أصيب أكثر من 20 شخصاً بينهم ثلاث حالات حرجة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان نتيجة الاشتباكات، المتواصلة منذ مساء أمس الخميس، بين قوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لحركة "فتح" ومجموعات مسلحة، وشهد المخيم حركة نزوح كثيفة إلى مسجد الموصلي إضافة إلى أضرار مادية جسيمة.
وقال مصدرٌ عسكريٌّ في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد" إن "جميع الطرق المؤدية إلى مخيم عين الحلوة مقطوعة، وهناك تدابير أمنية مشددة في منطقة صيدا، وإجراءات سير استثنائية اتخذت منذ ليل أمس مع تجدد الاشتباكات، وستبقى مستمرّة إلى حين عودة الهدوء".
وأشار إلى أن "الوضع منذ الصباح متوتر جداً، وهناك اشتباكات مسلحة متقطعة على أكثر من محور، والتواصل قائم مع الفصائل والقوى الفلسطينية بهدف وقف إطلاق النار، وإعادة الهدوء إلى المنطقة".
من جهته، قال مدير مستشفى الهمشري، الدكتور رياض أبو العينين، لـ"العربي الجديد" إن "الاشتباكات متقطعة حالياً، ساعات متشددة، وأحياناً خفيفة، في معظم محاور مخيم عين الحلوة، البركسات، التعمير، الطوارئ، والصفصاف، وغيرها، وقد طاول القصف محيط المخيم، ووصلت بعض الشظايا والرصاص إلى صيدا، وهناك 20 إصابة وصلت منذ ليل أمس، ولا نزال نستقبل الجرحى".
ولفت أبو العينين إلى أن "بعض الإصابات طفيفة، وتتم معالجتها سريعاً، منها تعرّضت لشظايا وأخرى لطلقات نارية، وهناك 3 إصابات حرجة وخطرة، لكن لم تسجل أي حالة وفاة بعد"، مشيراً إلى أنه "تم تسجيل حركة نزوح كثيفة نحو جامع الموصلي في محيط المخيّم، وقد تُفتَح مدارس في صيدا في حال زادت الأعداد، منها مدرسة عسقلان".
وأشار مدير مستشفى الهمشري، إلى أن "المعارك فُتِحت في أكثر من جبهة، والوضع بحالة استنفار تام ويوجد تخوّف من تطوّر الأوضاع أكثر، خصوصاً أن المشهد يذكرنا ببداية المعركة قبل أكثر من شهر".
في السياق، أقفلت الجامعة اللبنانية في مدينة صيدا أبوابها نتيجة المستجدات الأمنية وأعلنت، في بيان، تأجيل الامتحانات، التي كانت مقرّرة اليوم الجمعة، إلى موعدٍ لاحقٍ.
ودعت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، في بيانٍ، إلى "وقف إطلاق النار إفساحاً في المجال أمام القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في المخيم وهيئة العمل المشترك في صيدا، للقيام بواجباتهما وتنفيذ ما أوكل إليها، من هيئة العمل في لبنان".
وأوضحت حركة "فتح" في بيان، الخميس، أنها وقوات الأمن الوطني الفلسطيني "نجحت في إحباط محاولة تسلل وهجوم نفذتهما العصابات الإرهابية التي تنسب إلى قتلة اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه على مقارّ الحركة".
وقالت في بيانها، إن "هذه المحاولة الفاشلة جاءت بهدف عرقلة اجتماع هيئة العمل الفلسطينية المشتركة".
هدوء حذر
وقال العقيد أبو إياد شعلان، الذي عُيِّن قائداً للأمن الوطني الفلسطيني خلفاً للواء العرموشي، لـ"العربي الجديد" إن "هناك قراراً بوقف اطلاق النار، لكن يتخلّله بعض التجاوزات أحياناً، ونحن نبذل جهوداً أيضاً لوقف اطلاق النار من طرفنا، وهناك تدخلات من القوى السياسية وهيئة العمل الفلسطيني المشترك لمتابعة الاتفاق والأحداث التي تجري داخل المخيم".
ويلفت شعلان إلى أن "الاشتباكات تجدّدت أمس الخميس بالتزامن مع اجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك، الذي كان يهدف إلى تنفيذ ما تم اتخاذه من قرارات منها ما هو مرتبط بإخلاء مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من المسلّحين، على أن تأتي بعد هذه الخطوة، مرحلة تسليم المطلوبين، وعلى أساس أن يُبحَث اليوم في الآليات بهدف تسليم المدارس للوكالة، لكن يبدو أن ذلك لم يعجب الإرهابيين الموجودين في حيّ التعمير، فأقدموا على تفجير الوضع بغية افشال ما تمّ الاتفاق عليه".
بدوره، قال الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري، النائب أسامة سعد، لـ"العربي الجديد" إن "مخيم عين الحلوة يشهد هدوءاً حالياً لكن غير مستقرّ، والعمل يجري الآن لتثبيت مسار المعالجة المُتَّفق عليه، والذي ارتكز على تشكيل لجنة تحقيق وتحديد المسؤولين عن اغتيال اللواء العرموشي ومرافقيه، وتسليم المطلوبين والمسؤولين عن الجريمة إلى السلطات اللبنانية".
وأشار سعد إلى أن "مسار المعالجة حصل بتوافق كامل من جانب الفصائل الفلسطينية، منظمة التحرير، والتحالف الوطني الفلسطيني بكل مكوناته، والقوى الإسلامية، وتحديداً عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة، وبحضور لبناني سياسي ورسمي، وكانت الخطوة الأخيرة تشكيل وتعزيز قوّة أمنية مشتركة، بعدما رفضت الجماعات المتطرفة تسليم المطلوبين، تقوم بمهام عدّة، منها تثبيت وقف اطلاق النار، إزالة كل أشكال المظاهر المسلّحة من المخيم، وإخراج المسلّحين من مدارس الأونروا، وعددها ستّة، وتضمّ حوالي 8 آلاف تلميذ، خصوصاً أننا على أبواب بدء العام الدراسي".
ولفت إلى أن "القرار أخيراً كان بأن تشرف القوّة الأمنية على إخراج المسلحين من المدارس وتسليمها للأونروا، على أن يلي ذلك ضغط لتسليم المطلوبين، بيد أن الجماعات الخارجة عن القانون، رفضت بداية إخلاء المدارس التي تتمركز فيها، ورفضت تسليم المطلوبين، فكانت الانتكاسة التي حصلت ليل أمس لوقف إطلاق النار، واستمرّت الاشتباكات حتى صباح اليوم".
وشدد سعد على أن "المخيم لم يعد يحتمل جماعات توتر الأوضاع باستمرار وترفض الالتزام بالإجماع الوطني الفلسطيني، علماً أن جزءاً من هذه الجماعات هي من خارج المخيم، وملاحقة من السلطات اللبنانية، وتحمل أجندات توتيرية بهذه المنطقة الحسّاسة، إذ علينا أن لا ننسى، أن مخيم عين الحلوة وهو من أكبر المخيمات في الوطن العربي، يقع في قلب صيدا تقريباً، بطرفها الشرقي، وهو بمثابة حيّ من أحيائها، والمدينة تتميز بتنوعها السياسي والطائفي والمذهبي، وهي نقطة وصل بين الجنوب وبيروت، من هنا فإن هذه الاستهدافات خبيثة، ويجب وضع حدٍّ لها، تمسّ أمن الفلسطينيين واللبنانيين معاً".
وأكد سعد أننا نسعى لعدم تطوّر الأوضاع والدفع باتجاه مسار معالجة غير عنفية، وعلى القوى والفصائل الفلسطينية التي أعلنت الالتزام بهذا المسار، أن تطبقه جدياً وفعلياً، وتضع حدّاً لتمادي هذه الجماعات بتوتير الأوضاع، وتعريض أمن المدينة والأمن الوطني اللبناني والشعب الفلسطيني لأفدح الأخطار، مشدداً، على ضرورة أن تتعاون جميع القوى الفلسطينية لأجل ذلك، فالمشكلة ليست محصورة بين فتح وهذه الجماعات أو بين فصيلين فلسطينيين، بل بين من يريد الاستقرار والهدوء وبين جماعات خارجة عن الاجماع الفلسطيني وضوابط الأمن اللبناني.