لبنان: بدء جلسات تحقيق لمحاسبة المعتدين على متظاهري 8 أغسطس

10 ديسمبر 2020
الأجهزة الأمنية استخدمت القوّة المفرطة والفتّاكة ضد المتظاهرين (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

انعقدت، اليوم الخميس، جلسة التحقيق الأولى لمحاسبة المعتدين على مشاركين في تظاهرة 8 أغسطس/ آب في وسط بيروت، والمدعى عليهم بتهم جنائية، تتضمن محاولة قتل، وإيذاءً مقصوداً مباشراً، والإيذاء باستخدام السلاح، وغيرها.

وتسبب استخدام الأجهزة الأمنية القوّة المفرطة والفتّاكة في بعض الأحيان ضد متظاهرين سلميين في وسط بيروت، بتاريخ 8 أغسطس/آب الماضي، بمئات الإصابات وثقتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، وذلك يوم نزل إلى الشارع عشرات الآلاف من المعتصمين احتجاجاً على انفجار المرفأ الذي راح ضحيته ما يزيد عن 190 قتيلاً، وأصاب أكثر من 7 آلاف شخص، وخلّف دماراً حوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة منكوبة.

وقال المحامي جاد طعمة، لـ"العربي الجديد"، إنّ الشكوى اليوم مقدَّمة من مصابَيْن اثنَيْن في تظاهرة 8 أغسطس/ آب، وستليها بقية الشكاوى تباعاً، بوجه عناصر أمنية كانت ترتدي لباساً مدنياً، وأخرى تابعة لشرطة مجلس النواب، وقوى الأمن الداخلي، وأجهزة أخرى، لمعرفة هويتها ومحاسبتها على أفعالها الجرمية التي نتج عنها ضرر دائم وتعطيل عن العمل، وصل إلى حدّ فقدان بعضهم البصر، إثر استخدام العناصر الذخيرة الحية، والأعيرة النارية، والخردق، والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، بشكل مباشر وعمدي، على المتظاهرين بعضهم في الرأس والعين والعنق والشفاه، ومن مسافات قريبة جداً، في تجاوزات ومخالفات واضحة وصريحة للقانون.

ويرى طعمة، وكيل المصابَيْن، والذي يتابع الملف مع مجموعة "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"، أنّ "القضاء اليوم أمام امتحان وتحد كبير، فهل سيطبِّق العدالة عندما يكون العنصر المخطئ من الأجهزة الأمنية؟ وهل ستساعد الأجهزة الأمنية وتتعاون مع السلطات القضائية لكشف المعتدين وهوياتهم تمهيداً لمحاسبتهم ومعاقبتهم مسلكياً وتطبيق القانون عليهم؟".

وأشار المحامي ذاته إلى أن الجلسة المقبلة حُدِّدَت في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل أمام قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد، وسيتم اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة من قبله لمحاولة التوصل إلى كشف هوية العناصر وكل من تجاوز القانون في تظاهرة 8 أغسطس/ آب، مشدداً على أن "التحدي اليوم اجتازه المصابون عند سلكهم الطريق القضائي، وهذه خطوة شجاعة وجريئة، لأنها تأتي بوجه الأجهزة الأمنية، ويبقى على القضاء أن يثبت أنه سلطة مستقلة، كما على الدولة أن تثبت أنها دولة قانون لا دولة بوليسية".

من جهته، لفت عبدالله الحاج، وهو من المصابين الذين تقدّموا بالشكوى، من أمام قصر العدل في بيروت حيث نظّم عددٌ من الناشطين تحرّكاً بالتزامن مع انعقاد الجلسة الأولى، إلى أنه توجه بكلامه إلى القاضي، وقال له: "إذا أنت قاضٍ على مستوى الوطن، أتمنى أن يكون حكمك على مستوى وطن. هذه عيوننا التي راحت، ونحن طلاب حق وقانون وعدل، ونزلنا للمطالبة بدولة محترمة، فأطفأوا أعيننا".

وقال المحامي واصف الحركة، في منشور على صفحته عبر "فيسبوك"، وهو من ضمن المجموعة المتابعة للقضية، إنه "في 8 آب، ارتكبت السلطة أفعالاً جرمية، استخدمت جماعات بلطجية، أسلحة محرّمة، وبوجوهٍ مكشوفة، وفقأت عيوننا"، مضيفاً: "أمام مافيا الحكم، إما يتحرك القضاء.. وينتزع نزاهته بمحاسبة المجرمين، وإما سننتزع ما تبقى من حقنا ولو كلفنا هذا أغلى الأثمان".

ويتمنّى المصابون في التظاهرة أن يحكم القضاء بعدل من دون أن يتأثر بالتدخلات السياسية والحزبية، علماً أنّ المحاسبة تأخرت، ومرّت أشهر على القضية، من دون الكشف عن هوية المعتدين، بل تم استهداف من أثار الموضوع إعلامياً وتطرّق إلى التجاوزات والانتهاكات التي طاولت حرية التعبير والرأي، وانتقد ارتكابات شرطة مجلس النواب المحسوبة على رئيس البرلمان نبيه بري، فكان الادعاء على الإعلاميين ديما صادق ورياض طوق، والناشط فاروق يعقوب، واستدعاؤهم على خلفية شكوى مقدّمة من الرئيس بري، بتهم إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقدح والذمّ والتحقير.