أمس الخميس "خلي كل شخص يعرف محله وما يقدر على فعله وما لا يستطيع أن يفعله".
#المشنوق من #دار_الفتوى: نحن تحت عمامة هذه الدار سنواجه pic.twitter.com/QdkV5qmt4b
— Nohad Machnouk (@NohadMachnouk) September 23, 2021
وارتكز المشنوق في كلامه على بيان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى حول وجوب ألا يكون هناك أي استنسابية أو انتقائية في التحقيقات واعتماد الدستور بمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وقال المشنوق علناً وبكل صراحة وتحدٍّ "إذا جهاز أمن الدولة المطلوب رئيسها مضيعين عنوان الرئيس دياب فعنوانه دار الفتوى في بيروت وسنرى إذا كان بإمكان العناصر تبليغه لصقاً هناك (بوضع نسخة عن وثيقة التبليغ على باب سكنه الأخير) أو إحضاره"، مضيفا "كما علمت بأن دياب سيتقدم بدوره بدعوى قضائية للردّ".
كذلك، كما كان متوقعاً أن تحمل خطب يوم الجمعة هجوماً على المحقق العدلي، فقد قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان "البلد محرقة واللعب بالنار غير مسموح، وبلدنا لا يحتمل ديتليف ميليس جديداً (قاضي التحقيق الألماني حول اغتيال رفيق الحريري) والمطلوب فائض حقيقة لا فائض دعاية وتلفيقات ولعبة المطبخ الأميركي مكشوفة".
وتابع قائلا "وما يتم ضخه عبر الإعلام والتواصل الاجتماعي والشارع عن شهود زور بنسخة المدعو كشلي (سائق شاحنة ويعمل في مرفأ بيروت ظهر عبر قناة ام تي في المحلية ولوح إلى أنه نقل مواد نترات الأمونيوم التي تفجرت) هو بمثابة بيئة تلفيقية خطيرة لاتهام سياسي خطير".
وأضاف "ما تكشف من قضية نترات البقاع وآل الصقر وما جرى من تحقيق بقضية المرفأ ونوعية الاستجوابات وطريقة إدارة الملف ومن أين وبمن يبدأ كل ذلك يزيد بشدة من الشكوك القوية للتلفيق ويدفع للمطالبة بعزل المحقق العدلي".
وختم المفتي قبلان بما اعتبره "نصيحة من القلب" إذ قال، "تذكروا أن الأميركيين سرعان ما يضحون بوكلائهم من أجل مصالحهم فهي أولوياتهم".
وبدأت أوساط "حزب الله" تلعب على وتر المؤامرة التي تهدف حسبهم إلى إضعاف الحزب وكسره وتعمّم سيناريو ميليس، القاضي الدولي التابع للأمم المتحدة الذي كلِّف بالتحقيق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وكان الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، يتهمه ونائبه الألماني غيرهارد ليمان والمحكمة الدولية بـ"صناعة وحماية شهود الزور وتسييس الاغتيال".
وتتمسك الأوساط ذاتها بقولٍ واحدٍ لتبرير زيارة مسؤول الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا قصر العدل ولقائه رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات في اليوم الذي سرّبت فيه رسالة التهديد للمحقق العدلي. وتركز في الحديث بشكل مكثف عن مخطط يحاك لتلفيق الاتهامات بحق الحزب بهدف توريطه من بينها قضية مارون الصقر وشاحنة نترات الأمونيوم التي ضبطت في سهل بدنايل بقاعاً.
وبدأت الروايات المتبادلة من جهة المدافعين عن الصقر ومن خانة القوات اللبنانية (يتزعمها سمير جعجع) الذي ينتمي إليه الصقر برمي السهام على الحزب، في حين تعتمد دوائر الأخير سيناريو يصبّ في أن الولايات المتحدة تريد تبرئة الصقر ورمي الاتهام على "حزب الله".
على صعيدٍ آخر، أشار البطريرك الماروني اليوم بعد لقائه الرئيس اللبناني، ميشال عون، في قصر بعبدا الجمهوري، إلى أنه "لا يجب أن يتعاطى السياسيون بشأن الحكومة والوزراء والعدالة وأن لا تتعاطى الطوائف بشأن العدالة والحكومة، نحن في بلد يفصل بين الدين والدولة من جهة وبين السلطات".
وأضاف الراعي "على السياسيين التعاطي بالشؤون السياسية، فلا علاقة لهم بالإدارة أو الوزارة أو القضاء. وما يجعلنا نتراجع في لبنان وما يجعل الحكومة غير قادرة على المضي قدماً وكذلك المجلس النيابي والعدالة كما الأمن، هو تلك التدخلات المتداخلة بعضها ببعض".
البطريرك الراعي بعد لقائه الرئيس عون: أهنّئ اللبنانيين بالحكومة الجديدة لأنّها تفتح طاقة الأمل لأنّنا كنّا نعاني من غياب وجود حكومة وتحدّثت مع رئيس الجمهورية في كافة القضايا المعيشية والاقتصادية والتربوية وملفّ المحروقات pic.twitter.com/2GGgyOYwgZ
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 24, 2021