لبنان: حركة نبيه بري "بلا بركة" حتى ولادة الحكومة رسمياً

01 ابريل 2021
ترتكز مبادرة بري على توسيع الحكومة لتكون بين 20 و24 وزيراً (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

تتجه الأنظار في لبنان الى حركتَيْ رئيس البرلمان نبيه بري، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، لتعبيد الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة تقود البلاد للخروج من الأزمة وتعيد المياه إلى مجاريها بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلَّف سعد الحريري.

وترتكز مبادرة بري على توسيع حجم الحكومة لتكون من عشرين إلى أربعة وعشرين وزيراً، ما يعني تنازل الحريري عن مطلب 18 وزيراً، مقابل تخلّي الرئيس عون عن الثلث المعطّل، رغم أنه يصرّ على تكرار النفي نفسه بأنّه لا يضع شرطا كهذا، وكلّ ما يعنيه التزام الرئيس المكلف بالمعايير الدستورية واحترام التوازنات، وتقديم صيغة جديدة للتشكيلة الوزارية تفتح باب التشاور بينهما تمهيداً لتوقيع مراسيمها.

وفي إطار المشاورات، اجتمع وفد يمثل البطريرك الماروني بالرئيس بري، الأربعاء، ليجري تبادل نتائج الاتصالات الداخلية والخارجية التي يجريها الطرفان. ووضع بري وفد الراعي في أجواء حركته الحكومية، التي تلتقي مع المبادرة الفرنسية، على أن تكون الحكومة مؤلفة من اختصاصيين غير حزبيين، علماً أن هذا الموقف يختلف مع دعوة أمين عام حزب الله لحكومة تكنوسياسية.

ويفضّل محمد خواجة، النائب في كتلة الرئيس بري (التنمية والتحرير)، أن يضع مبادرة رئيس مجلس النواب في خانة "الأفكار" التي يناقشها مع الأفرقاء السياسيين، وخصوصاً الفريقَيْن الأساسيَيْن المعنيَّيْن بالملف الحكومي، ويقول لـ"العربي الجديد": "يبدو أن الزخم اليوم أفضل من المرات السابقة، وهناك إشارات جيدة، ونتمنّى الوصول إلى خواتيم سعيدة، علماً أننا نفضل عدم التفاؤل كثيراً نظراً للتجارب الماضية التي تحمّسنا لأجوائها الإيجابية، بيد أن النتائج أتت سلبية".

ويلفت خواجة إلى أن بري تحدث عن حكومة موسَّعة بحيث يستلم كل وزير حقيبة وزارية دون اعتماد الدمج، التي تواجه إشكالية من ناحية الشكل وصعوبة الضمّ نسبةً إلى الاختصاص.

وفي سياق حركة بري، الذي تُنتظر زيارته إلى قصر بعبدا الجمهوري للقاء الرئيس عون، في حال "نضجت الطبخة الحكومية"، التقى بري، أمس الأربعاء، المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، وجرى استعراض الأوضاع العامة والمستجدات الأمنية والسياسية، كما بحث بري مع الأمين العام لحزب "الطاشناق"، النائب هاغوب بقرادونيان، التطورات والشؤون التشريعية.

وقال مصدر مطلع على أجواء المشاورات التي يقودها بري، لـ"العربي الجديد"، إنّ اللواء إبراهيم، العائد حديثاً من باريس، وضع رئيس مجلس النواب في أجواء زيارته ولقاءاته مع مسؤولين فرنسيين، وحمل معه تأكيداً بأنّ الرئيس إيمانويل ماكرون ما زال يتمسّك بالمبادرة التي أعلنها أكثر من أي وقتٍ مضى، لأنها بمثابة الفرصة الإنقاذية الأخيرة للبنان، وهو في السياق يعطي نوعاً من الليونة لمبادرته لمعرفته بالتركيبة اللبنانية السياسية والطائفية، وجلّ ما يريده هو تشكيل حكومة مؤلفة من اختصاصيين تضع برنامجاً إصلاحياً شفافاً وواضح المعالم والنتائج ويغلق كل مكامن الهدر والفساد.

وأشار المصدر إلى أنّ اللواء إبراهيم نقل امتعاضا فرنسيا من طريقة تعاطي القوى السياسية في لبنان مع الأزمات الخطيرة، والمماطلة في تشكيل الحكومة، ومن هنا يأتي التلويح بالعقوبات الفرنسية الأوروبية من بوابة الضغط.

وبحث رئيس مجلس النواب مع النائب بقرادونيان معضلة الحقيبة الوزارية، باعتبار أنّ الحريري يعتبر "الطاشناق" حزباً ينضوي ضمن "تكتل لبنان القوي"، الذي يرأسه النائب جبران باسيل، وبالتالي يعدّ من ضمن حصّة التكتل، بينما يشدد بقرادونيان، ومن خلفه الرئيس عون، على أن الحزب مستقلّ في قراراته وخطواته التي في مناسبات واستحقاقات كثيرة خرج فيها عن موقف "لبنان القوي".

في الإطار، قال مصدر في "حزب الله" لـ"العربي الجديد"، إنّ مبادرة الرئيس بري مكتملة في بعض العناوين، بيد أن هناك أزمة ثقة عميقة بين الرئيسين عون والحريري، وحتى الساعة لم نرَ أي إيجابية على مستوى الرسائل والمواقف الرسمية من الجانبين.

ولفت إلى أن تعديلات قد تطرأ على المبادرة الفرنسية بقبول من باريس والخارج، الذي كان ميالاً في حركة الدبلوماسيين الأخيرة إلى التسوية بطريقة لا يخرج فيها أي فريق خاسراً أو منتصراً، مشيراً الى أنّ هناك كلاما عن موافقة الحريري على صيغة الأربعة وعشرين وزيراً، ولكن ولو رضي بذلك تبقى هناك معضلة الطرف الذي سيسمي الوزراء، ونوع الحكومة ما إذا كانت مؤلفة من اختصاصيين أو مطعّمة سياسياً.

وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أمس الأربعاء، في كلمة متلفزة خلال احتفال تأبيني: "الكل يعلم أن البلد استنفد حاله وآن الأوان لوضع كل شيء جانباً والذهاب لمعالجة حقيقية للوضع في البلد، والكل يجمع أن تشكيل الحكومة يضعنا على طريق الحل، وخلال هذه الأيام هناك جهود جادة وجماعية للتعاون في محاولة لتذليل بقية العقبات أمام تأليف الحكومة.

في الشأن اللبناني أيضاً، برز موقف للبطريرك الراعي، من خلال مقطع فيديو انتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي أثار معركة كلامية بين مناصري "حزب الله" وداعمي طرح الحياد، وتضمن توجيه جملة أسئلة من البطريرك إلى أمين عام الحزب، وقال: "لماذا أنت ضد الحياد؟ وهل تريد إرغامنا على دخول حرب أنت تقرّرها؟ هل أخذت موافقتي أم سألتنا عن رأينا قبل الدخول إلى سورية والعراق واليمن؟ وقبل أن تشهر الحرب أو السلام مع إسرائيل؟ أنا أعمل لمصلحتك وأنت لا تعمل لمصلحتي أو مصلحة شعبك، حتى هناك أشخاص من حزب الله يأتون إليّ ليقولوا إن السلاح موجه ضدهم ولم يعد بمقدورهم التحمّل".

وكان الراعي قد التقى، أمس الأربعاء، وفداً إيرانياً بحث معه آخر التطورات السياسية والحكومية والأوضاع العامة، في زيارة لافتة تأتي بعد تصريحات إيرانية معترضة على كلام البطريرك الماروني ومبادرة الحياد، ووصل الهجوم إلى حدّ اتهامه بالتطبيع والانحياز إلى الإسرائيليين.

المساهمون