وافقت اللجان النيابية المشتركة في لبنان، خلال جلسة عقدتها اليوم الخميس في مجلس النواب، على تقريب موعد الانتخابات النيابية إلى 27 مارس/آذار المقبل بدلاً من 8 مايو/أيار 2022 مع تحفظ تكتل "لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر الرئيس ميشال عون).
وحضر الجلسة، التي عقُدت برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، إلى جانب أعضاء اللجان ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، وخُصصت لمناقشة اقتراحات القوانين المتعلقة بالانتخابات النيابية المدرجة على جدول الأعمال.
ويوضح الأستاذ في القانون الدولي والخبير الدستوري المحامي أنطوان صفير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القرار النهائي سيكون بيد الهيئة العامة لمجلس النواب وليس اللجان، باعتبار أن تقريب موعد إجراء الانتخابات النيابية يحتاج إلى تعديل لقانون الانتخابات المعمول به حالياً، وبالتالي تحديد مهلة جديدة غير تلك التي حدِّدت فيه.
ويعتبر صفير أن الموافقة اليوم يمكن وضعها في إطار التمهيد لتقريب موعد الانتخابات على أمل أن تكون حافزاً لإجرائها في ظلّ المخاوف المستمرّة من محاولات تطييرها ومن وجود قطب مخفية لا نعرفها.
وأكد وزير الداخلية بسام مولوي، في أكثر من تصريح، جهوزية الجهات الأمنية لتنظيم الانتخابات في حال تقديم موعدها إلى مارس/آذار، لكنه في المقابل ترك الموضوع بيد مجلس النواب المعني بذلك، باعتبار أن تغيير الموعد يحتاج إلى تعديل تشريعي في البرلمان.
ودعت "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" لاعتماد 8 مايو/أيار موعداً لإجراء الانتخابات وعدم المساس بحق الاقتراع المكتسب لغير المقيمين. ورأت الجمعية أن "السلطة السياسية تعلم أن أي تقريب للموعد يتطلب إجراءات جمة، وأن تصبح وزارة الداخلية خلية نحل تحضيراً للاستحقاق".
ولفتت إلى أن تحديد تاريخ 27 مارس/آذار، في حال أقرّ بمجلس النواب، يعني أن دعوة الهيئات الناخبة ستكون في 27 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ما يستوجب أن تكون الحكومة قد سبق لها أن عينت هيئة إشراف جديدة على الانتخابات في الأشهر الماضية ورصدت وصرفت الاعتمادات المالية اللازمة لها والأخيرة باشرت عملها في التحضير للعملية الانتخابية ومراقبتها، وفي طليعتها الحملة الإعلامية الخاصة بنشر الثقافة الانتخابية وإرشاد الناخبين، وهو ما لم يبدأ بعد.
وأبدى "تكتل لبنان القوي" تحفّظه على مسألة تقريب موعد الانتخابات النيابية، وقال النائب في التكتل إدكار طرابلسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ التحفظ مرتبط بأسباب وعوامل كثيرة لا تسمح بإجراء الاستحقاق في مارس/آذار، منها المناسبات الدينية وحال الطقس والتحضيرات اللازمة ولوائح الشطب، وغير ذلك، بينما نحن موقفنا معروف من إجرائها في موعدها بمطلع مايو/أيار، كما حددت المهلة في قانون الانتخابات.
وعبّر باسيل، في كلمة له، الثلاثاء، خُصصت للملف الانتخابي، عن رفضه إدخال أي تعديلات جوهرية على القانون الانتخابي، مشيراً إلى أنه "عندنا خوف من أن يفتح الحديث عن تعديلات بسيطة باب الدخول إلى تعديلات أساسيّة تطيح بالمبادئ مثلما هي ظاهرة النيّة بخصوص حرمان المنتشرين (المغتربين) من حقوقهم في أن يتمثلوا بنوّاب من بينهم في القارات الست التي ينتشرون فيها".
من جهة ثانية، أكد طرابلسي، لـ"العربي الجديد"، على موقف "تكتل لبنان القوي" من تطبيق قانون الانتخاب ببنوده على صعيد انتخاب المنتشرين 6 نواب يمثلون القارات ويتوزعون مناصفة بين المسيحيين والمسلمين أو السفر إلى لبنان والاقتراع لمرشحيهم في أقضيتهم ودوائرهم الانتخابية.
ولم تدخل مسألة المقاعد الستة، التي ستضاف إلى الـ128، حيز التطبيق في انتخابات عام 2018، إذ صوّت اللبنانيون في الخارج للمرة الأولى على أن تطبق في استحقاق 2022، ليُصار عام 2026 إلى احتساب هذه المقاعد الستة من ضمن عدد النواب، أي إلغاء 6 مقاعد من الداخل.
وهناك تباين داخلي كبير في لبنان بين من يؤيدون حصر اقتراع المغتربين بالنواب الستة، خصوصاً من جهة تكتل باسيل و"حزب الله" وحلفائه، وبين الرافضين تماماً له، على رأسهم "حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، باعتبار أن المطلوب إشراك المغترب في عملية التغيير من مكان إقامته من دون الحاجة للمجيء إلى لبنان، وعلى صعيد كل النواب وكل الدوائر الانتخابية.
وتُتّهم أحزاب السلطة بنيّتها تطيير الانتخابات النيابية، رغم خطواتها ومواقفها العلنية، وكذلك بإلغاء حق المغتربين بالمشاركة بالعملية الانتخابية كما يجب، نظراً للخسائر التي ستتعرّض لها، وللنقمة الشعبية عليها، وخصوصاً من قبل المغتربين، الذين لا يمكن لأي حزب، خصوصاً "حزب الله"، أن يؤثر على أصواتهم أو يرهبهم. وكثف المغتربون من تحركاتهم ومشاركتهم في الحياة السياسية المتصلة بلبنان بعد انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول وانفجار مرفأ بيروت.
ويتَّهم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بنيته تطيير الانتخابات، وخصوصاً من جانب معارضيه و"القوات اللبنانية"، لأنه باعتقادهم سيكون أكبر الخاسرين في الاستحقاق بعدما كان يملك أكبر كتلة نيابية في البرلمان، ما سيؤثر على حظوظه وحظوظ فريقه في الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد الانتخابات النيابية.
وشهدت الجلسة انسحاب رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائبة عناية عز الدين (عضو في كتلة التنمية والتحرير برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري)، بعد رفض الكتل النيابية أي نقاشٍ جدّي باقتراح القانون الذي تقدّمت به باسم "التحالف المدني" (يضم 50 هيئة مدنية نسائية)، لإقرار الكوتا النسائية بـ26 مقعداً.