لبنان: جلسة الحكومة لبحث أزمة الوقود تتبخر بعد دعوة عون ورفض دياب

13 اغسطس 2021
دياب (يسار) وعون يتقاذفان جلسة الحكومة بحجة الدستور وسط أزمة الوقود (حسين بيضون)
+ الخط -

مرّة جديدة يتمرّد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، حسان دياب، على رئيس الجمهورية ميشال عون، ويرفض الدعوة التي وجهها إلى مجلس الوزراء للانعقاد بصورةٍ استثنائية بجلسة تخصص "لمعالجة أسباب أزمة عدم توافر المشتقات النفطية على أنواعها في السوق المحلية وانقطاعها من جراء قرار حاكم مصرف لبنان الأحادي بوقف الدعم عن هذه المواد وما يسببه من تداعياتٍ خطيرة".

وأصدر المكتب الإعلامي لدياب بياناً، الجمعة، أكد فيه موقفه المبدئي بعدم خرق الدستور وعدم دعوة مجلس الوزراء للاجتماع بذريعة المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.

وكان لافتاً قبل هذا البيان، بيان رئيس الجمهورية، الذي لم يحدد موعد قيام الجلسة، قوله إنّ "دعوة عون أتت بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء"، قبل أن يعلن الأخير رفضه، ما أثار جملة تساؤلات حول التناقض الواضح والصريح بالبيانَيْن، وما إذا كان مسرحية جديدة تقوم بها الطبقة السياسية الحاكمة لأهداف مشبوهة، كما حصل عندما أظهرت نفسها غير عالمة بخطوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات.

واستندت الرئاسة اللبنانية في دعوتها إلى الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور، وقد بعثت برسالة خطية إلى دياب تؤكد من خلالها أنّ "تصريف الأعمال بالمعنى الضيق لا يحول على الإطلاق دون انعقاد مجلس الوزراء عند توافر عناصر الضرورة القصوى".

وجاء في رسالة عون، أنّ الدعوة أتت "بما أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا يزال مصرّاً على موقفه بالرغم من القوانين والقرارات التي تمكنه من العودة عن قراره وإعادة توفير الدعم للمشتقات النفطية، وبما أن اللجنة الوزارية المعنية بالعمل على وضع أسس البطاقة التمويلية قد أنهت أعمالها ووضعت الآلية اللازمة لتنفيذها وتوزيعها والمتوقع صدورها قريباً، وبالرغم من الاجتماعات ذات الصلة التي عقدت أمس الخميس، وبما أن المصرف المركزي هو شخص من أشخاص القانون العام، وأن الحكومة هي التي تضع السياسات العامة في كل المجالات".

ويقول الأستاذ في القانون الدولي والخبير القانوني المحامي أنطوان صفير، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنه "من حيث المبدأ لا يجوز أن ينعقد مجلس الوزراء في ظلّ حكومة مستقيلة لأنها فقدت مشروعيتها ولا يمكن لمجلس النواب أن يحاسبها، لكن في المقابل هذا لا يعني أن السلطة الإجرائية لا تنعقد بالمطلق، بل عليها ذلك عند حالة الضرورة إذ هناك مقتضيات في حالة الطوارئ بقضايا لا يمكن تأجيلها أو تركها فقط لأن ليس هناك حكومة في البلاد".

وحول التناقض في بيان كل من الرئيسين عون ودياب، يوضح صفير أن "دعوة رئيس الجمهورية يجب أن تتم بالاتفاق مع رئيس الوزراء وفق النص الدستوري، ما يضعنا أمام فرضيات إما أنّ الدعوة لم تقم وفق الأصول؛ أي لم يتشاور عون مع دياب فيها، أو تشاورا واتفقا ومن ثم حصل خلاف ما وتراجع دياب".

وترددت أخبار عن أنّ الرئيس عون أراد من خلال دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد إقالة حاكم مصرف لبنان الذي كان رئيس الجمهورية جدّد له، وذلك في ظلّ الهجوم الذي يشنه فريق رئيس الجمهورية، وخصوصاً صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، على سلامة، الذي اعتبر قراره "قاتلاً ويفجر البلد". وفي هذا السياق، يقول صفير إنّ "لمجلس الوزراء إقالة حاكم المصرف المركزي بحالات معينة، من بينها الإخلال بالموجبات الوظيفية، العجز الصحي المثبت وفق الأصول، ارتكاب خطأ فادح في تسيير الأعمال، عدا عن الاستقالة الاختيارية".

وتحتاج إقالة حاكم مصرف لبنان إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة.

وكان باسيل قد دعا إلى التحرك لمواجهة خطوة حاكم مصرف لبنان على مختلف المستويات من ضمنها في الشارع، حيث تظاهر مناصروه ضدّ سلامة الخميس، كما سأل باسيل، في سلسلة تغريدات على "تويتر" "لماذا لا تجتمع الحكومة لتأكيد مرجعيتها أو لأخذ إجراءات بحق حاكم مصرف لبنان بحال لم يتجاوب؟"، مشيراً إلى أن "هناك حرباً اقتصادية تشن علينا ومن ينفذها رياض سلامة".

وأثارت تغريدات باسيل امتعاض فريق رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري المقرب من رياض سلامة وداعمه، إذ علّق منسق الإعلام في "تيار المستقبل" عبد السلام موسى، على كلامه بهجوم حاد، متوجهاً إلى باسيل بتسميته "دجال الجمهورية الذي يريد أن يقنع اللبنانيين أن الحاكم بأمر العهد هو رياض سلامة، وأن الرئيس القوي الساكن في بعبدا غير حاكم وغير مسؤول ولا يملك سلطة اتخاذ القرار وتوجيه البلاد".